آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 6:58 ص

فرضية العيش في كوكب آخر

محمد الحرز * صحيفة اليوم

جائحة كورونا فرضت مسارات على الإنسان في حياته اليومية، لم يكن سابقا معتادا عليها أو هي غريبة عليه، إذا ما كانت الحياة تجري بصورتها الطبيعية. فما المعنى من مسألة التباعد الاجتماعي؟ أو لبس الكمامات أو تجنب الاختلاط في الأماكن المغلقة؟ سوى أن هذا الفيروس فرض مثل هذه المسارات وحتم وجودها، وأصبح لزاما على الإنسان التكيف معها حفاظا على صحته وصحة المجتمع وسلامته بشكل عام.

هذا أمر طبيعي، وهكذا جرى الأمر مع كل وباء اجتاح العالم في كل الأزمنة.

لكنني في هذا المقال أريد أن أناقش الموضوع من زاوية مختلفة، تبتعد قليلا عن التحولات التي فرضها هذا الوباء على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العالم.

فماذا لو افترضنا أن مثل هذا الوباء سيظل يعيش مع الإنسان ولن يختفي، حتى لو تم اكتشاف لقاح له؟

وماذا لو توصل العلم إلى نتيجة أن الأرض غير صالحة للعيش؟

وأن على الإنسان أن يبحث له عن كوكب بديل لحياته المستقبلية؟

هل يمكن التنبؤ بمثل هذا الافتراض؟ أو بطريقة أخرى: هل يمكن حدوثه؟

لا أريد الدخول هنا في علم المستقبليات، لست أنا من مؤيديه أو الركون إلى تحليله. لكن ثمة مؤشرات تسمح لي أن أمضي في هذا الافتراض، حتى لو أنها لا تدل دلالة قاطعة على ما نرمي إليه.

علوم الفضاء تطورت وجهود علمائه يوما بعد يوم يكتشفون أسرار الفضاء وكواكبه ونجومه ومداراته، حيث أصبحت فكرة البحث عن كوكب، قابل ليعيش الإنسان فيه سارية المفعول عند جهود هؤلاء العلماء والمؤسسات والمراكز التابعة لها، وكوكب المريخ هو أحد الخيارات الأكثر واقعية في تحقيق مثل هذه الفكرة.

إذا أضفنا إلى ما سبق، ذلك المسار الذي يرسمه الخيال العلمي، فيما ينتجه من أفلام، ترتكز في أغلبها على: إما إنقاذ الأرض من خطر خارجي يهددها من طرف كائنات فضائية أو خطر داخلي ناتج عن حروب مدمرة للحرث والنسل، وإما ترتكز على تصور مدن فضائية يسكنها الإنسان بديلا عن الأرض.

وهناك العديد من الأفلام التي رسخت هذا المسار منذ ثمانينيات القرن المنصرم. ونحن نعلم تماما ما للخيال العلمي من مركزية في تطور العلم واختراعاته في عصر التقنية.

فما كان خيالا يتجسد في أعمال فنية كالأفلام، تحول بعد فترة من الزمن، بفضل التطور التقني، إلى واقع ملموس، وليس الرجل الآلي سوى واحد من النماذج العديدة في مثل هذا التحول.

هذه المؤشرات أو الافتراضات من الأهمية بمكان، بحيث أخذت حيزا كبيرا من اهتمام المفكرين والفلاسفة عندما أدخلوا التقنية باعتبارها الرافعة التي شكلت ما يسمى من العمق العصر الصناعي للمجتمعات الحديثة، وأصبح كل مفكر يتحسس خطرها انطلاقا من مرجعياته الفلسفية والفكرية. لكن ما يهمني هنا، استكمالا للفكرة التي طرحتها، هو التساؤل الاستنكاري الذي طرحه هيدجر عن العلاقة التي تربط الإنسان بالأرض ليس بوصفها علاقة قائمة فقط على البعد البيولوجي، وإنما هي علاقة متشعبة تتركب من موروثات ومركبات جميعها لها وشائج، داخلة بقوة في تركيبة الإنسان روحيا وجسديا واجتماعيا وحتى اقتصاديا.

ما يلفتنا إليه هيدجر، في سياق حديثنا عن البحث عن كوكب بديل للأرض، هو صعوبة انتزاع الإنسان من موطنه الأرض، وإذا ما حدث ذلك في المستقبل، فسوف نحصل على كائن آخر، أي شيء عدا كائن اسمه الإنسان الذي كان يعيش على الأرض.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
محمد
[ Qatif ]: 14 / 8 / 2020م - 11:07 م
اتمنى ان لا يتكرر ذلك في موقع محترم.
أو تسمحوا حق الرد ويقينا لن تستطيعوا، أكيد لو كان المقال ينتقد توجه القائمين على هذا الموقع ومرجعياته لن ينشر، الأفضل المحافظة على مشاعر الاخرين، لا تكونون ملكيين أكثر من الملك، ارتفعوا بموقعكم وهو ان شاء الله في ارتفاع، صعب تعتدروا عن هذه الهفوة الأمل لا تتكرر.
لكم التقدير وأتمنى يستمر هذا التقدير لا أحد يطلب منكم الدفاع ولن تستطيعوا حريا أن تكونوا واقعيين لا نتجاوز على الاخرين.
امنياتي من موقع التقدير لكم انا تترفعوا لكم الشكر وأنتم أصحاب خلق وتقدير أعتقد جرحتم بهذا المقال مشاعر الكثير وانا لا اكتب ذلك دفاعا عنهم وأنتم تعرفوا لا يحتاجون لدافاعي بل امنياتي ان تكونوا الأفضل والأسمى شكرا لكم أعزائ.
2
Sari
[ Qatif ]: 15 / 8 / 2020م - 12:10 ص
بعدم وجود مثل هذه المقالات موقعكم أفضل موقعكم محترم وله مكانه وتقدير مو متوقعه منكم النزول المتوقع مواصلة الصعود لا تفقدوا ما وصلتوا له نعتبركم مثالا كونوا دائما قدوه طيبة.
الاختلافات دائما موجودة لكن هذا ليس اختلاف وجهات نظر لانكم لا تستطيعون عرض الردود.
نحن نتعلم منكم