آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

عطر الكلام «19»

سوزان آل حمود *

الفضفضة مع الآخرين ليست من أجل أن يقترح عليه حلاً، ولكن للشعور بالارتياح عندما يتحدث ويخرج ما بداخله، هى بمثابة علاج نفسى تماماً كما يذهب المريض النفسى للطبيب وبعد جلسة العلاج يشعر بتحسن فى حالته النفسية. لكن قد يحدث العكس عندما لايكون اختيارك مناسبا للشخص الذي تبوح له بما في داخلك،

قال الشاعر:

لاتشتكي للناس جرحاً أنت صاحبه +++ فالجرح لا يؤلم إلا من به ألمُ

نعم.. أنا لا أتقن فن الشكوى لأحد.. وأجد صعوبة بالغة في ذلك.. قد يثير سخطك هذا التصرف مني.. لكني لم أستطع التغلب على هذا الطبع مع أيٍ كان، أجد ملاذي بين أحضان أوراقي ومع قلمي.. فأكتب ماشئت.. متى شئت.

يقول الدكتور أحمد هارون، مستشار العلاج النفسي: بالصمت قد تؤجر لأنه عبادة دون أى عناء، يكفى أنك لم تنطق بما تأثم عليه، فيه تتعفف وتتزين ويعطيك الهيبة بين الناس، حتى وإن لم تكن ذا سلطان أو ذا منصب، إضافة إلى أنه يريحك من لوم الآخرين فأنت لم تتكلم حتى تخطيء، فيلومون عليك، وبذلك فهو يحصن ويغنى عن الاعتذار، كذلك يعطيك قبولا بين الآخرين، وتنجى به من الوسواس.

هناك قاعدة تقول: السكوت من ذهب!

هل كل أنواع السكوت من ذهب؟ عندما نسكت.. عقاباً وإيذاءً: هل هو سكوت من ذهب؟، عندما نسكت.. ذلا ً ومهانة: هل هو سكوت من ذهب؟، عندما نسكت.. ضعفاً وخنوعاً، عندما نسكت.. جبناً وتخاذلا ً. عندما نسكت.. طلباً للراحة، وهروباً من المواجهة!

تساؤلات أتمنى أن يجيب عليها كلا منا بصدق..

ما أروع الصمت الذي يصحبه تأمل.. فهو حوار بين الروح والعقل وتدبر وحكم وحب للجميع ورقي.. الصمت سر الفقهاء وعنوان الأدباء وشفاء لكل داء.

وبهذا الشأن قال الإمام الشافعي:

يخاطبني السفيه بكل قبح *** فأكره أن أكون له مجيب

يزيد سفاهة فأزيد حلما *** كعود زاده الإحراق طيبا

هناك من الناس من يظن أن صمتك عن ضعف فيتمادى في غيه، وهذا النوع يجب ان يوقف عند حده، وقد تكون كلمة واحدة تكفيه ليلزمه حده وهناك نوع آخر لا ينفع معه إلا الصمت لفرط جهله ورعونته وبالتالي عدم أهميته …

وقد قال الشافعي بهذا الخصوص

الصمت من جاهل أو أحمق شرف*** وفيه أيضا لصون العرض صلاح

أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة؟ *** والكلب يخسى لعمري وهو نباح

من وجهة نظري السكوت والصمت عن الحق جريمة لا تغتفر. والسكوت عن جهل فيه وجهة نظر.

السكوت أو الصمت في وجه شخص متعال ومتغطرس يريد فرض رأيه هذا خطاً، فيتوجب محاورته وإقناعه. وفي هذه الحالة يتوجب الخروج عن الصمت حتى لو أراد الآخر أن يفرض رأيه.

الإنسان الناجح هو الذى يُغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم، ويفتح أذنيه قبل أن يفتح الناس أفواههم، فيحتاج المرء إلى سنتين تقريباً ليتعلم الكلام، لكنه يحتاج إلى سنين ليتعلم لغة الصمت!

عزيزي القارئ عليك ان تعرف كيف تتعامل جيداً مع الكلام أو الصمت فكل منهما له نكهته، وأنا تعلمت ان أكون سعيدة بصرف النظر عن الحالة التي انا فيها.