آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

التاريخ والدين والمصالح!

فوزي صادق * صحيفة اليوم

بدأ الاهتمام رسمياً بعلم الأديان «الرواية الدينية» وعلم الآثار وعلم الميثولوجيا «علم الأساطير» في منتصف القرن التاسع عشر، وأصبحت علوماً إنسانية منهجية تدرّس بالجامعات، وكانت في السابق خليطا من الفن! ولم يعد الدين كعقيدة مؤدلجة كما في القرون الوسطى، التي مزجت بين الإيمان والعلم والسياسة، وأول بذرة للأساطير بدأت مع المدونات «السومرية» بالعراق، ثم اليونانية، وتواترت تلك الأساطير التراثية على مر التاريخ، وتعلقت بعقول رجال الدين والكهنة، وطعّموا أديانهم بها حتى تم التعبد بها، وللمعلومة لم يكن في التراث الفرعوني أي أساطير.

دراسة علم الأديان تحتاج إلى الحيادية والمصداقية والشفافية، لذلك على الباحث أو العالم أن يتخلى عن ثوب العاطفة، وألا يجر النار إلى قرصه أثناء عملية البحث والتدوين في مختبر علم الأديان، فالإيمان الديني مكانه القلب، والإيمان البرهاني مكانه العقل، وإذا أردت أن تبحث عن وجود الله، فابحث عنه في قلبك، وإن لم تجده في قلبك، فإنك لن تجده في أي مكان آخر، قال تعالى: «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم»، وألا نخلط بين القناعة العقلية، والإيمان الديني.

قبل الأديان السماوية «الشمولية» كانت كل الأديان قومية مختصة بقبيلة معينة، ولم يوجد بينهم تنافس، ولا مبشرون، ولم يسجل التاريخ أي حروب دينية كبرى في زمانهم إلا بعد ظهور الأديان السماوية، والسبب احتكار الحقيقة لكل دين، وأن الجنة لهم والنار للمخالفين.

اليوم أصبح العالم بكل أديانه وعقائده قرية واحدة، وأي ضرر هنا أو هناك سيصيب الجميع، كما هو الحال مع جائحة كورونا، التي وحدتنا وأشغلتنا مع أنفسنا. فقوم يبحثون عن الدواء، وآخرون ينتظرون النتيجة، لذا ومن هذا الواقع أصبح إلزاماً علينا التصالح مع باقي البشر بعقائدهم وأفكارهم، لكي نعيش في أمن وسلام، ولتبادل المنفعة وجر المصلحة، وأن نبتعد عن النعرات الدينية وصناعة الفتن، وإن نقبل الناس «كما هم» ليقبلونا «كما نحن»، فالكل مقتنع بما لديه ويشترك مع باقي البشر بالإنسانية، وإذا لم يعجبك رأيي، قاطعهم بسبب إيمانهم ونموت بحسرة بدون دواء!

كاتب و روائي - الدمام