آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:02 م

كلام في الصداقة الصادقة

المهندس أمير الصالح *

قال سامي وهو متفاخر: بضغط بضعة أزرار محدودة في التطبيقات الاجتماعية، تعرفت على أصدقاء كثر من حول العالم، ومن ثقافات ومشارب مختلفة!

فبادره أحد الحضور، محمد، بالسؤال: ما أهمية الأصدقاء والصداقة في حياتك؟

فأجاب سامي: يلعب الأصدقاء دورًا مهمًا في حياتي؛ لأنهم يقدمون الدعم والرفقة والتشجيع والتحفيز. إن وجود الأصدقاء يسمح لي بمشاركة اللحظات المبهجة والصعبة، وهو ما يساهم في استقراري النفسي والعاطفي والاجتماعي في الوسط النظيف. على سبيل المثال، أثناء الأوقات العصيبة، يقدم الأصدقاء قلبا مواسيا ونصائح قيمة وسعيا مشكورا لتجاوز الصعاب.

فسأله محمد: ما هي الصفات التي تبحث عنها في الصديق؟

سامي: عند البحث عن أصدقاء، فإني أقدر الصفات المهمة مثل الجدارة بالثقة والولاء. من المهم بالنسبة لي أن أعرف أنه يمكنني الاعتماد على أصدقائي في أوقات الشدة. وأني لست مجرد للتسلية أو تعبئة وقت فراغ في حياتهم. على سبيل المثال، الشعور بوجود صديق وفي بشكل شبه دائم بجانبي في جل الأوقات المهمة فرحا أو ترحا يجعلني أعده صديق صدوقاً ومقرباً ومحل ثقة ومكان حفظ أسرار.

محمد: هل تعتقد بأن الصديق من عالم التطبيقات الاجتماعية يستوفي تلكم المواصفات؟

سامي: أعتقد أني أتفهم مقاربتك وأنت محق. لم أستطع اختبار ولاء وثقة أي منهم؛ لأنهم مستجدين في حياتي وهم من العالم الافتراضي. يمكنني الآن أن أعيد تصنيفهم إلى زملاء وليسوا أصدقاء.

ابتسم محمد وأردف قائلا: هل تعلم يا سامي كم صنفاً من الأصناف البشرية التي قد تحيط بك في العالم الواقعي، وهم يدعون بأنهم أصدقاء لك، وقد يكون بعضهم استثمرت جزءاً كبيراً من عمرك معهم؟ فما بالك بعدد أصناف من هم في العالم الافتراضي؟

أجاب سامي: لطفا أخبرني بعددهم؟

محمد: هناك أصناف متعددة، وسأسرد على عجالة بعضها، ومنهم الطيب والساذج والوقح والمزعج والفضولي والأحمق والسخيف والعنيد والشكاك والغيور والحقود والفوضاوي والمتكبر والخبيث والجريء والجبان والشحيح واللحظي.

سامي: يبدو لي أنك صاحب تجارب كثيرة وتأملات عميقة في مفهوم الصداقة وانتخاب الأصدقاء. وهنا أود أن أطرح عليك بعض الأسئلة في الصداقة إن سمحت لي بذلك.

محمد: بكل سرور، تفضل.

سامي: هل تغيرت معالم علاقة الصداقة مع أصدقائك مع التقدم في السن؟

محمد: مع تقدمي في السن، تطورت صداقاتي بين النمو في بعض منها والاضمحلال في أخرى. كان ذلك بسبب عوامل مختلفة، مثل الالتزامات الشخصية والمهنية والجغرافية والفكرية والسلوكية. لقد أصبح الحفاظ على صداقاتي مع البعض منهم أكثر صعوبة، لكن الروابط التي كونتها في وقت سابق من حياتي، لا سيما في مقتبل العمر لا تزال قوية. على سبيل المثال، على الرغم من أن أصدقاء طفولتي يقطنون في أماكن ومدن مختلفة الآن. إلا أنني وإياهم نبذل جهدا للبقاء على اتصال من خلال الاتصال الهاتفي أو التطبيقات أو حضور المناسبات الكبرى والتبريك بالأعياد.

سامي: هل تفضل عدد قليل ودائرة صغيرة ومحدود من الأصدقاء أم تفضل تعدد الصداقات على أكبر دائرة ونطاق ممكنة؟

محمد: أنا شخصياً أفضّل القليل من الأصدقاء الأوفياء من حولي. بالنسبة لي، أشعر بأن الأصدقاء المقربين يقدمون اتصالات ودعمًا عاطفيًا أعمق. إلا أنني أفهم أيضًا، وأتفهم بأن الدائرة الأكبر من المعارف الشخصية والعلاقات الترحيبية تقدم للإنسان وجهات نظر متنوعة وفرص تواصل أكثر امتدادا. شخصيا أقدر وجود أصدقائي المقربين الذين يفهمونني بعمق، ويراعون مشاعري ويحيطوني بالولاء بأن يكونوا من حولي. لكنني أقدر أيضًا وجود شبكة أوسع من الأفراد منحولي تعرضني لثقافات وأفكار مختلفة، وقد تعينني في تخطي بعض العراقيل.

سامي: جميل. بكل أمانة أجبني، كيف يؤثر أصدقاؤك على حياتك؟

محمد: الصديق الوفي عملة نادرة مع توسع شبح الفردانية والمادية. والواقع أن لأصدقائي الأوفياء تأثيراً كبيرًا وجيداً على حياتي؛ لأنهم غالبًا ما يؤثرون على اختياراتي ومواقفي ونفسيتي بشكل عام. يمكن لأصدقائي الإيجابيين أن يحفزونيويلهموني لتحقيق أهدافي من خلال مكالماتهم التشجيعية. طبعا وجود فطنة ووعي وفراسة تعيين الشخص في تمييز الصديق الصادق الصدوق من الصديق المخادع الكذوب أمر ضروري ومهم جدا جدا جدا.

سامي: هل خيب أملك صديق أو أكثر أثناء سيرة حياتك إلى الآن؟

محمد: احتفظ بالجواب لنفسي.

سامي: احترم جوابك. ولكن ماذا تصنع بمن خيب أملك وفرط في ثقتك به وبدل ولاءاته من أصدقائك؟

محمد: استفيد من التجربة، وأعامله كزميل ليس أكثر، واستمر في السعي نحو أهدافي.