آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

الحاج جعفر عبد المحسن الحافظ، إشراقة نور في عالم الخلود

الحاج جعفر عبد المحسن الحافظونحن نعيش ذكرى الأربعين لرحيل الحاج جعفر عبد المحسن الحافظ، يتجلى أمامنا معنى إسلاميا عظيما وهو أن صدور الأحرار لا يسكنها إلا الله تعالى، وقد لقد كان الفقيد من الأحرار الذين تحرروا من كل ما هو مشين ومعيب، خلال محاسبتهم المستمرة لأنفسهم.

﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ [ص: آية 46]

كان الراحل جعفر مستحضرا للدار الآخرة، فهي نصب عينيه، وكانت مسيرة حياته منبثقة من إيمانه بتجليات هذه الآية الشريفة، ولذا كان منهج حياته وفق معالم النور الإسلامي.

فقد المجتمع الفقيد الحاج المؤمن ”جعفر عبد المحسن الحافظ“، أبو محمد والذي حاز درجة عالية من التقوى في دار الدنيا، وخرجت أنفاسه الطيبة من هذه الدنيا وهو محل الثناء ممن عرفه وممن لم يعرف عطاءه الوفير لمجتمعه إلا بعد ارتحاله.

كان رحمه الله أنموذجا لحياة المؤمن الموالي لأهل البيت . وإن إخوانه وأصدقاءه والمقربين منه يلمسون ذلك.

هناك من يرحل من عالم الدنيا وإيمانه يشوبه الشكوك والشبهة، وهناك من يرحل وإيمانه ممن قال تعالى فيهم:

﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا [الحجرات: آية 15]. وجعفر كان مثالا صادقا لهذه الآية، فلقد انتقل من عالم الدنيا وهو قوي العقيدة راسخ الإيمان.

عرف في مجتمعه بإيمانه الرفيع، حيث كان همه في هذه الدنيا الأنس بالله تعالى.

الجانب الإنساني والاجتماعي في حياة جعفر:

حباه الله قلبا رحيما فعاين هموم الناس، فكانت المواساة وسام شخصيته الرحبة، كما أن روحه الكبيرة تشارك أفراح المؤمنين حيث تسهم نفسه بإدخال السرور على الجميع، وكذلك تحضر أحزانهم لمواساتهم وللتخفيف عن آلام جراحهم.

كما أسهمت نفسه الطيبة داخل المؤسسات الاجتماعية الخيرية بصور البر التي تنم عن عمق محبة الله تعالى.

كما نال قسطا وافرا من محبة المؤمنين لخصاله الحميدة، ومحاسنه الجميلة.

التشييع المهيب الذي حظي به، واكتظاظ محل عزائه بالمعزين من مناطق هذه حتى آخر يوم يكشف ما لهذا المؤمن من مكانة عالية في أنفس محبيه.

كان رحمه الله يضع نصب عينيه الإخلاص في العمل.

طويل المكوث عند زيارة المقبرة يومي الخميس والاثنين.

كثير الصلاة عن الأموات والدعاء للمؤمنين.

سريع التعرف على الآخرين، وفي وقت وجيز يرفع القيود ويفتح الحواجز لتكوين معرفة.

رقيق القلب، سريع الدمعة ويحمل هموم الآخرين.

حريص أشد الحرص على زيارة المرضى في المستشفيات والمنازل بعد خروجهم.

يمتلك جانبا عاليا من الصراحة في إبداء الرأي مع احترام الطرف الآخر، ولقد اشتهر بذلك، وقال فيه الأستاذ وليد الجميعي من حديث أبي محمد جعفر نعرف حقيقة أنفسنا.

كان دائم التقليل من نفسه وفهمه وعمله العبادي والاجتماعي.

دعم سخي ومتواصل لأهله وإخوانه والمناسبات العائلية.

كفل وربى خمسة عشر يتيما وهيأ لهم السكن.

جانب العطاء الإنساني والمشاركة الاجتماعية في حياة الراحل جعفر:

عاش مشاركاً في جميع مؤسسات البلد الخيرية والرياضية فهو من الداعمين ماديا ومعنويا لنادي العدالة ويحضر بعض المباريات وعنده ثقافة كروية.

صاحب مبادرات وحلول سريعة ومصيرية ذات آثار إيجابية قائم ومشهود.

ساعد وفي تسهيل عملية النجاح لكثير من الطلاب حينما كان معلماً فنيا في عمله بإدارة التدريب المهني بأرامكو، والكثير يقر بفضله.

الجانب المعرفي والثقافي في حياة جعفر:

كان قوي المطالعة، فهو يقرأ ويسمع كثيراً وله اطلاع في الكتب السماوية الأخرى، ويُثبت أقواله وأطروحاته بأدلة قرآنية ومن الكتب السماوية الأخرى.

الجانب الولائي في حياة جعفر:

شخصية عاشقة لذكر أهل البيت ، أقام في بيته مجالس إحياء ذكر المعصومين الأطهار واتبع منهجهم في حياته.

بكاء بصمت في ذكر ما جرى على أهل البيت

كثير الزيارة للائمة الطاهرين خصوصا للإمام الحسين فهو له زوار.

كان داعما للمساجد والحسينيات والمراقد المقدسة للائمة الطاهرين.

كان سخيا في البذل لخدمة أبي عبدالله الحسين وإحياء ذكر أهل البيت .

من أحوال الحاج جعفر الانقطاع إلى الله تعالى بالدعاء والمناجاة، وكأني بحال قلبه يذكر الله بهذا الدعاء العظيم:

اللَّهُمَّ اشغَلنا بِذِكرِكَ وَأعِذنا مِن سَخَطِكَ وَأجِرنا مِن عَذابِكَ وَارزُقنا مِن مَواهِبِكَ وَأنعِم عَلَينا مِن فَضلِكَ

حافظ الحاج المؤمن جعفر على مواطن إجابة الدعاء في الأوقات الشريفة: بين الآذان والإقامة، وبعد الفرائض، وعند وقت الإفطار في شهر رمضان، وفي الليالي والأيام المباركة كليالي القدر، وفي ليلة عرى فك عرفة ويومها، وليلة الجمعة ويومها، وسائر الأوقات الشريفة الأخرى.

إن حياة الحاج المؤمن أبي محمد ذا الأخلاق العالية يحكيها المجتمع عمليا، فكان يسع قلوب الأيتام، وأهل الفاقة والمسكنة بالبر والإحسان، حتى لقب بأبي الأيتام.

فقيدنا السعيد أبا محمد جعفر روح إيمانية متلبسة في جسد، فهو يتنقل من مزار معصوم إلى زيارة ومؤمن ورحم ومريض وقضاء حاجات لكثير من المحتاجين، ويستقر به الحال إما في مجالس ذكر أهل البيت أو في المساجد.

حباه الله نور العقل، فكانت تسهم ذاته الخيرة بروح العبادة كما هو في ارتياد المساجد ومجالس العشق الحسيني.

مزايا هذه الروح الإيمانية كثيرة، وقد سرت في معالم شخصيته الروحية عشق المعصومين الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم.

كما أن معالم روحيته تصور لنا أحوال قلوب الطالبين رضا الله تعالى وجنته.

نفسه الكبيرة ترى جزاء الآخرة الذي أعده الله سبحانه وتعالى لأهل الإحسان، وأهل اليقين، وهو من الذين جعلوا هذه الآية منهجا حياتيا لهم:

﴿وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا [الإسراء: آية 21]

اختتم حياته العطرة بالعشق والعرفان بزيارة سيد الشهداء والأئمة الأطهار في فترة قريبة جدا من رحيله، فكان مسك ختام سفر من الأعمال الصالحة.

شربه الشراب الطهور في دنيا العمل، نسأل الله له الترقي في عالم الآخرة إلى جنة راضية مرضية.

عبر عنه صديق عمره الأستاذ علي حسين الحافظ، أبو أيمن:

" بعد مرور أربعين يوما على رحيل رفيق العمر والأخ الصديق والجليس الصالح والموجه المخلص، والساعي إلى طريق المكرمات في حج أو عمرة أو زيارة أو صلاة أو أداء لحقوق المؤمنين، إما مباركا أو معزيا، ذلك هو الأخ العزيز المرحوم جعفر بن عبد المحسن الحافظ، رحمه الله.

رحمه الله رحمة الأبرار، فلقد ادخر لحياته الطيبة رصيدا معنويا عاليا.

رحمك الله يا أبا محمد، ورزقك الله المرتبة الخاصة من الإيمان التي تجزى بها في منازل الآخرة.

اللهم نعيما في محل الكرامة للفقيد الحاج جعفر الحافظ، أبا محمد الذي خلد حياته للعبادة والقرب الإلهي العملي.

اللهم كما بيضت وجهه بنور الإيمان، وأحييت قلبه بنور الإيمان، اكتبه في النشأة الباقية في جنات الفردوس.

رحمك الله أيتها الإنسان العظيم المهاجر إلى الله تعالى إلى حيث طريق العشق والشهود.

تغمد الله الفقيد السعيد بواسع الرحمة وحشره الله مع النبي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام.

نسأل الله أن ينعم عليه بحياة أصحاب اليمين حياة ملؤها النعيم.

جعلك الله ممن تشملهم هذه الآية الشريفة

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر: آية 54,55]

استشاري طب أطفال وحساسية