آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

متى تعود الحياة لمكتباتنا العامة؟

فاضل العماني * صحيفة الرياض

يبدو أن المبادرة/ الخطة الرائعة التي أطلقها الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة لتطوير المكتبات العامة في المملكة، جاءت في الموعد تماماً لتنضم لسلسلة المبادرات والإصلاحات والسياسات الجديدة للقطاع الثقافي الوطني الذي يُعدّ أحد أهم مداميك الرؤية الطموحة للمملكة 2030.

وتهدف هذه المبادرة الرائعة لإعادة الاعتبار للدور الريادي للمكتبات العامة التي كانت تُمثّل البيت الرصين للفكر والثقافة والأدب والمؤسسة الثقافية المنتجة للوعي والانفتاح والتسامح. كما تضمنت هذه المبادرة المهمك على حزمة كبيرة من الأهداف والمفاهيم والوظائف الجديدة التي سيحملها الوجه الجديد للمكتبات العامة في المملكة.

خطة رائدة كهذه، تستحق الإعجاب والفخر، فضلاً عن الدعم والتفاعل من كل مكونات ومؤسسات المجتمع الوطني بشقيه العام والخاص، لا سيما أنها أقرت بعد دراسة ميدانية مستفيضة، لامست عن قرب الواقع المرير الذي كانت عليه المكتبات العامة في مشهدها التقليدي وكيف كانت مجرد مبانٍ صمّاء خالية من الرواد، رغم ازدحام أرففها بتلك الكتب التي أرهقها الغياب وسكنها الغبار.

وتستهدف هذه الخطة الطموحة إنشاء 153 مكتبة عامة في جميع مناطق المملكة، وسوف يتم افتتاح أول 13 مكتبة عامة وفق هذه المنهجية الجديدة في عام 2022، إلى أن يكتمل العدد النهائي لها بحلول 2030.

وتُعتبر هذه الهيئة الخاصة بالمكتبات، واحدة من 11 هيئة ثقافية تم استحداثها لتتولى مسؤولية إدارة وتطوير القطاع الثقافي السعودي بمختلف التخصصات والمستويات، بحيث تتمتع كل هيئة بكافة الصلاحيات والإمكانات الإدارية والمالية وترتبط مباشرة بوزير الثقافة، والهيئات هي: هيئة الأدب والنشر والترجمة، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، وهيئة التراث، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الفنون البصرية، وهيئة المتاحف، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة الموسيقى، وهي فنون الطبخ، وهيئة المكتبات".

تلك هي الطموحات والتطلعات والأهداف التي يحملها صنّاع الثقافة في وطننا الغالي من أجل إعادة الحياة للمكتبات العامة لتُسهم بفاعلية وقوة في تنمية المجتمع، بل والوطن بشكل عام، خاصة في ظل هذا التراجع والانحسار لدور وتأثير المكتبة العامة في فكر ومزاج المجتمع بأفراده ومكوناته. فالمكتبة العامة بشكلها التقليدي، قد خسرت الرهان أمام طغيان وتغوّل ”الرقمنة الحديثة“ التي تعشقها كل فئات وألوان المجتمع، خاصة الأجيال الجديدة التي لا تكاد تعرف تلك المكتبات العامة.

إن قطاع الثقافة بشكله الجديد، يمر بمرحلة غربلة/ هيكلة طالت كل تفاصيله الكبيرة والصغيرة، وأصبح يُدار بعقلية جديدة تتناسب مع نوعية المرحلة وطبيعة الظروف، واعتبار أن الثقافة كقوى ناعمة كبرى يجب أن تُصبح منظومة إنتاج متكاملة، لها أدواتها وآلياتها ومقوماتها.

ولكن، ما ملامح وتفاصيل المكتبات العامة الحديثة التي تستحق أن تكون ”المكان الجاذب“ لكل أفراد ومكونات المجتمع بمواطنيه ومقيميه؟ سؤال مهم كهذا، سيُحاول المقال المقبل الإجابة عليه