آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

خيوط الوهم

فؤاد الحمود *

عبر التاريخ الغابر والحاضر تطالعنا قضايا وأفكار ربما تعصف بالمجتمع وتحيل المسلمات إلى نظريات واحتمالات بل قد تجعل من الحقائق المؤكدة مجرد أوهام وخيالات لا واقع لها ومن تلك الأمثلة التي تدخلت فيها بعض العوامل التي حولت المجتمع الاسلامي إلى فرق وصراعات عبر الزمن ما طرحه النبي الكريم «صلى الله عليه واله» من حديث متواتر أصبحت شهرته كبيرة ”حديث الثقلين“ والذي طاله التحريف والتصحيف؛ لتصبح كلمة السنة النبوية بديلا للعترة المصطفوية رغم أنه كان تغيراً بسيطاً متعمداً لكنه أخذ المجتمع الاسلامي الى ما يحمد عقباه فانحرفوا عن الجادة ومالوا عن الصراط المستقيم.

وليست تلك القضية هي أول التغيير أو الوحيد؛ فالمتأمل في حديث الغدير الذي جعل من الشيخ الاميني يؤلف تلك الموسوعة العظيمة المسماة ”الغدير“ في زمن كان أدوات البحث والتنقيب عن المصادر فيها من الصعوبة بل العسورة بمكان أن يجابه ويعارض ولا يقام له وزن بين المسلمين، ونماذج التغيير كثيرة حتى أصبحت ”الأمة الوسط“ التي مدحها القرآن تتجرأ على حفيد الرسول ﷺ الحسين بقتلة شنيعة يندى لها الجبين ويغيب عن الأمة الوجه الصالح، ولتظهر أمة وتدافع عن الوجه الطالح «يزيد» ويدعى زوراً أنه المفترى عليه؛ والحال أن العلماء اجمعوا أنه لم يكن من الأولياء الصالحين ولا من العلماء المتقين بل نص كثير من أهل العلم على اشتهاره بالمساوئ والقبائح ووصل بعض العلماء إلى حد التأليف في جواز لعنه وثلبه كأبي يعلى وابن الجوزي والسيوطي.

كل عصر ومصر تمر تجارب على المجتمعات وإثارات تغيب من خلالها بعض الحقائق وما الكلام عن انتشار بعض الأمراض والأوبئة بين الفينة والأخرى وبطرق قد تحاصر ذلك المجتمع وتعزله عن الأخرين وينتج عن تلك العزلة اضرار كبيرة وتغيرات كثيرة على مستوى المجتمعات إلا نماذج..

وليس في التعاطي مع حادثة العائد إلى أهله بالسلامة ”موسى الخنيزي“ الذي أقر الله أعين أسرته وبلدته الطيبة ببعيدة عنا، فقد عايشها المجتمع بكل أطيافه وتعاطى معها كل حسب توجهاته وميوله فالقصص التي حاكتها الخيالات ونشرها الإعلام على مختلف أنواعه وردود بعض الأفعال سواء المتزنة أو غيرها التي نسيت القضية وراحت تولول وتتناسى ذلك الأجرام في حق المجتمع الكبير وأن ما قامت به الخاطفة أو المتبنية إلا جرم في حق الأطفال وأسرهم، وأهتمت تلك الشريحة بمصير الشاب الطائفي هل سيغير معتقده والبعض يتمنى أن يحرم منه والديه ولا أن يصبح شيعيا رغم إعلان والده أن لأبنه حرية الاختيار، وكفالة القانون والاعتراف بالمذهب الشيعي من ضمن مجموعة المذاهب التي أقرت في مؤتمر مكة.

وفي المقابل اخفيت بعض الأحداث عن المجتمع في قضية موسى سواء كانت هناك بعض المصالح من إخفائها أم لا وقد تضاربت الأخبار هل كان موسى مع الأسرة قبل الإعلان الرسمي بيومين أم لا؟!

والأعجب أن يظهر احد أهل الاختصاص في المحاماة ويصرّح بضرس قاطع أن المرأة بريئة! وسرعان ما يكتشف المجتمع أن الطفل «القرادي» الذي تم سرقته من مستشفى القطيف مسجل في السجلات الرسمية وله هوية مزورة! فيا ترى آلا يدخل هذا في تضليل المجتمع وأنهم سيترافعون عنها إنسانيا وهل ما فعلته فيه شيء من الإنسانية؟!

فالنتائج تظهر أن هناك بعض الامور تُسيّر من قبل الإعلام ويوجه المجتمع إلى ما يصبو إليه الأعلام.

والخلاصة في أن كلنا يعلم أن الإعلام هو السلطة الرابعة التي تتحكم في مصير كثير من المجتمعات ونعلم يقيناً دوره البارز؛ لكن ما يجب علينا هو ان نكون واعين لما يراد من التغيير الأيديولوجي للمجتمعات عبر الإعلام.