آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 3:46 م

وكالة يقولون

سوزان آل حمود *

نظرت إلى الناس فرأيتهم على أنواع بسبب النشأة الأولى، والتربية والتوجيه اللذين تلقاهما. ووجدت أن لكل فرد شخصيته المتميزة، ونظرته الخاصة إلى الحياة. ولكني رأيت الناس كلهم متفقين على أمر واحد، فكل شخص في هذه الدنيا معجب برجاحةعقله، وأسلوبه الممتاز في مواجهة المشكلات. وكلهم يرى أن نظرته للحياة صحيحة منطقية، بل هي دقيقة كل الدقة، ومن ثم كل منا يتوقع من الآخرين أن يروا الأمور كما يراها، وأن يسلكوا السلوك الذي يشير إليه، ويتبعوا الحل الذي نطق به. فقلت لنفسي: إن ما قالته الأمثال قديماً حق: «لما وزع الله العقول فرح كل إنسان بعقله وشكر المولى عليه»!

يمكن أن يُكون الشخص علاقات اجتماعية ويزيد من عدد أصدقائه ومعارفه من خلال محاولة التواصل مع الغرباء من الأشخاص الذين لا يعرفهم بأي شكل من الأشكال، ويمكن أن يقوم بهذا عن طريق فتح مجال للحديث والحوار مع الناس عند التقائه بهم فيالأماكن العامة، لعله يستمتع برفقة أحدهم ويصبح صديقاً له فيما بعد، لكن للأسف بعض الأفراد وان وجدت أنهم عددكبير وأخذ في التزايد وهو بعدما يوقف للتواصل مع الآخرين ويعقد معهم صداقة او زمالة تبدأ وكالة يقولون في الانتشار وتوسع دائرتها؟!

هناك ظاهرة وهي من اهم الظواهر السلبية التي نجدها في بعض النفوس المريضة وقد تؤثر على اصحاب الشخصيات الضعيفة وهي نقل الكلام غير الصحيح الصادر من مصدر كاذب، بهدف تخريب العلاقات بين هذا وذاك دون مراعاة التربية الاسلامية الذييجب علينا كمسلمين أن نتحلى بأخلاق هذا الاسلام وما وصى رسولنا الكريم من حسن الاخلاق مع الناس. وللأسف فاننا نجد هذه الظاهرة موجودة في أماكن العمل بشكل أكثر، مثل نفاق المسؤولين والكذب عليهم ونقل الكلام غير الصحيح لهم عن الزملاءوتشويه سمعة الآخرين بهدف التقرب لهذا المسؤول أو لغرض الترقية أو مصالح اخرى. لا يجب عليك أخي الكريم المسلم أن تشحن القلوب على بعضها البعض والعمل على التفرقة بسبب مصلحة معينة تريد أن تنالها فإذا كنت تعاني من مرض نفسي تتعرضله حاول أن تعرض نفسك على الأخصائيين في الامراض النفسية وصدقني سوف تتجاوب مع العلاج.

تناقل الكلام بين الناس وتهويله متعة لدى الكثيرين…

فكم من كلمةٍ سيِّئة أو خاطئة أحدثَتْ بين قبيلةٍ أو جماعةٍ مُتَآلِفة أعظمَ ممَّا تُحدثه النار في الحطب اليابس في الرِّياح الشَّديدة، فينبغي للعبد ألاَّ يُطلِق العنان للسانه، ولا ينقل الكلام بمجرَّد سماعه، وعلى مَن بلغه فيه كلام من أحدٍ ورأى من المصلحة أنْ يتفاهَممع ذلك الشخص المنقول عنه الكلام فليفعل، فلربَّما كان ذلك سببًا في إزالة الوحشة، وتصحيح الأخطاء، والإبقاء على المودَّة، والتعاون والتلاحم، كما أرشدنا لذلك دِينُنا الحنيف حتى تندحر وكالة يقولون مفرقة الجماعات التي أصبحت دائرتها واسعة في مجالالعمل بصورة كبيرة جداً خاصة في المدارس والمستشفيات رغم ان هذين المكانين هما اهم الأمكنة لإشاعة المحبة والاحترام والترابط.

ماذا تقول للانسان الذي يشعل نار الفتنة بين الناس كي يرضي مصالحه الشخصية والانانية؟

أنا سأقول له أتقى الله ليجعل لك مخرجا وأقرأ التالى لعلك تتعظ سبب رئيس من أسباب استفحال أزمتنا السياسيّة، وأزماتنا الاجتماعيّة، السعي بالفتنة بين الناس التى حذرنا منها رب العالمين فى كتابه العزيز حيث قال: ”الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ“. وقال: ”وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتل“، وقد يستغرب المرء أن تكون الفتنة التى قد تكون بكلمة لا يلقى المرء لها بالا أشد أو أكبر من القتل، ولكن بقليل من التدبر يتبين بأن المراد على سبيل الحقيقة باعتبار الأثر المترتب على الفتنة، فالقتل يقع على شخص أو أشخاص محصورين وإن كثر عددهم، بخلاف الفتنة فإن أثرها قد يمتد إلى أناس لاعلاقة لهم أصلاً بالموضوع، وقد يتدحرج حتى يتجاوز حدود الزمان والمكان، فيتخطى حدود دولته الجغرافية، وتتوارثه الأجيال، وقد صدق رسولنا الكريم فى كل ما قال ومنه ”إنَّ العبدليتكلّم بالكلمة - مِنْ رضوان الله - لا يُلْقِى لها بالاً، يرفعه الله بها فى الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة - من سَخَط الله - لا يُلْقِى لها بالاً، يهوى بها فى جهنم“ هذا قولي فماهي قولك انت؟!

فقد حرم الله عز وجل الغيبة في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ، فقال سبحانه: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 12].

فشبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتاً، ومر النبي ﷺ ليلة عرج به بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، قال: فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. رواه أحمد.

وتفسير الغيبة جاء في قول النبي ﷺ: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.

وقد حذر النبي ﷺ منها أعظم تحذير فقال عندما مر على قبرين: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. متفق عليه.

يجب علينا كمسلمين أن نتعلم سلوكيات الاسلام الصحيح واخلاقيات هذا الاسلام العظيم والدين الحنيف، نعم انت مسلم ولكن هل تطبق ما جاء في القرآن والسنة النبوية؟ ثانياً يا اصحاب الشخصيات الضعيفة يجب عليكم أن تتعلموا كيف تتعاملوا مع هؤلاءوتقوية انفسكم وعدم الانجرار وراءهم وعدم تصديقهم والاخذ بكلامهم، ومن ثم اصدار الحكم على الآخرين، قال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين…فينبغي للعبد أنْ يحرص علىسَلامة قلبه، والإنصاف من نفسه، ويتحمَّل ما يستطيع تحمُّله في سبيل المصلحة حتى يحصل التقارُب والتآلُف.

فنصيحتي:

لا تكن عود ثقاب يشعل فتيل الفتنه فإن أشعلها غيرك فعليك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر او بأضعف الإيمان بالدعاء واترك كل من ينتسب إلى وكالة يقولون مفرقي الجماعات والفتنة اشد من القتل، ومن يحاول اشعالها فهو مُجرم بحق الانسانيه، وما من فتنة الا كانت هلاكاً على الأمة جمعا.