آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 4:55 م

حرق القرآن باسم الحرية

أمير بوخمسين مجلة اليمامة

عندما وضعت الأمم المتحدة ميثاقا عالميا لحقوق الإنسان؛ تأكيدا على إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الإنسان وقدره، إذ يتساوى الرجال والنساء في الحقوق لتحسين مستويات الحياة تحت سماء الحرية للجميع، فقد عملت الجمعية على نشر هذا الميثاق بوصفه المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم، وانتزعت الجمعية اعتراف العالم أجمع بهذه الحقوق وشددت على مراعاتها فيما بين شعوب الدول الأعضاء وكذلك بين شعوب الأقاليم الموضوعة تحت ولايتها، والتزمت الدول متفقة على الاحترام والحماية والوفاء لهذه الحقوق العالمية غير القابلة للتصرف.

لذلك اعتبر مبدأ عالمية حقوق الإنسان هو الركيزة الأساسية في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ولعل من أبرز مميزات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنها حقوق نتمتع بها جميعنا، ولا تمنحنا لها أي دولة، ولا يجب حرمان أي شخص منها. وما يميزها أيضا أنها حقوق مجتمعة وغير قابلة للتجزئة، ما يعني أنه لا يمكن أن نتمتع بمجموعة واحدة من الحقوق بشكل كامل دون المجموعة الأخرى. ولعل الميزة الأساسية أن حقوق الإنسان متساوية وغير تميزية.

إن عدم التمييز مبدأ شامل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، مستندا في ذلك على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري، وعلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة. إن الحق الذي نؤمن به جميعنا أن للإنسان إرادة توفر له القدرة على القيام بعمل ما، واختيار الطريق الذي يرغب في سلوكه. الله خلق الإنسان وجعل حرية الفعل والترك حرية مسؤولة يصبح الإنسان مسؤولا ومحاسبا على أقواله وأفعاله تجاه مجتمعه وذاته. لذلك فإن إيمان الإنسان بأنه مكلف أول خطوة في حريته.

لقد رفع الإسلام من قيمة الحرية لدرجة أنه اشترط أن يكون العقل الذي يصل إلى الإيمان بالله عقلا حرا.. بمعنى أنه غير مكره ولا يقع تحت هيمنة تلغي قدرته على الاختيار. ولأن التعبير عن الرأي مرتبط بحرية الإنسان في تفكيره، اعتبر التعبير عن الرأي حقا أصيلا من حقوق الانسان في الاسلام.

فلا تستقيم إنسانية الإنسان إلا من خلال الالتزام بهذه الحقوق، ولا يمكن أن يعد إنسانا إلا بها.. والإسلام سبق الحضارات كلها في تقرير حقوق الإنسان وأعطاه الحقوق كاملة، حق العيش، والحرية، والتعبير، والمسؤولية، والتنقل، والملكية، والعمل، والإرادة، والاعتقاد.

لذلك.. الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما وضعت الميثاق العالمي لحقوق الإنسان اعتمدت على كل ذلك ومن خلاله افتتحت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالتأكيد على كرامة الإنسان عندما أكدت على: «يولد جميع الناس أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق.. وهم قد وهبو العقل والوجدان.. وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء». والحرية هذه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسمح بالاعتداء على حرية الغير.

والإحساس بالحرية لا يكتمل إلا بإحساسنا بالمعاني الإنسانية التي يجب أن نلتزم بها بالنسبة لغيرنا.. والحدث الأخير المؤسف حرق القرآن الكريم في السويد التي تدعي الحرية وترفع شعار المساواة، وغيرها من الادعاءات المزيفة التي تتشدق بها باسم حقوق الإنسان، فتنتهك حرمات المهاجرين لديها عبر اختطاف أبنائهم ووضعهم في الملاجئ والمؤسسات الاجتماعية الخاصة بهم لتعليمهم وتدريسهم قضايا الجنس والمثلية والانحلال الأخلاقي، إلى حرق القرآن الذي تكرر عدة مرات في دول أوروبا. وباسم الحرية تفرض القوانين والسياسات المنحلّة على دول العالم الأخرى، ويعاقب من يخالفها.. أين كرامة الإنسان واحترام مبادئه؟