آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

نعود بلا تهاون

محمد أحمد التاروتي *

رفع الحظر المفروض على جميع الأنشطة، والفعاليات الترفيهية، ودور السينما، والمراكز الترفيهية الداخلية، لا يمثل انتهاء كابوس الوباء الذي ما يزال يفتك بالبشرية منذ أواخر عام 2019، خصوصا وان الأرقام على المستوى العالمي في تزايد مستمر، فضلا عن استمرار تسجيل المزيد من الإصابات بشكل يومي، مما يضع الجميع امام تحديات حقيقية، وضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية، باعتبارها الوسيلة القادرة على إعادة الأمور لسابق عهدها، وبالتالي فان التراخي والاستهتار يخلق مشكلة حقيقية في السيطرة على الوضع.

المؤشرات المشجعة لعبت دورا أساسيا، في اتخاذ قرار التخفيف من الاغلاق الشامل، للعديد من الأنشطة الاقتصادية، الامر الذي يسهم في عودة الدورة الاقتصادية للسوق المحلية، خصوصا وان الإجراءات الاحترازية المشددة فرضتها الزيادة الملحوظة، في اجمالي الإصابات بفيروس كورونا، وبالتالي فان استمرار الحظر على التجمعات البشرية، عنصر أساسي لابقاء الأوضاع تحت السيطرة، بمعنى اخر، فان الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وعدم التهاون يشجع على اتخاذ خطوات أخرى، بيد ان عدم التعامل بحذر يمثل خطورة كبرى في حدوث انتكاسة جديدة، مما يضع المجتمع في مواجهة مباشرة مع مزيد من انتقال العدوى، وارتفاع معدلات الإصابة في الكيان الاجتماعي.

استمرار حملات التلقيح، وارتفاع إعداد الراغبين في الحصول على التطعيم، عوامل أساسية في السير بالاتجاه الصحيح، بيد ان التعويل على التطعيم دون الالتزام بالإجراءات الاحترازية، ليس مبررا على الاطلاق في المخاوف من الدخول في موجات جديدة، نظرا لاكتشاف سلالات حديثة متطورة من الفيروس القاتل، خصوصا وان الامصال عنصر مساعد في تقليل العدوى، الامر الذي يدفع باتجاه انتهاج مبدأ ”الحذر“، وعدم التهاون على الاطلاق، نظرا لاحتمالية الإصابة بالفيروس بين لحظة وأخرى.

الإجراءات الاحترازية الصارمة التي بذلتها الدولة، منذ اكتشاف الإصابة الأولى في مارس 2020، شكلت قاعدة أساسية في نشر ثقافة التعامل مع الفيروس القاتل، خصوصا وان تلك البرتوكولات ساعدت في تطويق بؤر الفيروس، جراء انتهاج سياسة ”الحجر المنزلي“، وكذلك منع التجول لفترات متفاوتة، الامر الذي ساهم في حماية المجتمع من الإصابة الجماعية بالوباء القاتل، وبالتالي فان المسؤولية الاجتماعية تفرض الحرص في المرحلة الحالية، لتفادي التفريط في المكاسب الكثيرة المتحققة في الأشهر الماضية.

الجميع يراهن على الوعي الاجتماعي، في الخروج من التحدي الخطير، فالدولة تراهن على التعاون الكبير من المواطنين، بهدف إزالة كافة الإجراءات الاحترازية المعمول بها حاليا، فالاشهر الماضية سجلت التزاما ملحوظا، مع القرارات الصادرة من الدولة، الامر الذي انعكس على التراجع الكبير في اجمالي الإصابات، مما احدث ارتياحا كبيرا لدى الجميع، بيد ان انتهاء الجائحة يتطلب الكثير من الجهد، والمزيد من التعاون المشترك، فالجميع يتحرك باتجاه الهدف المشترك، في العودة للحياة الطبيعية مرة أخرى، لاسيما وان الجميع عاش فترات عصيبة خلال الأشهر الماضية، سواء نتيجة الإجراءات الاحترازية الصارمة، او بسبب فقدان بعض الاحبة جراء الإصابة بالفيروس.

المرحلة الصعبة التي عاشها الجميع، في طريقها للانحسار بشكل تدريجي، فالاجواء الإيجابية والملامح الانفراجية تلوح في الأفق، فالمؤشرات الحالية توحي بالسيطرة على الوضع، والمنظومة الصحية استطاعت التعامل باحترافية، مع التحدي الكبير الذي عاشته في الأشهر الماضية، وبالتالي فان فرحة الوطن بالانتصار على الجائحة، مرهونة بمدى التعاون، والتعامل بمسؤولية كبرى، لاسيما وان الدولة بمختلف أجهزتها تتشارك في التغلب على تداعيات وباء كورونا، الامر الذي يفرض التحرك بشكل متوازي مع المساعي الحكومية، للوصول الى الانتصار على الفيروس.

المخاطر الكبيرة التي تعيشها البشرية نتيجة جائحة كورونا، تفرض تبني ثقافة مسؤولة تجاه الاخطار الحقيقية، خصوصا وان اللامبالاة تخلق واقعا مريرا على الجميع، انطلاقا من قاعدة ”الشر يعم والخير يخص“، وبالتالي فان المرحلة الحالية تستدعي اتخاذ الخطوات المحسوبة بدقة، والابتعاد عن التهور والعمل بالتوازي مع الخطط المرسومة، باعتبارها الطريق السليم للوصول الى النهاية السعيدة.

كاتب صحفي