آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:17 م

فَكَّرَ وَ قَدَّرَ بحلّة جديدة

ليلى الزاهر *

إنّ وصْف الرسالة الإسلامية بالعالمية خصّها بمخاطبة الإنس والجن، وجعل رسولها الكريم عَلَما شامخا يتوق الكثير ليغرف من سيرته الغرّاء ويسعى الفضول ليُشبع نهمه في سبْر أغوار شخصية غيّرت معالم القوانين الإنسانية برمتها.

ولابد أن نتذكر كيف كان الأحبار والرهبان يتعقّبون خطّ سيره منذ معرفتهم ببعثته المباركة. وظل ذلك التّعقب مستمرًا إلى أن أشرق فجر الدعوة الإسلامية على يديه المباركتين.

وإن كان البعض متيقنًا بصدق ما دعا له ﷺ إبّان بعثته الشريفين إلّا أنه خالفه عنادا واستنكافا، قال تعالى في كتابه الكريم في سورة المدثر: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ وبناء على ذلك تكبّر وعاند ثم خرج بنتيجة غير عادلة: ﴿فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ.

وظلّت تلك الاتهامات والأكاذيب تمسّ شخصه الكريم وتتطاول على تلك الهالة المضيئة لتخرقها لكنها كانت تردح تحت سياط العذاب والنكال، فكما للبيت رب يحميه فالرسول الكريم له عناية خاصة تشمله وترعاه في حياته ومماته.

إنّ التطاول عليه صلى الله عليه هو تطاول على الله تعالى فقد قرنه الله تعالى بنفسه حينما قال: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً «سورة النساء، آية 80»

إن شخصية الرسول الكريم ليست قضية لغوية أو نحوية مُخْتَلف فيها، واختلاف الرأي فيها لايفسد للودّ قضية، بل يشجب جميع الآراء المسيئة له.

ذاك رأيهم محطّ غضب ملأ قلوب المسلمين ولن يرضى بذلك كل إنسان مُنصف. لذلك يجب على كل مسلم أن يخرج من منطقة الراحة عنده فتثأر غيرته على نبيه الكريم.

يجدر بنا إثبات الرأي، وتوثيق الكلمة الصادقة وفاء وعدلًا لسيد البشرية، وفي سيرته العطرة مايغري الباحث حتى يصل لحالة من الشبع المعرفي لحقيقة الإنسان في عظمته، ويُضيء له الطرق المظلمة للتعرف على جمال الكلمة وفنونها في منطقه ﷺ.

وهذا ما لايُخفى على جميع البشر الذين تطرقوا للبحث في سيرة الرسول الإنسانوالرسول المبعوث رحمة للأنام.

أما الجوانب الخفية التي لايعرفها الكثير من الناس فقد أسهب الحديث عنها المستشرقون والباحثين بمختلف أديانهم ومذاهبهم قبل حديث المسلمين عنها.

وبنظرة خاطفة للمكتبات العالمية سوف ترى بصمات الكثير من المؤلفين الذين أشبعوا صفحات الكتب بالحديث عنه ﷺ فهذا المستشرق الفرنسي كليمان هوار يقول:

«اتفقت الأخبار على أن محمدًا كان في الدرجة العليا من شرف النفس، وكان يُلَقّب بالأمين، أي بالرجل الثقة المعتمد عليه إلى أقصى درجة، إذ كان المثل الأعلى في الاستقامة».

ولاتخلو المتاحف العالمية من وجود بعض الآثار التي تُجسد شيئًا من حضوره الشريف بيننا.

ونظلّ نردد:

وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قطُّ عَيني

وَأَجملُ مِنك لَم تَلد النساءُ

خُلقت مبرَّءاً مِن كُل عَيب

كَأنّكَ قد خلِقتَ كَما تَشاءُ.

ونسلّم عليك يانبي الرحمة في كل وقت وحين ونواصل الدفاع عنك خاصّة في معاودة ظهور من فَكَّرَ وَقَدَّرَ بحلّة جديدة حتى يكون على حافة الوادي ويسقط بأمر إلهي ﴿إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ «سورة الحجر، آية 95»