آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

ماذا لو لم استمع؟

زكي أبو السعود *

في الصباح وحينما تستيقظ من نومك، هل يخالجك شعورا بعدم الرغبة في الاستماع لنشرة الاخبار، يقيناً منك ان ما ستستمع اليه لن يحمل معه ما يسر، وانه من الممكن ان يكون يومك مختلفا لو لم تستمع أو لم تشاهد أو لم تقرأ اي من الاخبار التي تجلب لك الكآبة والانقباض النفسي! فكل ما تنقله وكالات الانباء هي اخبار القتل والدمار وسفك الدماء والكوارث الطبيعية والانانية التي تطبع السياسة الدولية جالبة معها التوترات والمشاكل والحروب التي يذهب ضحيتها ملايين الابرياء في كل بقاع العالم. تنتظر قرب نهاية النشرة كي ينقل لك المذيع خبرا سارا فلا يأتيك الا باخبار تافهة عن مشاهير الفن والترفيه.

فتهمس لذاتك ماذا لو لم استمع، هل فعلا سيكون يومي مختلفاً، وهل سيكون سلوكي مغايراً، وان من حولي سيجدونني سعيداً وفرحاً لأني لم اسمع اي خبر يعكر مزاجي ويجعلني متوتراً؟

ماذا لو فعلا فعلت ذلك، هل سيتغير العالم، هل سيتوقف فايروس الكورونا عن فتكه ببني البشر، هل ستتراجع نسبة الاصابات التي تعصف بالاوروبيين والامريكان كل يوم؟. هل ستزيد كمية مخزون القمح لدى الحكومة السورية ويكون كافياً لاطعام الشعب السوري لأكثر من شهر؟ هل سيقل الحزن والالم بين الشعبين التركي واليوناني على احبائهم الذين قضوا في الزلزال الذي ضرب البلدين؟ هل ستكون هناك وجهة نظر أخرى لدى الساسة الامريكان بشأن امداد اسرائيل بالقنابل الخارقة التدمير، وانهم لن يغيرون قوانينهم بعدم تصدير مثل هذه الاسلحة الفتاكة لخارج امريكا؟ كل ذلك لأنه من الممكن ان تشتري الامارات طائرات اف 35!! بمليارات الدولارات، وهل هناك ضمان بأنه حين استلام الامارات لهذه الطائرات، لن يتم تصنيع طائرات بامكانيات عسكرية اكبر من ال أف 35؟. وهل ستتوقف تلك الافعال المشبعة بالكراهية والبغضاء تحت لباس ديني، والتي تدفع بالمؤمنين الابرياء للانغماس في صراعات لا تنفعهم لا في حياتهم ولا في مماتهم؟

هل لو توقفت عن فتح المذياع او التلفزيون أو جهاز هاتفي الذكي هل سيتوقف كل ذلك؟ وهل سيكون العالم الذي تحيا انت واهلك وشعبك وكل البشر في حال افضل؟

السؤال الذي يلي كل ذلك، ماذا يمكنك ان تفعل انت كفرد من مئات الملايين من البشر وهل تستطيع ان تغير هذه الصور أو حتى بعضها التي تتكرر امامك كل يوم؟.

يقال أن الحياة موقف، فما هو موقفك؟

بكالوريوس في القانون الدولي، ودبلوم علوم مصرفية. مصرفي سابق، تولى عدة مناصب تنفيذية، آخرها المدير العام الإقليمي…