آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

لغة التحدّي

آلاء حسين حبيل

مُنذ أن يولَدُ الإنسان ويَرتمي بأحضانِ أُمه، ويَضع يَديه الصَغيرتين فِي مَخابِئها، مُنذ أن تَبدأ يَداهُ الصَغيرتان الناعِمَتان تَكبر وتَنرسِم الخُطوط عَليها، يَكبرُ تَدريجيًا، إلى أن يَبدأ بِتذوقِ حَرفًا مِن لغته. لِكُلِ قَومٍ لغة يَعتزون بِها كثيرًا، ويتشبثون بِها طَويلا، كَونها لغة عَظيمة مَجيدة، وأكبر اللغاتِ مِثالًا: لغَة الضاد، لغة تَتحدى سائِرَ اللغات، لغة مُتجدِدَة، لا يَنقَطِعُ بحرُها، وكُل مَا غَاص المُتعلم في بَحرِها الأزرق وَجد نَفسه واضعًا إبهام رجله اليُمنى فَقط، ولَم يَغص بعد.

وعَن قَول البَعض بأن اللُغة الإنجليزية حَلّت مَحل العربيّة هَذا قول خاطئ ومُريب، كَيف للغةٍ أن تَحل مَحل لغة حصلت على وسام اللغة الأولى عالميًا! بَل كيف لِلُغةٍ عظيمة خَصها الله بمنزلةٍ رفيعة أن تحل مَحلها! لَيسَ بِخَطئ أن يجمع الإنسان بين لُغتين... العربية ويَدرس الإنجليزية كذلك، لَكنهُ لَا يَنسى بِأنَ الضاد لا يحل مَحلها شيء، هي أمه الحانية، ذات الحضن الدافِئ المَكتظ بالخوفِ عليه مِن مَساوئ الحَياةِ ومَا يَجري فيها مِن ظَاهرات عَصيبة، كَالظاهرة التي يَتحدثون الأهالي بها مَع أطفالهم... الإنجليزية «المُعربة» حَتمًا يَظنون أن كَمال الطِفل وفَطانته وكيانه عِندما يَكون بُلبُلًا يَنطق الحرف عَلى الحرف سَريعًا بالإنجليزية، حتمًا هذا لا يَجعل الطِفل فَطينا، بَل يُضيّعه اجتماعيًا وأكاديميًا، تارةً يحاول فِهم لغته الأم وتارةً اللغة الدخيلة، نَرى الطِفل لا يَستطيع تَركيب جملة على بَعضها بلغة أمه الضاد الأساسية، وكأنه حاله حَال الأجنبي! وكما يقول الدكتور طه حسين: «إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضاً». فما هي المُتعة عِندَما يهمل الإنسان لغته! يَصبح عاجِزًا كاسرا حروف لغته، مُستكثرا على نفسه لذة جمالية حروفها، غالِقًا عَلى نفسه بابها المُكتظ بالخيرات، قاتِلا شجرتها الخضراء المَحمولة بالعلوم، غافِلًا عن بحرِ عُلومِها الغزير.

ولِنقل لِمَن يَجعل لغة أخرى تُساوي العربية وتَحل مَحلها، العربية ظَهرت أولًا، هي لُغة القرآن فليسَ بالمُستطاع المَجيء بقرآن بِلُغَة أخرى، ترجِمَت الكُتب والروايات، لَكن إلا القُرآن بقى عَربيًا بِلسانٍ عربي مُبين، كذلك العربيّة هي الأولى عالميًا. ومِن هُنا نُبرهن على أهمية الحِفاظ على هذه الياقوتة الثمينَة والحرص على تشبُث الأجيال القادِمَة بها، والسعي لتَطورها وازدهارِها حُبًا فيها قَبل تَعلمها، ليكون الجَواب عندَ السؤال لماذا تُفضِلون العربيّة: «لأنني أفضل أمي على أي امرأة أخرى».

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
د.نادر الخاطر
[ القطيف ]: 3 / 3 / 2024م - 10:02 م
مقال جميل و مترابط في الانسجام
الكاتبة تتكلم بلغة العواطف حب الأم الى ابنها

لا توجد بحوث علمية باللغة العربية
اللغة العربية فقيرة المساهمة في الإنجاز العلمي
لا توجد مراجع في اللغة العربية يعتمد عليه

ربما تتفوق اللغة العربية في عالم الخيال اماً عالم الواقع والفعل فقيرة