آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 6:21 م

انتحال في الزمن المكشوف «2»

عبد العظيم شلي

بين يوم وآخر تردنا أخبار عن اختراق وانتحال حسابات عديدة، سواء في الفيسبوك أو الانستقرام أو الواتس أب، وندهش لتكرار عمليات الانتحال والاختراق، رغم التنبيهات المستمرة بأخذ الحيطة والحذر.

عمليات قذرة تتعاظم وتتوسع على مستوى العالم، وبحسب ماجاء في الموسوعة الحرة - ويكيبيديا - عن حادثة اختراق ضخمة حيث: «تعرض مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في يوم 25 سبتمبر عام 2018 لاختراق من قبل قراصنة أدى إلى سرقة معلومات 50 مليون حسابا..»!

ياله من رقم مهول وحدث مفزع، كيف حدث ذلك؟، تتعدد التفسيرات، وتتشابك الأسئلة، هل تقف وراء هذه القرصنة عصابات، أم منظمات إرهابية، أم أيد خفية، معلوم بأن ورائها هكر محترف، ماينفك إلا ويفاجئ الجميع بعمليات اختراقات مستحدثة، وذلك عبر برمجيات خاصة أو من خلال ثغرات تقنية أي خلل في تصنيع بعض الأجهزة.

بالنسبة لبرنامج ”الواتس أب“ يتم اختراقه عبر روابط معينة ترد كرسالة نصية أو حتى عادية، ضمن طلب ما، أو إعلان لشيء معين، أو تسويق بضاعة أو منتج ما، وأحياناً طلب الإنضمام إلى قروب جديد، وهنا يؤخذ الأمر عند البعض بحسن نية، ويطاح بالمستهدف بحيلة لم تكن في الحسبان.

قبل بضعة أيام وردتني رسالتان هامتان من أحد الإخوة الكرام وهو متقاعد مثلي ينبهني فيهما ضمنياً لأخذ الحيطة والحذر. وذلك عبر رسالتان وصلتاه عن طريق آخرين وبعثهما لي حالاً، الأولى نصية والثانية صوتية وكلاهما مرتبطتان ببعض، فحواهما بأن أحد الأشخاص يشكو حاله بسبب شرك وقع فيه من خلال رسالة نصية وصلت إليه عبر جواله، مفادها: «عزيزي المشترك # بياناتك - الوظيفية - موثقة، بادر بالاطلاع عليها واستكشف خدماتنا الموجهة للمشتركين» مع وجود رابط في أسفل الرسالة، وهو الكمين الذي وقع فيه صاحب الرسالة الصوتية، والتي يقول فيها محذراً الآخرين، وقد نقلت كلامه حرفيا حسب لهجته دون تغيير باستثناء حذف اسم البنك الذي يتعامل معه: «انتبهوا من ذي الرسالة يالربع، الله يسلط عليهم، والله أنها جتني، وفتحتها احسب أنها حقت التقاعد، من مؤسسة التقاعد، أجي أدور بالجوال ذالحين لحسابات حق بنك...، ذي ماعاد هي موجودة، والله إني ما أعلم فين راحت، قيد جوالي فاضي».

مجرمون يأتون على حين غفلة، باستدراج الأفراد الذي يتعاملون مع دوائر رسمية أو مؤسسات خاصة أو عامة، وكأن الامر طبيعي، حينها يؤخذ الغافل في لحظة سهو بعدم التحقق من جانبه فيطاح به اختراقاً.

وعلى هذا المنوال تتوارد كل يوم اختراقات موقعة الضحايا في فخاخ منصوبة، جراء خداع وألاعيب غير متوقعة.

كم من النداءات التي ترسل للجميع بعدم فتح أي روابط مشبوهة، لئلا يقع مالا يحمد عقباه.

أخبار تتوالى منذ القدم بأن البشرية عرفت قطاع طرق البر وقراصنة البحر، أما اليوم غزا الناس سراق الفضاء ويطلق على عمالياتهم ب «القرصنة الرقمية»، وقد زادت أعدادهم كأنهم جراد منتشر.

هدف هؤلاء سرقة أموال الناس، وأيضاً عمليات ابتزاز أخرى، يتم ذلك بطرق ملتوية، وللأسف يقع من يقع فريسة لهذه الحيل الخبيثة.

ووسط طوفان هذا الضجيج، ينأ العاقل الذي يتعض بغيره، وإن كان الأمر بات مكشوفا للعيان، لكن الحذر كل الحذر من الخبثاء الذين لايستكينون، يبتكرون أنماطاً جديدة للاختراقات تارة بطرق مألوفة وأخرى لاترد في الحسبان.

كفانا الله شرورهم، وجعل كيدهم في نحوره وجنبنا إجرامهم.