آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 1:36 م

الحب يربينا أم نتربى على الحب؟

كاظم الشبيب

انشغل الفلاسفة والمنظرون والعلماء عبر الزمن في كيفية تهذيب الإنسان، تربيته، ترويضه، تزكيته، ولهم في ذلك آراء ونظريات متعددة. بيد أن جلهم يقرون بأهمية الحب في القيام بدور أساس لتحقيق إنسانية الفرد وأنسنة المجتمعات والشعوب، حيث إذا سادت المحبة بين الناس غابت أو ضعفت مساحات الكراهية بين الأفراد والجماعات وبين أهل الهويات المختلفة.

صورتان متكاملتان. تغذي إحداهما الأخرى. الأولى أن نتربى على اللطافة والمودة منذ الطفولة فتربيتنا تقودنا للحب وعالم المحبة. الثانية أننا نحب، نهيم، نعشق، فيأخذنا حينها طريق الحب لنتربى ونتهذب ونتزكى من شوائب كثيرة علقت بنا قبل دخولنا عالم الحب والمحبة. الأولى تصنع استعدادنا للحب، والثانية تهيأنا لنكون مقبولين عند من أحبنا.

لذلك ينقاد المرء ليكون إنساناً حقيقياً كلما أحب أو أصبح محبوباً. يقول الكاتب الألماني ”باتريك زوسكيند“ إن حب الآخر في جوهره يقوم على التفهم والاتصال والحنو والرعاية والاهتمام، ويعلم الحب الإنسان كيف يطلق مكامن الجمال من أعماقه، ويعلمه كيف يكون حسّاساً ويفجر لديه شرر الإبداع ويعلمه سحر الكلام وأسرار اللغة وفتنة الاتصال.*

كلما كان الإنسان حاباً ومحبوباً، وبشكل عفوي، يصبح أقرب للسكينة مع نفسه ومحيطه، أقرب لجمال الحياة مع ذاته والطبيعة، أقرب للأمان مع وجدانه ومجتمعه ووطنه، أقرب للتوافق مع كل مخلوق من البشر والحجر والمدر. وبالتالي هو يحقق المغزى من إنسانيته وجهوزيته للتعايش الإنساني مع كل البشر دون تمييز بين هوياتهم المختلفة. في المقطع المرفق وجهات نظر قد تفيد البعض بعنوان ”الحُب الأفلاطوني، الحُب الخالي من الشهوات“:

*عن الحب والموت، باتريك زوسكيند، ص 12