آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

ادعوا لي.. أن يرزقني اللهُ بيتًا!

المهندس هلال حسن الوحيد *

كانت درجة حرارة الجوّ هذا الصَّباح في الخارج حوالي 8 درجات مئوية، الريح تعوي مثل الذئاب والغبار يملأ الخياشيم، صحيح أن - الطقسَ - لا يقتل ولكن مزعج جدًّا. ثم لما دخلتُ الدَّار كانت هادئةً دافئةً تشعر بالطمأنينةِ والرَّاحة وأن الحياةَ شهيَّة طيبة!

في تلكَ اللَّحظة رقَّ قلبي لكلِّ الطامحين أن يكونَ لهم بيت خاصّ بهم. الحمدُ لله، لا أحدَ يسكن في أمكنةٍ غير لائقة والكل فوق رأسهِ سقف، لكن أن يكون لكَ بيت خاصّ فذلك طموح ورغبة جميلة، متى ما تحققت. يشعرك المنزلُ بالاستقلالية ويشعر الزوجةَ والأولادَ بأنهم في مكانٍ دائم وخاص بهم.

تمنيتُ أنكم رأيتم الفرحةَ على وجهِ أحدِ الأصدقاء الشَّباب عندما اشترى أرضًا قبل أكثر من خمسِ سنوات، في ذلك الوقت كان يزورني قبل أن أترك العمل. قبل مدَّة أرسل لي صورًا من ذلكَ المنزل الذي خطَّط له والآن يبنيه، ويزوره مع زوجته وولده وابنته، يراقبونه يكبر مثل الطفل، كلما هاتفني يخبرني عن نواياه للمجلس والضيوف والحديقةِ الصَّغيرة!

نِعم اللهِ كثيرة وكلها تجلب السَّعادة لكن ثلاثًا منها أكبر من غيرها. قال النبيّ صلى اللهُ عليهِ وآله: ”من سعادةِ المرء المرأة الصالحة، والمسكنِ الواسع، والمركبِ البهيّ، والولد الصالح“، لأن هذه النعم توفر شروطًا للراحةِ والطَّمأنينة والتفاعلِ الاجتماعي. عن عليّ بن أبي طالب عليه السَّلام قال: إن للدارِ شرفًا وشرفها السَّاحة الواسعة، والخلطاء الصَّالحون وإن لها بركة وبركتها جودة موضعها وسعة ساحتها وحسن جوارِ جيرانها.

كانت الأسر في الماضي تعيش بأعدادٍ كبيرة - ممتدَّة - في دورٍ صغيرة، في وضعٍ لا يسمح للنساء بأن يأخذنَ راحتهن في الزينة والخصوصيَّة مع الأزواج. ومع طيبة النَّاس إلا أن مشاكل وتشنجات الإخوة والأخوات والزوجات والأمهات كانت مزعجةً جدًّا. ثم بعض العوائل بدأت تضع شرط عدم مشاركة الزوجة السَّكن مع العائلة في عقد الزواج لمن ليس لديه دار خاصة به، وأظن أن ذلك الشرط لا يزال معمول به في بعضِ الحالات!

إن لم يكن من شيءٍ آخر، ادعوا لهم: أن يرزقهم اللهُ قطعةَ أرض.. دارًا واسعة.. عملًا يكفي لتوفير الشِّراء. كل ذلك من الله وعليهم - هم - السعي والحركة. وأن لا يكون عدم توفر السكن أحد أسباب العزوفِ عن الزواج. أعانهم الله على كثرة المتطلبات المادية التي أصبح من الصعب أن يتمكن الزوج وحده أو الزوجة وحدها توفيرها، فلا سبيل إلى ذلك إلا بالتعاون المنظم والمقنن بين الزَّوج والزوجة.

مستشار أعلى هندسة بترول