آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 4:16 م

الحياة من خلال عصا السيلفي

زكي المبارك

كيف بدلًت التكنولوجيا مفهوم التربية؟!

كان ذلك قديماً هكذا غدت الأشياء الأن، بين ليلة وضحاها أصبحت حياتنا تسير بسرعة البرق وأصبحنا عاجزين عن اللحاق بكل تفاصيلها عندما بدأت التفكير في إظهار التغيير الهائل الذي حصل نتيجة لتحول العالم من لا رقمي إلى رقمي وجدت نفسي أضع «أسلوب التربية مندو 30 عاما والتربية في هذه الأيام جنبا إلى جنب وأقارن بينهما» ذهلت بكمية الأشياء التي نستهزئ بقيمتها بالرغم من استخدامنا إليها وممارستنا لها على الدوام وقد تغيرت كثيراً عما كانت عليه عندما كنا صغاراً على سبيل المثال

مهاراتنا الحياتية:

في العالم قبل الرقمي: كانت جميع خبراتنا ومهاراتنا الحياتية مستقاه ومحصورة مما يعلمنا إياه والدينا وأقاربنا والأصدقاء.

في العالم الرقمي: أصبحت تتوفر بين يدي الجميع مقاطع الفيديو التعليمية لكل ما تبحث عنه وتسعى لتعلمه في شتى المجالات.

طريقة التربية

في العالم قبل الرقمي: كانت التربية مسؤولية مشتركة من قبل أهالي الحي الأخ والجار والصديق والقريب هذا يوجه وأخر يوبخ وذاك يزجر الجميع يتحمل المسؤولية حتى المدرسين كان ومازال لهم دور في تلك التربية.

في العالم الرقمي: تقلصت أدوار الكثير وتبدلت وأصبحت التربية محصورة على الوالدين مع سائل التكنولوجيا أصبح الشارع يربي والهاتف المحمول يربي ومواقع التوصل الاجتماعي «السوشيل ميديا» تربي كلا على طريقته تزرع القيم وتغير المعتقدات لصغارنا.

العلاقات الاجتماعية:

في العالم ما قبل الرقمي: كان أبناء الحي الواحد يلعبون مع بعضهم البعض في منزل أحدهم حتى تظهر على أهل البيت علامات الإنزعاج والتعب ومعها يحين الطرد ليتحرك الجميع كقطيع من الذئاب إلى الفناء المجاور وبين ركض وتحدي وضرب حتى يحل الظلام عندها يغادر الجميع إلى بيوتهم.

في العالم الرقمي: أصبحت العلاقات الإجتماعية من وراء حجب علاقات في عالم إفتراضي غالبا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي فرضها الواقع المعاش.

كم كان عالمنا صغيرا حينها ولكنه كان كبيرا بما يكفي بالنسبة إلينا سنظل نلتاع شوقا لتلك الأيام على الرغم من بساطتها ومحدودية الإمكانيات فيها ذاك زمان قد مضى بخيره وشره.

لا أحد ينكر دور التقنية الكبير اليوم لقد سهلت وحسنت الكثير ولا تزال وأصبح تأثير العصر التقني لايقتصر على تحويل طريقة التربية وحسب بل وصل إلى تغيير حياتنا بالكامل والناس على مختلف الثقافات والأديان والأعراف وطرق التفكير معظمهم ينتمون لإحدى المجموعتين على الرغم من متشابههم جميعا «الأباء والأمهات» في محاولتهم لإيجاد الطريقة المثلى لكي يستطيعوا تربية أبنائهم تربية جيدة في المساحة التقنية التي فرضها عليهم هذا العصر، كما يتمنون أن يحصل أبنائهم على أفضل الأشياء ويعملون بجد لتحقيق ماتيسرلهم منها فيخطئون في بعضها ويصيبون في بعضها الأخر.

المجموعة الأولى «الدافنون رؤوسهم في الرمال»:

تأسيا بطائر النعام عندما يعتريه الخوف يدفن رأسه في الرمل عوضا عن مقاتلة خصومه ومواجهة الواقع نتيجة لعدم فهمهم للتكنولوجيا يشعرون بالخوف يهلعون ويخبئون أنفسهم ويدفنون رؤوسهم في الرمال يحدوهم الأمل أن يصحون من غفوتهم والتكنولوجيا قد اختفت نهائيا وحل محلها العصر ما قبل الرقمي الذي يألفونه كثيرا وهذا ينعكس على الأبناء تباعا.

المجموعة الثانية «الحرية المطلقة»:

أفراد هذه المجموعة يملكون الاطلاع الكافي ومدركين تماما بأن التكنولوجيا باقية، لا يعرفون كيفية وضع قواعد مقيدة لأبنائهم من منطلق أن يكون أبنائهم مثل بقية أقرانهم لذلك يشترون لهم أحدث الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية من غير رقيب ولاحسيب غير مكترثين بالأخطار التي من الممكن أن تواجه أبنائهم نتيجة المبالغة في منحهم تلك الحرية المطلقة.

ما نطمح إليه ونتمناه مجموعة ثالثة يقدر أفرادها جمال وسائل التواصل الاجتماعي وقوتها ولكنهم في الوقت نفسه يدركون أنها قد تكون حقل ألغام قد ينفجر أحدها ويسبب أذى كبيراً، نحلم بمجموعة تعطي لأولادها الحرية والحب الكافيين ليستطيعوا إخبارهم بشكل صريح عما يرونه ويفعلونه على شبكة الإنترنت مجموعة يقف أفرادها جنبا إلى جنب مع أولادهم في استخدام تلك التقنيات ويعلموهم كيفة إستخدام الإنترنت بشكل صحيح ولبق بالإضافة إلى تشجيعهم على نشر الأفكار الإيجابية في هذه المساحة التقنية.