آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

ّالتنقِيَةُ.. مَطْلَبٌ أَمْ مَهْرَبٌ؟

عبد الله أمان

يغلب على تداول أَلسنة المثقفين، وأَذهان العامة اليوم، استخدام مصطلح ”الفَلتَرَة“ السهل المتكرر ولعلهم - يعنون به - في جوهر قرارة مَقصدهم المطابق لأَصل المفردة الفصيحة: ”التَّنْقِيَة“ أَو lالتصفية، إِذ يصيغونها ويحكونها، بشفافية وأَريحية، بمعايير معرفية محددة مقننة تِباعًا، في ظاهر سياق تجاذب مُجمل أَحاديثهم الاعتيادية اليومية، عن نَسق وأُفق ونظم ”فائق ورائق“ وأسمى وأَندى سُطوع إِشراقة تطلعاتهم الشخصية المعلنة - بين الفينة والأُخرى - إِلى سَبر وتنقية وتطهير أَعراض احتقان، وعلامات انحباس أَنفاس مؤشر سخونة مختلف الأجواء والأَحوال الاجتماعية الراهنة؛ وفلترة ذاتية مماثلة متجانسة لسائر اضطرابات المعاملات الشاطحة الشاذة، وغير المألوفة؛ وتصفية أُخرى ضافية شاملة مستهدفة لرتل ”حافد حاشد“ مِن أَكداس مِن الانتهاكات والمخالفات المتكررة؛ وغربلة نصوح مرغوبة مطلوبة، لأَشكال وأَنماط التطاولات غير النظامية؛ وانتقاء مرتقب مأْمول، واصطفاء مرجو مدلول، لبنود ديباجة التخاطب الثنائى الحر، متساوقًا ومتناغمًا مع ناصع طيات، وواضح شروحات رقاع مُعجم مفردات مناحي التناجي العاطفي الودود الحميم، بين صفوف المتحابين؛ ومدٍ ساخنٍ منحدرٍ مِن قَطر وهَمر زاخرين؛ وعطاء مجزٍ مِن جَود وهطل وافرين؛ وإِهداء كريم مِن سيل وغمر دافقين؛ وخرير مُدَوٍ مِن انسكاب وانصباب دافئين، لفُيوض مِن أَرقى وأَنقى وأَسمى نمير ورديف المحادثات، وسماحة ريع المداولات ”البينشخصية“ القائمة، والمنبثة في أُفق زحمة مجالس، ومنابر سواد المباحثاث الجماعية العارضة؛ وغربلة صارمة مماثلة، لتفشي رُكام؛ وانتشار أَكوام، مِن أرذل حُطام حُثالة أَساليب ركيكة مِن، هَرج ومَرج، الانغماس الدائب المائع في عتمة غفلة العبث السلوكي الظاهرة الراهنة؛ وعزل سُحْبَة غثها عن كتلة سمينها؛ وتنقية غُثاء سيلها الهادر مِن حِمْلِه الجارف طوعُا؛ للحد، المقبول المعقول، مِن شديد ضراوة نقمتها الماحقة؛ والتخفيف المرحلي مِن شدة بطش وفتك هجمة أضرارها الجانبية الساحقة؛ وإِبطال وإِيقاف قبضة سائر عواقبها التشويهية العقيمة؛ وإِحباط انبثاث ناتج مخرجاتها السقيمة، في أَوساط المجتمع المحافظ قاطبة! … ورسميًا: سن وسك وتشريع سلسلة حُبلى مِن ”وضُوح وصُدوح“ باقة مِن أَطياف شاخصة واضحة، مِن لوائح الأطر الجزائية، والتنظيمات القانونية، والضوابط الرسمية؛ للحد الرادع المنظم المأمول؛ لكبح ووقف وتفاقم، أَمضى وأَصلب ظواهر التمادي؛ وتغييب تعاظم أَعتى وأَقسى مَغبات وأَنماط، ونتائج، وعواقب ضريبة الفساد السائد؛ وضبط استشراء فاضح؛ ورصد انتهاك رادع، لمدٍ صاعدٍ متراكم مِن عَكر سيل هائج مِن مظاهر وصور التلاعبات الطافية البادية، والممارسات العائمة المنبوذة مِن سَقط شتى وأَدنى السلوكيات المخجلة، غير المحمودة نتائجها، جملة وتفصيلًا، في زاوية مجمل غفلة إِنستار، وعموم سهوة غياب وانحسار لقطة ”زوم“ عدسة السلطة الضابطة!

وفي محاولة عملية متواضعة لتشخيص وتمييز تلك السلوكيات السقيمة الخائرة، ووضع النقاط الضابطة أريحية فوق رؤوس الحروف المنطوقة ابتداءً؛ وقد حان وقت اصطيادها والتقاطها توثيقًا وأِصالة ”باحترافٍ عريقٍ“ بوميض خطف عدسة ”كاميرتي“ القديمة… وهناك تتزامن وتتضامن أَعداد مِن مدٍ ومطٍ مِن ”الفلاشات“ اللاقطة المتزايدة، لخِزي وحَقارة المشاهدات المتنامية الغريبة، والمسكوت عنها، تراخيًا واستهوانْا، والتي لا تكف ولاتمسك - عن تداول أَشلائها المهترئة، وتناول زيغها المتمادي - ألسنة الخاصة والعامة، في متناول معارض، ومتيسر مقتضيات، وسائر فلتات عموم ومجمل أحاديثهم الشخصية والرسمية… وتتوارد في صِهاء أَمزجتهم، ذهابًا وجيئةً؛ وتحوك في دواخل صدورهم؛ وتسطَّر في قوائم سائر همومهم اليومية، ومنها، أَقربها وأشهرها، على سبيل المثال: ما يشهده ويشاهده بامتعاض، بشع شنيع، ويستنكره ويمقته بشدة مستهجنة، جميع مستخدمي ومرتادي الطريق، مِن تهورات بينة، ومخالفات مشاهَدَة ملحوظة، وكسر وخرق للأَنظمة المرورية المتبعة، لكمال أُصول ومهارات، وتمام فنيات وقواعد، وسلاسة أُسس ونظم قيادة المركبات الوقائية السليمة - خاصة عند فئة الشباب - بأساليب شخصية، غير منضبطة أَو مسؤولة، في وسط أَحياء المدينة، وبعيدًا عن أَنظمة وأَجهزة الضبط الأَمني الراصدة، والمعمول بها رسميًا، في طُول البلاد وعَرضها… ولشيوع وذيوع الأمر الأَجمل الأَفضل، أن تتظافر جميع السواعد الواعدة، وتتآزر كل الجهود الممكنة؛ لإظهار وتعزيز صفاء مظهر، وإبراز مخبر، ونقاء رونق الوجه الحضاري المُشرِق المشرِّف لبلادنا المعطاء! … وأن تُكثَّف وتُحفَّز أكوم من أَسفاط حُبلى مِن أحدث البرامج الإِعلامية التوعوية النشطة الهادفة، التي تثقِّف وترشد - جنبًا إِلى جنبٍ - كافة مستخدمي وقائدي المركبات قاطبة؛ لإِحراز وتحقيق المزيد مِن مكتسبات وأهداف وخطط حفظ الأمن والسلامة، المنصوص عليها رسميًا، في بطون اللوائح المرورية التنظيمية؛ كمطلبٍ أَساسٍ حازم، وإِسهامٍ وطني مجاز سام، بقرارت مدروسة، مشفرعة بتأسيس، وتنظيم وتعزيز كامل شامل، لمستويات نوعية مُثلى ”لنَفرة وطَفرة“ اليقظة العامة، وصحوة الوعي الذائع الشائع؛ لبلوغ أَسنِمَة مخططات، ومراقي ومصاعد سُلَّم استشراف واستشفاف آفاق الرؤية الوطنية الحضارية الشاملة، لغدٍ أَفضل، بما يُحقق إدراك كافة الآمال المأمولة المرتقبة؛ وتسرّيع، مْعتبر مْنتظر، لنيل وامتلاك سلة الطموحات الوطنية المرسومة، بإِنشاد أَعنان الآفاق، وارتياد مغبات المجاهل!

ولعلي هنا، أُتْيِع مؤخرة ذيل المثال الآنف الذكر اعتبارًا، بناصية رأس توأم مشابه آخر، لطالما يتكرر ذكره؛ ويتحور استحضاره مِرارًا وتكرارًا، بتلقائية صِرفة مَحضة، دون الالتفات اليقظ إلى جملة أضراره التدميرية؛ أَو التفكر الواعي الجاد في - أَسفل وأَنزل - حَواصل ونَواتج آثاره التخريبية، أَلا وهو: السعي المتكلف المتشدد في إِفشاء وإِشاعة ونشر بَواعث النميمة؛ وبث رُوح البغضاء؛ ونثر لقاح بذور التشاحن؛ وإِشعال رؤوس فتيل التطاحن… بين صفوف عامة الناس وخاصتهم؛ ومحاولات بائسة يائسة، لاصطياد، أَصغر وأَحقر، العثرات الساقطة اللاقطة؛ ونقل وإشهار، أَقل وأَذل وأَرذل، الثغرات العابرة المارقة، وتكبيرها، وتضخيمهما، طولًا وعرضًا؛ وشحن آخر، مُفترى مُفتعل؛ لتمرير وتحفيز نوازع التباغض الشائنة؛ ونشر بواعث الفرقة البشعة؛ وإِذاعة مثبتات تأَجج واستعار مكنون ومخزون مشاعر وأَحاسيس الكراهية الدميمة؛ وقدح متعمد لاحتدام متقد متجدد، لمداخل ومخارج تلك المخرجات الممقوتة؛ واضرام سارب نافذ لفرط قدح زِناد سيل المشاجرات الهوجاء؛ وتأْسيس ”بروتوكول“ شخصي أَحمق، للولوج الأَرعن الأَخرق في لجة شِعاب، وغمر اشهار واظهار، بوح المهاترات المتناحرة؛ وضخ هادر، وحبك ماطر، لشبكة حَبكات، وحاضنة بواعث هطل وانهمار محفزات ومسوغات المخاصمات البغيضة، بين استقامة وصلابة صفوف أفراد المجتمع الواحد!… والأَجدر بنا جميعُا ”طمس وطرس“ كل مهيجات ودوافع وأشكال ومساعي النميمة؛ ووقف زحف مبررات وأَنماط الغيبة؛ وسحق أصول وفروع الوشاية؛ ووأْد مباشر واعٍ لتصفية آخر صف أَخواتهن الند المَعيبة؛ وتنقية جملة سَفاسِف الأُمور الساقطة الدميمة؛ وفلترة رميم حطام ما شاكلها، وماثلها، مِن أَدنى سقط الكلام الرديء، عند مقامات أَحلى وأَسمى لقاءاتنا واجتماعاتنا الجمة الحميمة، وفي حضرة رَحاية وفَساحة مجالسنا المِضياف؛ وأن ننقي ونصفي ونفلتر بحزم وعزم الموقف، وصدق النية، وإِخلاص العزيمة، كافة أجواء وأَحوال المحافل، وأَفنية اللقاءات الأُسرية الخاصة، والعامة منها، مِن آفات السُّم الزُّعاف… ذلك السِّرب مِن المهالك، الهائمة السائمة، التي تدس لَدِن ورَخْص نقيعها المعسول القاتل في داخل جوف فطائر مِن العسل المصفى... وصدق المثل المتناقل القائل: «النميمة دَناءة، والسِّعاية رَداءة».

هذا، ولن أُلقي برأْس الموضوع الساخن على عَواهنه، فحسب؛ أَو أترك فتل الحبل على غَاربه، استهوانًا وانهزامُا؛ بل سأردفه سعيًا دؤوبًا، بعزيمة ذاتية، وشكيمة قوية، وأريحية ناهضة، بتثبيت وتدعيم ركيزة ”ثالثة الأَثافي“ لتنال عَين المطلب المنظور المنتظر، موضعّا متوازنًا؛ يحظى - قِوام نسيجه المُوَطَّد، ويُرحَّب بجنبات بنائه المُشَيَّد - بإِهداءٍ، سَخي وَفي، بمحاولة ترميم وتقويم مُثلى، تشد ذات ألواحه الصلبة، وتضم لبنات بنيانه القوية، ببأس دُسُره النافذة، وصلابة وبأس حديداته المتينة… حينئذٍ، يُواجَه الموقف الراهن ذاته، بمبادرة رتق، وموآزرة تصحيح مباشرتين، لسائر وساتر الثغرات الظاهرة المرئية؛ وملاحقة، ثائرة مماثلة، لرأب وإِصلاح، بمُثابرة ومداومة، لمعظم الهَنات المستترة المتوارية معًا، برؤية مجهربة فاحصة، وعقول واعية مبصرة!… تلك الرؤية الشاهدة الحاضرة، بنثر ونشر، بذورها البكر المتجددة المحسَّنة، والماثلة أَصالة في أَوج أَذهان الكوكبة المثقفة الرائدة - رُؤية وبُغية - حاضرتين، تساهمان وتباشران عمليًا، في كشف وإِزاحة سِتر زيف القناع السميك عمَّا - شاع وذاع - في، فسيح ووسيع، مَحافل أروقة ورَدَهات المحاكم مؤخرًا، مِن أزدياد، واضطراد، وتصاعد لمعدَّلات حالات الطلاق المَقِيتة البغيضة، وتضاعف أَعداد الخُلع السافرة المتسللة، بين أوساط المجتمع!… هذا، ولعل هنالك أسبابًا ومُبرراتٍ ومُتغيراتٍ اجتماعية جمة، برزت ”متبرجة“ متجددة على شواطئ سطوع صُعدان، ووضوح ضِفاف الساحة الاجتماعية برمتها، إِذ لم تكن، مَوجودة أَو مُتاحة، مِن قبل، كنفرة تسابق، ووثبة تنافس الانخراط الوظيفي النشط، لكلا الزوجين الشابين؛ وزخم جم وافر، مِن رتل جرار مِن متطلبات وأُمور ومطالب ”تسهيلية“ بِكر مستجدة أُخرى، قد يفلح الزوجان الشابان ”بامتياز“ مسدد، بمشيئة الواحد الأحد، في حُسن وبراعة وإِدارة التنظيم والتخطيط لها؛ وأَريحية كفاءة التدبير الواعية، لاحتضانها يُسرًا وطَوعًا؛ والاستعداد لاستقبالها - كمًا وكيفًا - برشاقة ولياقة، بما يساعدهما عمليًا، على امتلاك حِنكة التذليل، وحِيازة حِكمة التغلب على، سَحق ومَحق، جوهر الصعاب المعترضة، في طريق تحقيق سعادة ورفاهية أُسرة هانئة سعيدة منتظرَة، قادرة على إِذلال كل أَحوال وأَشكال العقبات البارزة الراكزة؛ وقهر وإخضاع صف مِن منابت أصول المعوقات الراهنة المعترضة؛ وإِنجاز انتصار؛ وإِحراز نجاح مُسددين، بإذن الحميد المجيد، على جل أَعتى وأَحلك ”فيالق“ رُؤوس، وهَامات الصعوبات القادمة الصادمة، على حدٍ سواء؛ ولتُمسكا وتشاركا ”مهارة وحصافة“ الزوجين الناجحين في ”شركة العنان“ افتراضًا مأمولًا، بتسيير مِقود دفة الحياة الزوجية الظافرة، بكفاءة عالية شامخة، وجدارة رصينة واضحة؛ وليقودا دومًا، بحذاقة مشهودة؛ ويديرا اجتهادًا، بصحوة مبصرة؛ وأَن يصون الزوجان المتفاهمان معًا، سلاسة مواكب فصول مسيرتهما السعيدة المباركة ”بجدارة ومهارة“ أَصليتين أَصيلتين؛ مصاغتين مصانتين، بفكر سماحة بائنة معهودة؛ وإِعمال نظر محمود ممدوح، وبذل جهود مدبرة مدروسة مشكورة، والله الهاددي سواء السبيل!

وهنا، يتضح لنا أحد الأمرين… وأَحلاهما الغالب الغائب ”المطلب المر“ صاحب الطعم والمظهر الحُلو الحقيقي، والمخبر الصادح الجدير بالاستشراف؛ ونيل أَرقى مطالب التمنِّي؛ وتحقيق أَسمى وأَهم آمال التطلُّع المتيقظ؛ والفرار الآمن إلى واسع سُدة كنفه المضياف، بقوة ولياقة مُتون وأَكتاف الشخوص الواعية، ورباطة جأش الهمم الطموح العالية… ولعل، صهوة وذروة، الأَمر الحافز الباعث، المتصدرتين أَصالة، فوق مراقي درجات رسم حكيم؛ والمتربعتين على درجات منبر حسم قويم، لأَطياف المبادرات الرائدة، وأَصناف قرارات العزائم الصادقة… وحتى لا يتحول ويتبدل، ”مطلب الأَمر الحلو المنتظر عينه“ تقاعسًا وإِهمالًا ”إِلى خانة صفر خاوية خالية، في حَدَبة مُنحنى عُجزَة مُؤخَّرة إعوجاج، وانكسار صف مقام نظيره“ المهرب" ذي مذاق «الحلاوة» المبتذلة الزائفة؛ ويتقمَّص بامتياز موعود مشهود؛ ويتقلَّد ببلاهة وسذاجة، معاول سلبياته الشائنة؛ ويبوء التزامًا وانهزامًا، بسائر صفاته المزرية؛ ويقلِّد مسلكًا وانتهاجًا - بسماجة طبع، ودناءة مسلك - معظم وأَغلب، حاضر وظاهر، جل مناحيه المستهجنة الدميمة، قلبًا وقالبًا. وبالله المستعان!