تاروت خارج قائمة اليونسكو
الأخبار تقول بأن هنالك منطقة تاريخية سعودية تدعى ”حمى“ جرى إدراجها مؤخرا ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهي عبارة عن طريق قديم للقوافل في امتداد الجزيرة العربية وبه آثار نقوش وآبار متفرقة.. هذا ما يرفع المواقع السعودية المسجلة إلى 6 مواقع مابين مواقع أثرية وأخرى طبيعية.
أخبار مبهجة حتما، لأن هذا البلد الذي خسر الكثير من الآثار سابقا، لأسباب يمنعنا الملل من ذكرها، مازال يحتضن ذاكرة عميقة تستحق أن يعاد لها الاعتبار، لا لأجل السياحة وإن كان في ذلك شيء من أهداف التسجيل، وإنما من أجل حفظ التاريخ من جهة، ودراسته، وتقديمه كمادة ثقافة ومعرفية، فهي الدليل المادي على تحولات الأرض والإنسان عبر الزمان.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، سأستذكر قلعة تاروت، المعلم التاريخي الأبرز، ويكاد أن يكون الوحيد، بطول محافظة القطيف، كأحد المواقع التي تنطبق عليها اشتراطات قائمة التراث العالمي، غير أنها مازالت تدور ضمن دائرة الأمنيات لا أكثر، فلو جربت البحث عن قلعة تاروت في موقع اليونسكو للتراث العالمي فلن تجد لها أثرا، لسبب بسيط أنها لم تسجل بعد، والحديث المتكرر عن تسجيلها ستجده لا يتجاوز الإعلان عن رغبة مواطن هنا ومواطن هناك، فحتى المجلس البلدي الذي فتح باب النقاش حوله قبل عام أو أكثر نسي الباب مفتوحا ولم يعد بعدها!.
تسجيل القلعة ضمن التراث العالمي لا صلة له بالتنافس والغيرة من المواقع الأخرى، بل هو حاجة ملحة لإعادة الاعتبار لهذا الموقع، وحمايته، واستكمال جهود المسح والتنقيب لاكتشاف المزيد من أبعاده التاريخية، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة التاريخية المتاخمة تصدعات وانهيارات تهدد بامتدادها للموقع الأثري.. ومالم تكن هنالك مبادرة جادة، وفريق عمل، ستبقى المسألة في دائرة التمنيات، والتصريحات الإعلامية التي تكثر من إظهار حب صاحبها وحرصه على الموقع أكثر من التركيز على العمل المطلوب إنجازه من أجل إنقاذ القلعة وتطويرها.
لا ينبغي أن يطغى الهاجس السياحي على الآثاري في الحملات والمبادرات التي تقدم في هذا الموقع، سنوات مرت كان الهتاف الوحيد فيها لترويج السياحة في الموقع التاريخي إياه، سنوات من الكلام الرومانسي والعاطفي واستجداء الشهادات في حق المكان، وقد حان الوقت لتغيير الدفة والعمل بجد لرفع المخاطر التي تحيط بالقلعة وديرتها، والذهاب إلى الخطوات اللازمة لتسجيلها وحمايتها.
