آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

ظاهرة التمرجع التحليل والموقف المطلوب

زاهر العبدالله *

 مقدمة: محاضرة قدمها السيد حسين الحكيم تحت عنوان: ”التمرجع التحليل والموقف المطلوب“، تجدها في اليوتيوب على الرابط

 

لخصتها بتصرف وإعادة صياغة حسب فهمي لها والله العالم.

 التمرجع: هو أن يدعي المرجعية شخص وهو ليس لها بأهل.

أو يدعوها اشخاص مجرد دمى أو مشاغبين يشوشون مشهد المرجعية يستفاد منهم من قبل جهات مأجورة ولكن هناك صنف آخر أخطر من كل ذلك وهو وجود المترجع: أشخاص عندهم أثارة من علم «يظهر انهم علماء» يتواصل معهم من أصحاب الأهواء والنزوات بطرق شتى سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة وهنا الخطر الأكبر.

كيف يُعرف المتمرجع «مدعي المرجعية»؟

مدعو المرجعية يكمن الخطر فيهم في النقص الحاد في العدالة والتقوى الذي هو مقدمة العلم. والتشيّع الاجتماعي عنده مناعة وحصانة عبر الدهور من محاولات اختراقه ولو بحثت في تاريخ الأئمة تجد هناك من ادعى الإمامة في زمانهم ولكنها محاولات باءت بالفشل لم يكن ذلك دون ثمن باهض من تشريد وقتل وتضحيات كثيرة لإطفاء نور الله سبحانه ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره. كما ورد في الرواية «ما منا إلا مقتول أو مسموم»[1]  فكيف بما دون ذلك مثل المرجعية

فهناك محاولات كثيرة لأضعاف رمزية المرجعية في المجتمع الشيعي وذلك بزرع من ليس اهلا للتصدي لصلاح الأمة وتشويش المشهد في قلوب ضعفاء شيعة أهل البيت .

خصوصاً أننا موعودون بمحن في آخر الزمان فعلينا أن نكون على بصيرة من ديننا كي تشملنا الرحمة الإلهية حيث سفكت دماء واستأجرت ضمائر وبِيعت ذمم في سبل خرق المرجعية الرشيده والحمدلله أن مشاريع المرجعية الدينية الرشيدة لم تُخترق لأنها بنظر مولانا صاحب العصر والزمان .

ومن أهم حفظ هذا الكيان من الإختراق وجود أشخاص ذو خبرة خاصة ومرسة في السلك الحوزوي يسمون أهل الخبرة فهم على أعلى درجات التقوى والاحتياط ليقفوا ضد حملات التشنيع على الخط المرجعية ويحافظوا عليه من خلال الأقلام الرصينة والصحافة النزيهة والإعلام القوي، ولذا نحتاج إلى تطوير الوعي بكافة الوسائل وبالتشخيص السليم خصوصاً في موارد التزوير والخلل.

 ملاحظة هامة «أسباب دعو َى المرجعية»

هناك حالة نفسية تنتاب مدعي المرجعية سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد وهي

1 - أني وصلت إلى درجة من العلم تكفي أن يكون لي رأي خاص بي من خلاله أصدر الأحكام والفتاوى ولذا الإفراط في ادعاء العلم مذموم لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى بين علم الناس على لسان النبي الأعظم محمد ﷺ حيث قال ﴿... وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا85 الإسراء. وكذلك الروايات أكدت على عدم إبداء الرأي إلا بعلم حيث روي عن سيد الموحدين «من ترك قول لا أدري فقد أصيبت مقاتله»[2] 

لكن للأسف تجد بعض الناس يفتخر أنه يقول تعلمت أن أجيب الناس على كل شيء وهذا خلل خطير لأن كثيرا من الأمور يجهلها الإنسان.

روي في صفات المؤمنين عن الحسن بن محمد الديلمي عن جعفر محمد بن علي قال: ”من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء، أو يصرف وجوه الناس إليه، فليتبوأ مقعده من النار، وإن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها“[3] 

بخلاف أهل التقوى والورع الذين يتحسرون على حالهم أنهم لم يبلغوا من العلم إلا قليلا مع عمرهم الكبير لذ تجد جل وقتهم في بحث وتدقيق وتحقيق وومراجعة ومباحثة وتدريس وو.. ليبحثوا عن ما يبرئ ذمتهم أمام الله سبحانه ويعذرون حينما يختارون هذا الرأي على ذاك.

2 - الاندفاع والعجلة في اتخاذ المواقف وتقلب آرائهم وتناقضها على فترات قصيرة قد تصل في بعض الأحيان في كلامهم الواحد في مجلس واحد.

ولذا ليس من المقبول تقديم العالم أنه يعلم كل شيء لأن التخصصات زادت ويصعب استيعابها وورد في الرواية عن رزين أبي النعمان عن

الإمام علي : إذا سئلتم عما لا تعلمون فاهربوا، قالوا: وكيف الهرب يا أمير المؤمنين؟ قال: تقولون ”الله أعلم“» وعنه : ولا يستحي أحدكم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم.[4] 

وروي عن الصادق أنه قال: «لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإن الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش ولكن اختبروهم عند صدق الحديث، وأداء الأمانة»[5] 

وكذلك ورد في الرواية عن الصادق «انظر إلى ما بلغ به علي عند رسول الله ﷺ فالزمه! فإن علياً إنّما بلغ ما بلغ به عند رسول الله ﷺ بصدق الحديث وأداء الأمانة»[6] 

وري عن سيد الموحدين «إنما العلم ذو فضائل كثيرة ورأسه التواضع وعينه البراءة من الحسد وحفظه الفحص وقلبه حسن النية إلى أن يقول وجيشه محاورة العلماء»[7] 

3 - بُعد الإنسان عن الدرس والتدريس والمباحثة مع العلماء يصل بالإنسان أو من يدعي العلم إلى أنه لا يسمع إلا صوت نفسه وما يوافق هواه ويعطي ذاته فوق ما تستحق ويضعها في غير محلها. فتجد بعضهم ينشغل بأن يقدم ذاته ومن حوله. وهذا خلاف خط المراجع الورعين المخلصين وخذ مثالا السيد الخوئي قدس سره إلى آخر حياته وهو يتطور في علمه لماذا؟ لوجود مجلس الاستفتاء الذي يضم فحول العلماء لتعرض عليه المسائل وتناقش مع السيد الخوئي قدس سره وبعض المسائل لا يبت فيها قبل أن تعرض على هذه اللجنة.

خلاصة ما فهمته من محاضرة السيد حسين الحكيم:

عليك أيها المكلف أن تكون على بصيرة من دينك وأن لا تخدعك صور الأشخاص أو نسبهم أو كلامهم بل عليك أن ترى علمهم من خلال أهل الخبرة والتخصص وعطائهم الفكري والعلمي وأن لا تصغي إلى من يطعن في المرجعية المشهود لها في الحوزات العلمية المعتبرة فإنهم وصية مولانا صاحب العصر والزمان .

[1] - بحار الأنوار - المجلسي - ج3 - ص217

[2] - بحار الأنوار ج2 ص 124.

[3] - أعلام الدين - ص90 - الكافي 1:37 / 6.

[4] - العلم والحكمة في الكتاب والسنة، محمد الريشهري، ص 331

[5] - جامع السعادات 182/2

[6] - بحار الأنوار: 75/116

[7] - بحار الأنوار: 75/116 - منية المريد - الشهيد الثاني ص 148.