آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

هل من واع ومتعض..؟؟

جمال حسن المطوع

كنت في يوم من الأيام في أحد المستوصفات الأهلية لتلقي بعض العلاجات الطبية، فأخذني الوقت وأنا أنتظر دوري الذي طال لبعض الوقت كالآخرين من المراجعين.

في هذه الأثناء تواردت بعض الخواطر على مخيلتي وسرحت كثيراً في عالم التأويلات والتحليلات التي قرنتها بواقعنا الإجتماعي الأليم في ظل هذا الوباء «كورونا» وما تركه من أثر سلبي ونفسي شديد الحساسية على واقعنا المعاش فقد عشنا أجواءاً من القلق والخوف حتى بين أبناء الأسرة الواحدة، فترى التباعد والجفاف والقطيعة في العلاقات المجتمعية والأسرية الخارجة عن الإرادة وهي نتائج طبيعية خلفها هذا الوباء المشؤوم.

فقد ضرب هذا الوباء على وتر حساس ومفأجئ حيث بين لنا وعَرَّفنا مدى ضِعفنا وقِلة حيلتنا في مواجهته ونحن نرى بعض أحبتنا يرحلون عن هذه الدنيا بسببه وآخرون على الأَسِرة البيضاء يتلقون العلاج دون أن نتمكن من فعل شيء لهم بإستثناء الدعاء الى الله العلي القدير أن يشافيهم ويعافيهم بما توفر لهم من علاج تُقدمه الدولة رعاها الله.

هذا من جانب ومن جانب أخر وعلى قَدمٍ وساق بدلت كافة الكوادر الطبية مشكورة ممثلةً بوزارة الصحة مجهودات جبارة في التوعية والحرص الشديد وإرشاد عامة المواطنين والمقيمين بإتباع الإحترازات الوقائية والتي كانت بِحَق وسائل فعالة في الحد من انتشار هذا الوباء وترك أثر إيجابي على الجو العام.

في نفس الوقت تبين لنا من خلال هذه الماسأة الأليمة كم نحن قليلي الحيلة أمام هذه الجائحة وانتشارها العالمي حيث عانت البشرية جمعاء في كيفية مواجهتها والتصدي لذيولها، ولكن يتسائل المرء في قرارة نفسه هل هناك من مُتعظ وواعِ وخاصة أؤلئك المتجبرين والمتغطرسين الذين ينكلون بغيرهم بلا رحمة أو شفقة، كل همهم هو خلق الرعب والهلع فيمن لا يتفق معهم في النظرة والرأي. كل همهم نحن ومن بعدنا الطوفان.

أو أؤلئك المتزمتين الذين ينظرون إلى الآخرين من البُسطاء نظرة غرور وإستعلاء كأنما ملكوا الدنيا بما فيها وهم تناسوا ان الشوكة تؤلمهم وأن الداء يهلكهم.

أو أؤلئك المنافقين والظلمة والدجالين الذين عاثوا في الأرض خراباً ويباباً وتناسوا أن فيروساً صغيراً لايُرى بالعين المجردة يصيبهم ويَهِد قُواهم فيصبحوا رهن الفراش المنزلي أو الأسرة البيضاء يئنون ويتألمون من مضاعفات هذا الوباء المستشري ولا حول لهم ولاقوة الا اذا شملتهم رحمة الله التي وسعت كل شيء.

وهناك أصناف من البشر على هذا المنوال التي عميت عليهم أبصارهم.

فهل هناك من يآخد العبرة ويتسلح بها ويعيد حساباته ويغير مجرى حياته كائن من كان، فنسلك طريق الجادة والإستقامة من غير إعوجاج أو إضطراب بل الوضوح ولانكون أبناء الحدث أو المصادفات ما أن تنتهي وتزول حتى تعود حليمة إلى عادتها القديمة حسب المثل الشائع او كما قال الله في فصيح خطابه وبليغ كتابه: «وإذَا مَسَّ ٱلْإِنسَٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِۦٓ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُۥ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّۢ مَّسَّهُۥ ۚ»

إذا لاتنهى عن خلق وتأتي بمثله عار عليك اذا فعلت عظيم.

فعلاً إن هذه الجائحة نبهتنا من نومة الغافلين ووضعتنا على المِحَك فالحذر كل الحذر مما يخبأ لنا القدر. وأحفظنا اللهم من كل مكروه وشر.