آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 3:27 م

كبار السنّ خير وبركة.. وقّروهم لأجلِ شيبتهم!

المهندس هلال حسن الوحيد *

أبناء العشرين: هل تبقون في العشرين؟ أنا أجيبُ عنكم، العمر مثل ظلالِ طائر، لحظة ويختفي، وفي علمِ الرياضيَّات لا عمر بقيمةٍ سالبة، فكروا كيف وصلتم للعشرين وكيف تحبون أن يستقبلكم من هو أصغر منكم عندما تصلون تلك المحطة، الشَّيبة!

لن يسمحَ القدرُ لأحدٍ أن يأخذَ زمانه وزمانَ غيره، ومن جاءت نوبته في الرَّحيل سوفَ يرحل راغبًا أو راغمًا، لكن لا تستعجلوا رحيلَ هذه الشَّريحة لأنهم الصفّ الذي يحميكم، سوف تشعرون ببردِ الدّنيا وحرارتها ساعةَ يرحلوا. هذه الشَّريحة ستصيرون إليها - أنتم الشَّباب - عندما يحين دوركم. فإذا وصلتم لهذه المرحلة العمرية، تمنيتم أن الشَّباب يجلونكم ويقدرونكم من أجلِ شيبتكم، ومن أجلِ السِّنين التي قضيتموها من أعماركم تعملون وتكدحون.

”إن لله عزّ وجل في كلِّ يومٍ وليلة مناديًا ينادي: مهلًا مهلًا عبادَ الله عن معاصي الله، فلولا بهائم رتع، وصبية رضع، وشيوخ ركع، لصبّ عليكم العذابُ صبا، ترضونَ به رضا“.

الوفاء لذلك الجيل والشَّريحة من كبار السنّ يمدهم بالبهجة ويغنيهم عن تذكر تلك الأيام الجميلة التي قضوها، ويمكنهم من مواجهةِ الأيَّام المقبلة، والرغبة في الاستمرار في مواجهةِ متطلبات حياتهم الجديدة. احترموهم - أنتم - لشيبتهِم، وإن هم لم يحترموهَا، لا تساهموا في إهانتها. أنتم بذلك تجلون الله ”إن من إجلالِ الله عزّ وجل إجلال الشَّيخ الكبير“.

إنما الدنيا عواري ** والعواري مسترده

لا تقولوا: نحن شباب! فهل ترغبون أن يُستخفّ بكم في شيبتكم؟ لأن ”من استخف بمؤمنٍ ذي شيبة أرسل اللهُ إليه من يستخفّ به قبل موته“.

من ذكرياتي الشخصية: أنا ومن كنا شبانًا في ذلك الزمان، هجمت علينا جيوشُ اللَّيالي والأيَّام - وكأنَّ ذلك بين ليلةٍ وضحاها - وساقتنا أسارى بين يديها، في ابيضاضِ شيب وضعف قوة. هذه الجيوش الغازية، لم يهزمها أحدٌ قط!

أما أنتم كبار السنّ - وأنا واحد منكم - أنتم رجالًا ونساءً تعبتم، وقد حانَ دوركم في الرَّاحة. إلا أن حاجة النَّاس إلى خبرتكم وثقافتكم، ومشاركتكم في الحياة، بالكاد بدأت. أنتم الجيل الذي لم يتسكع في المقاهي، مشى إلى المدارسِ على الأقدام وعمل مبكرًا - قبل سنّ البلوغ - ومع ذلك تفوقَ وأبدع. فلماذا تلقون عصيَّكم ويستقر بكم النوى، وأنتم من اعتادَ عناءَ الطريق؟!

مستشار أعلى هندسة بترول