آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

حديث مع طباخ إيطالي

المهندس أمير الصالح *

معظم أحاديثي مع الإيطاليين الذين تعرفت عليهم كانت عبر قنوات العمل الرسمي في مشاريع المياه والغاز والنفط ومواد معالجة المياه والتجارة. وخلال ذلك التواصل، أتيحت لي الفرصة أكثر من مرة لتناول وجبات غداء عمل مع الإيطاليين. وكان موضوع الطعام هو ثاني موضوع يتم طرحه بعد الانتهاء من نقاش موضوع العمل.

كنا نتحدث عن أنواع الطعام ومذاقات الشعوب وسمات الطهاة الناجحين والأكل الحلال وموضوع كيفية إعداد الأطباق اللذيذة وأساليب تقديمها الجذاب.

الأكل الايطالي بالمجمل بالنسبة لي منحصر في القمح والطماطم وزيت الزيتون. فالبيتزا والباستا والمكرونة بكل أصنافها تعتمد على القمح وشكل من أشكال الطماطم أو صلصة الطماطم مع رشات من زيت الزيتون. وكان بعض الإيطاليون يقول على سبيل الفكاهة: ”لا تثق في الطاهي النحيف“!، والتفسير لذلك حسب إفادتهم أكل الطاهي النحيف لم ينفع بدنه، فكيف سينفعك!!

لم أتعهد إعداد طبق مميز بيداي في حياتي لأن معظم أيام حياتي خلال سنين العمل منصبه على استهلاك الوقت لإنجاز أعمال تتعلق بالوظيفة وتأمين لقمة العيش الكريمة للأسرة. ولم يكن هناك متسع من الوقت للاستمتاع بأطباق وجبات غذائية من صنع يداي. كان يحفزني في أكل أي طبق أسلوب تحضيره وتقديمه والديكورات المتعلقة به. وهنا أود أن أضمن في هذه المقالة رسالة شكر لكل من أمي ولزوجتي «و تشمل أيضا كل الأمهات والزوجات»، لجميل أطباق وموائد أعدوها.

في معظم تجمعات العوائل الصغيرة والكبيرة تكون فقرة إعداد الطعام من ولائم وأطباق حلى هي أحد أهم إن لم تكن أهم الفقرات الرئيسية في استنزاف الوقت للطبخات. والحقيقة أن تنوع الأطباق كما يحدث في شهر رمضان المبارك وإعداد أطباق الولائم بجانب أطباق الحلى المتعددة تجهد الأمهات والأخوات والزوجات والبنات. والمحصلة بالنسبة لجزء من المشاركين في التجمع الأسري، أنه تم قتل روح التجمع بسبب الانغماس في الطبخ والطهي والتحضير والتنظيف والتكلف الزائد.

عند أول تجاربي للطبخ في أحد دول الغربة بيداي وجدت معضلة البدائل بين المكونات الداخلة في الطبخة المُراد تحضيرها من جهة وفنون ابتكار طرق بديلة للتحضير السريع كمعضلة أخرى. ووجدت في مرحلة زمنية معينة من عمري بأن بعض أطباق وموائد المطبخ الإيطالي السهل في عناصر مكونات أطباقه هو الأقرب إلى قلبي عند انعقاد تجمع صغير أسري أو أصدقاء. على مستوى الأسرة، نشعر جميعا بوجود الأم والزوجة والأخت وبناتنا من حولنا طوال فترة الجلسة العائلية حتى مع إعدادهن للمائدة لأن الطبخة إيطالية سهلة وسريعة التحضير. أما التجمعات العائلية حيث تُقدم موائد اللحم فلم أجد حل سوى طلب الطعام من أحد المطابخ أو المطاعم. فحينئذ تكون نكهة الطعام ناقصة لأننا قايضنا الطعام المُعد بأيدي زوجاتنا بطعام مُعد بأيدي خارج المنزل. وقد نسترد يوما ما تذوق الطعام بأيدينا إن تبنينا بعض أطباق الطعام الإيطالي سهل التحضير أو قام الشباب والرجال بإعداد الوليمة بأيديهم بدل النساء.