آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 7:24 م

كن جميلاً..

موسى الخضراوي

خلق الله الحياة جميلة في كلياتها وجزئياتها، وخلق الإنسان في أحسن تقويم ليتلاقى النور بالنور.

لو وجّهنا بوصلتنا للجمال في الخلق والخلائق لعرفنا الله حق معرفته؛ لأنه الجمال المطلق الغير محدود.

الجمال هو منهل الإيجابية، والطهارة، والحب، والخير، وحسن الظن، والاستقامة، والسلام الداخلي.

إن لم تعشق الجمال ولم تتذوق حلاوته؛ فاسع لمعرفة الخلل في ذاتك وتصحيحه حتى لا تحاربه أو تتخذه عدوا بقصد أو بدونه.

نحن البشر - دون استثناء - بحاجة ماسة لبعضنا لتشرق لوحة الإبداع السماوي.

لا العلم، ولا المال، ولا الشهادات أو المناصب، ولا سواها من يصنع قيمتك البشرية؛ لأن قيمتك الحقّة بما تملك من إنسانية، وما تقدّم من عطاء مادي ومعنوي لها، وهذا هو الجمال بعينه.

إن تسليط الضوء على السلبيات بشكل عام هو مرض نفسي إرادي في بداياته ولا إرادي بعد فوات الأوان.

التركيز على السلبيات يرسم في العقل الباطن للإنسان أشباحا سوداء تسقط تلقائيًا على قلبه وعينه فتضيع عنده البوصلة ويفقد الاتزان النفسي والسلام الداخلي ويعيش حالة من سوء الظن والانفعال والتفكير المشوش.

أغلب السلبيين لا يرون الحُسن في الناس، ولا في الطبيعة، ولا في الكون بأسره. ولهذا فالحياة لديهم رمادية مظلمة تحمل بؤسا مستمرًا وأحزانًا لا تنتهي. يفتحون أعينهم صباحًا متشائمين ويغمضونها مساء مهمومين. وكأنهم خلقوا مناهلَ للأكدار ينثرونها أينما حلّوا.

أما الإيجابيون فنفوسهم مشرقة وأرواحهم متألقة، يصيرون نار الحياة قبسا من نور السعادة. أحاديثهم ممتعة وأحلامهم وردية. يرون الحسن في كل مكان ويركزون عليه ليبدو لوحة فنية متعددة الألوان. قلوبهم طاهرة وألسنتهم أنيقة وأخلاقهم جميلة. ارتسمت أناقتهم الداخلية حتى على ظواهرهم فأصبحوا كالملائكة بين الناس. أينما حلّوا حل الحب والخير والجمال. يحبهم الله ورسوله والمؤمنون.

عشاق الجمال هؤلاء يؤمنون بأن المؤمن مبتلى وبأن الابتلاء يزداد بازدياد الإيمان؛ لكنهم بتسليمهم التام لله ورضاهم الكامل وصبرهم الجميل يحيلون كل الآلام لآمال مشرقة ومزهرة تحمل كل خير. إنهم صانعو الجمال حتى على الأحجار التي يتعثرون بها في الطرقات.

كن جميلاً لتكون انعكاسًا لجمال الله بقلبك وروحك، وتكون سفيرا للسماء بعملك الصالح وعين بصرك وبصيرتك، فتسعد وتسعِد كل من حولك.

إذا كنت ترى الجمال بعين بصرك وعين بصيرتك؛ فهذا يعني أن جمال الله غمر فؤادك وانعكس على عينيك وقلبك وتعاملك ورؤيتك للآخر، وبمعنى أدق أن جمال قلبك هو قبس من نور جمال الله تعالى.