آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

الكتابة وصعوبات النشر

يوسف أحمد الحسن *

ما بين برنارد شو ومارسيل بروست وأغاثا كريستي وجي كي رولينغ مشتركات عديدة ليس أقلها أهمية أنهم جميعا لم يطبع لهم الكتاب الأول إلا بعد معاناة كبيرة بسبب رفض دور النشر لأعمالهم. والأدهى من ذلك أن الأعمال التي تم رفضها بدون أسباب وجيهة هي التي نالوا بسببها شهرتهم. ولو أن هؤلاء الكتاب وعشرات غيرهم استسلموا وقبلوا بالأمر الواقع لما طبعت أعمالهم ولما سمعنا عنهم، لكنهم كانوا يمتلكون من الإصرار والثبات ما جعلهم يتجاوزون جميع العقبات التي وضعت أمامهم ويتنقلون من دار نشر لأخرى حتى استطاعوا أن يخرجوا أعمالهم من مجرد سطور على أوراق إلى أعمال أدبية خلدها التاريخ كما خلد أسماءهم في سجل العظماء في عالم الأدب والثقافة والفكر الإنساني.

فقد كتب برناردشو روايته الأولى عام 1879 لكنها لم تنشر إلا في العام 1931 كتب خلالها عددا من المسرحيات والروايات والقصص القصيرة، ثم أصبح بعدها واحدا من أشهر كتاب المسرح ومن المفكرين العالميين. وعندما منح جائزة نوبل في الأدب عام 1925 رفض استلام القيمة المالية للجائزة قائلا إنها «تشبه طوق النجاة الذي يتم إلقاؤه لمن يصل إلى الساحل».

أما الروائي الشهير مارسيل بروست صاحب رواية «البحث عن الزمن المفقود» فبعد أن انتهى من الجزء الأول منها بعد نحو ثلاث سنوات من الاعتكاف ظل يبحث لعامين عن دار نشر تقبل عمله إلا أن محاولاته المتكررة باءت جميعها بالفشل، حتى إنه قدم هدية لمسؤول في صحيفة لوفيجارو حتى يقبل نشر روايته فلم يفلح ولم يستطع طباعتها إلا على حسابه الشخصي في دار نشر غير مشهورة، عندها نجح والتفتت إليه دور النشر التي تأسفت على فوات أفضل فرصة تجارية مرت عليهم.

أما رولينغ مؤلفة سلسلة روايات هاري بوتر فقد رفضت روايتها الأولى من قبل ثلاثة عشر دار نشر قبل أن تطبع وتصبح بعدها من أصحاب المليارات وأغنى كاتبة في التاريخ بعد أن كانت معنفة ثم مطلقة وتسكن في بيت أختها مفكرة في الانتحار.

وكذلك الأمر مع أغاثا كريستي التي رفضت أعمالها من قبل ستة من دور النشر، ولذلك فإن برنارد شو الحكيم قال لكل من أخفق في أي أمر «عندما كنت صغيرا اكتشفت أن كل تسعة أشياء من أصل عشرة أخفق بها ولذا قمت بعشرة أضعاف ما أريد».