آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

الإيمان قرين البلاء

صالح مكي المرهون

يقال إن الإيمان لا يحقق للإنسان حياة سعيدة بالمعنى المادي، ولهذا يرغب الإنسان في الإيمان حتى يعيش هذه الحياة بعيدا عن المنغصات الدنيوية التي تعكس صفو العيش ولكن الحقيقة ان هذه نظرة ساذجة وغير واقعية فالإيمان نعم يحقق الحياة النفسية السعيدة المطمئنة إذا كتب المؤمن من أولياءالله وتولى في جميع أمور حياته، وترك المكاره الدنيوية لأن هذا الأمر يتعارض مع الواقع، لأن المؤمنين هم أساس من يقعون في المكاره لأنهم دائما محل إبتلاء وبسبب هذه النظرة غير الواقعية فسرت بعض الآيات تفسيرا خاطئا أو أعطيت معنى غير دقيق وحتى يتضح الأمر تماما نلقي الضوء على بعض هذه الآيات قال الله تعالى «ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا» إذا فإن المؤمنين دائما هم الغالبون ما داموا ملتزمين بلوازم الإيمان إذا الآية ان الكافرين بالإضافة الى عدم انتصارهم من حيث المنطق على المؤمنين فهم لن ينتصروا على المؤمنين في أي أمور من النواحي العسكرية والسياسية والثقافية والأقتصادية.

وما نشاهده من انتصار للكافرين على المسلمين في الميادين المختلفة إنما هو بسبب أن المسلمين المغلوبين لم يكونوا ليمثلوا في الحقيقة المسلمين المؤمنين الحقيقيين، قال أبو الحسن موسى «ما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيلهمه الله عز وجل الدعاء إلا كان كشف ذلك البلاء وشيكا، وما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدعاء إلا كان ذلك البلاء طويلا، فإذا نزل فعليكم بالدعاء والتضرع إلى الله عز وجل».

وقال الله تعالى في محكم كتابه «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب» وفي هذه الآية لا يمكن أن نحمل الرزق على الأمر المادي، بمعنى ان الملتقى ليس متوفرا دائما على الخيرات المادية، وهذا ليس بمعنى ان العبد كلما زاد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته، وهذا قد يناقض المفهوم من الآية بحسب التفسير، ولا يمكن أن نحمل المخرج هنا على الخروج من المكاره الدنيوية لمخالفته الواقع، فإذا هنا لابد من المؤمن أن يخرج من السوء والمكاره أين وكيفما كانت، والخروج من السوء بمعنى أن تقوى الله تقابل بتسديد إلهي في العمل وتوفيقه حيث يخرج هذا المؤمن من مكائد الشيطان والإبتلاءات وطرق الهلاك.

فيجب على المؤمن اذا نزل به بلاء ان يتجه الى الله بالدعاء والتضرع بنية صادقة قوية الإيمان ليكشف الله عنه ذلك الإبتلاء وأن يصلح نفسه وسريرته من ظلم البشر وكذلك من الغيبة والنميمة ويداوم على الصدقة لأنها تدفع البلاء.