آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الرسول محمد.. فقيد الانسانية

المهندس أمير الصالح *

وصلتني خلال اليومان الفائتان كشكول من الرسائل المنوعة وذات التوجهات المتنوعة. الا ان ما استوقفني منها هو فيديو يتكلم عن سرب روبوتات يستطيع ان يصفي جسديا نصف سكان اي مدينة مستهدفة دونما اي أضرار على المباني. قيل بان هذا هو الجيل الجديد من الاسلحة النظيفة في الحروب القادمة وهو ضمن مشروع لوزارة دفاع احد الدول العظمى ويسمى المشروع swarm project «السرب». حزنت كثيرا لما قد ستؤول اليه الامور لا سيما مع تزايد خلط المفاهيم واستباحة الدماء وسرقة الشعوب والسجل الحافل من اضطراب مناطق عدة من مناطق في العالم والسباق العالمي على السيطرة على اكبر مساحة من الموارد والعباد.

مصادفة كانت بيني وبين الشيخ حسن من الاحساء مدارسة ودردشة عن احد خطب بوم الجمعة اي خطبة تصادف اجواء ايام اواخر شهر صفر والتي عقدها على ضوء ذكرى رحيل رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت الخطبة تلامس بعض من حاجة الانسان السلوكية في وقت استحكمت المادية فيه وقلت نظم المحاسبة الذاتية والرقابة الاخلاقية. فاورد الشيخ التلخيص التالي على ضوء الاية الكريمة:

«الذين يتبعون الرسول الأمي.... ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم» الاعراف / 157

1/ إن هدف الرسالة الخاتمة هو تحرير الإنسان من أغلال الهوى وعبودية النزوات.

2/ إن الشرور التي تجتاح العالم نابعة من عبودية الإنسان للذات وأسر الشهوات.

3/ التجاوب مع هوى النفس وأطماعها التوسعية يعمي عليها النظر إلى الحقائق ويبطىء من عملية التعافي في العلاقات الإنسانية.

4/ إن إلجام هوى النفس وعدم إطلاق العنان للنزوات لابكون إلا بالوقوف الصادق مع النفس ومحاسبتها بشكل دائم وتهذيبها بالصالحات.

انتهى التلخيص المنقول عن لسان الشيخ، ولكن لم ينتهي نقاش الموضوع ولو على صعيد ذاتي. وكنت احاول استنطاق واقع العرب لو لم ياتي نور محمد لهم لاسيما ان المجتمع حينذاك مجتمع في اغلبه غير منتج وانما يعتمد على حصيلة الغزو والحروب والسلب والنهب وقليل هم المنتجون. فاستنتجت او هكذا لو لا ضوابط الدين الاسلامي واخلاق محمد ﷺ لكان مستوى وحشية العرب تفوق وحشية بعض الحركات الدموية المعاصرة. بل لكانت بعض الحركات والدول العنصرية او المتطرفة نسخة قديمة جدا وغير مطورة من دموية بعض العرب. ونفس الكلام يقال عن اتباع الدين المسيحي لاسيما اذا ما قراءنا في التاريخ عن بشاعة وانواع القتل التي يمارسها بعض المستعمرين وفي صحبتهم رجال دين مسيح يبررون لذلك، فلك ان تتصور ماذا يمكن ان يحدث ان لم يكن هناك ريحة لاحترام حقوق الحياة. ولعل تاريخ حروب الفايكينج تعطي صورة مصغرة عما يمكن ان يتم وتم.

لاحظت انه طال موقف النقد التطبيقي لتشخيص تلكم المعاني المسرودة في واقع المسلمين المعاش لاسيما مع وجودهم في ذيل قائمة شعوب العالم المتحضر. واثيرت مسألة سلوكيات بعض ممن يُنسب للدين كرجاله وتدني المشاركة الفاعلة لدى البعض في الحراك العلمي والثقافي نحو خلق الافضل والتجني من البعض ضد مجتمعاتهم في تعميق دور التهميش الذاتي والانغماس في نقاش التوافه من الامور.

اُثير نفس موضوع الجيل الجديد من حروب الروبوتات في مجموعات واتس اب عديدة ومن ضمنها قروب القراء وكانت الصور المنقولة عن حروب الروبوتات صور مفزعة وتقض المضاجع وتهدد وجود الانسان بشكل اكبر من الكوارث الطبيعية!!!.

كلا منا يعلم بان اثار الحرب العالمية الثانية مازال شاخصا للعيان وان البعد الزمني بين الحرب العالمية الاولى والثانية قصير نسبيا. وان الفترة الزمنية التي نعيشها حاليا تعتبر هي الاكثر استقرار وازدهارا في تاريخ البشرية حسب نظرة وتحليل بعض الكتاب!!.

الا ان الكل يسجل وجود قيادات دولية متهورة ويرصد التصريحات والتصريحات المضادة التي تجعل الانسان في حالة قلق دائم.

والكل سجل وجود الالة في كل مناحي الحياة والان الالة الذكية التي تتفوق في الاداء والمزاحمة على الانسان. وخبر الجيل الجديد من الروبوتات في اداء الاعمال الحربية والتطبيقات التشغيلية واستخراج المعلومات وسرعة تحديد المواقع تجعل الانسان السوي يتسأل اكثر عما يخطط له الانسان الممسك بالسلطة في العالم الحالي؟!

التساؤولات الكبرى عن سلوكيات بعض منعدمي الضمير ليحافظوا على التفوق والسيطرة والاستحواذ تساؤل وجيه لاسيما مع تردي وضع الاقتصاد العالمي والبون الشاسع في التقدم العلمي.

انعدام الضمائر وتمييع القوانيين وانتشار اخبار الفساد دوليا وانحناء المرشحين السياسيين لمطالب بعض الشواذ فكريا وجنسيا وساديا وتزايد عدد المرتزقة يجعل الصورة ضبابيةً ومستوى الضغوط متزايدة.

السؤال الكبير الاخر ماهي الحلول للخروج عن تلكم المأزق؟

كانت الاية الكريمة التي أوردناها في صدر الحديث ماثلة امام عيناي وتلمست من الواقع المعاش الامر التالي:

ينشغل الكثير من الناس المثقفين والمتثاقفين في الانخراط بالقراءات الجدلية والنقدية لتغليب فكرة ضد اخرى والسعي لتسجيل نقاط فريق ضد فريق اخر ولكن النزر القليل منهم من يسعى حثيثا لوضع خرائط طريق النجاة لنفسه ولغيره وللانسان.

شاهد الكل منا انه مع تمادي مساحة حب السيطرة المادية والظهور الاعلامي يندثر صوت الاخلاق والحكمة والتعقل. ولكن وجود محطات ولو محطات اعادة ذكرى الرموز تجعل الانسان في حالة امل ان تنبعث الحياة في تجديد الاقتباسات من حياة الرمز هذا او ذاك لتكون مفاهيم وسلوكيات تعاش. ونحن على عتبات تجديد ذكرى يوم ميلاد رسول الانسانية نجدد العهد باخلاق شخص الرسول محمد ﷺ وتعاهد خرائط الطريق في المعاملات والتواصل ولين الجانب وحسن العشرة ودماثة الخلق ولو على نطاق المحيط الضيق ك القروب والديوانية والفريج والعائلة.

واتسال في ذات الوقت بيني وببن نفسي لماذا انحسر وهج الاقتداء واستنطاق خرائط الطريق التي رسمها الرسول وضُيعت في جداليات وتمزقات الاختلاف والمشاكسة بين بعض ابناء الامة؟!

واتسأل اكثر، ماهي سبل النجاة لاي شخص في حالة وجوده في عالم يموج في حب السيطرة وتنامي الانحرافات والأنانيات؟!

تلكم الاسئلة وغيرها، تجعلني شخصيا، استشعر بان الجميع فقد الكثير الكثير بفقدان روح الاخلاق التي كان مثالها الاعلى مشخصة في النبي محمد ﷺ.

يحذونا الامل بان تكون احياء الذكرى لرحيل او ميلاد النبي هي محطة تجديد عهد باخلاق النبي وتلمس طريق نحو محطات النجاة والفلاح والسعادة.

فسلام الله على محمد ﷺ في الاولين والاخرين ويوم ولد ويوم مات ويوم يُبعث حيا.