آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

سلوكيات زمن الإنترنت

عباس سالم

في عالم التكنولوجيا اليوم انفتح العالم على بعضه البعض، وانهارت الجدران والأبواب التي كانت تستر الناس وتحمي الأولاد من الأخطار، فجاء الإنترنت ودخلت التكنولوجيا إلينا من أوسع الأبواب، وامتلكنا أحدث الأجهزة الذكية، وأصبح العالم كله متصلاً بشبكة الإنترنت ومنصاتها وتحميل تطبيقاتها التي لا تعد ولا تُحصَّى في أجهزتنا الذكية التي يحملها الصغار والكبار نساءً ورجالاً.

هناك البعض من جيل زمن الإنترنت من لا قواعد توجهه ولا سلوكيات تهذبه أو أخلاقيات تصقله، ولهذا أصبح المجتمع يعاني من صدمات متمثلة في تصرفات وحوادث مؤسفة تقع بين الحين والآخر، عالم يزخر بأجيال جديدة من البشر من الجنسين، وربما لا الوالدان ولا المدرسة يستطيعون أن يتحكموا في التربية والتهذيب والأخلاقيات، حيث أصبح العالم الإلكتروني يلعب دوراً محوريًا وقد يكون أساسيًا في تربية جيل الإنترنت.

كثيراً ما نشاهد في مجتمعنا تصرفات وحوادث مؤسفة من البعض تقع بين الحين والآخر، منها وأنت تقود سيارتك على الطريق قد يقابلك شاباً مسرعاً بسيارته يكاد أن يصدمك لكن إرادة الله تعالى حالة دون ذلك، ويقف من دون خجل ينظر إليك وكأنك اعتديت عليه، وربما يتلفظ عليك ألفاظاً بسلاطة لسان وأنت تسترجع أنفاسك من هول الموقف، وقد لا يكتفي بذلك ويقوم بتسجيل فيديو من جواله الذكي يخبر به العالم.

لا أحد يضمن مخاطر الطريق أثناء قيادة السيارة، والحوادث قد تقع في أي لحظة إذا لم نكن منتبهين أثناء قيادة السيارة، وقد يحدث لك ذلك وأنت تقود سيارتك على الطريق وإذا بالسيارات تتوقف فجأة ولكنك لم تستطع التوقف فشاءت الأقدار وصدمت السيارة التي أمامك، ولسوء حظك بأن الذي أمام مقودها هو من جيل الإنترنت فينزل من سيارته ويكيل عليك كماً هائلًا من السب والشتم والصراخ والتلفظ عليك بألفاظ نابية، فما عليك في هذا الوقت إلا أن ترفع قبعت الحكيم وتجلس داخل سيارتك إلى أن تهدا العاصفة.

يجب علينا أن نبقى هادئين عندما نتعرض لحادث أثناء قيادتنا السيارة، ونحمد لله على السلامة طالما لم يصب أحداً بأذى، وأن نبتعد عن كل مسببات الغضب فهو لن يساعدنا على حل المشكلة وربما تعقيدها، ولكننا نحتاج إلى التعامل مع الموقف بطريقة هادئة وعقلانية، مع تجنب الدخول في ملاسنات استفزازية التي ربما تجرنا لرمي ألفاظاً تجعلنا نندم لها، واكتفي بهدوء أعصابك وابتسامتك، ولا يحق للمتطفلين تصوير ما يحدث على الطريق وبالخصوص أثناء حوادث الطرق التي للأسف لا يراعى فيها خصوصيات الآخرين.

أبناءنا يعيشون اليوم في زمن تساقطت فيه الأسوار وكثرت فيه أسباب الفساد وانتشرت فيه وسائل الكترونية تحمل في تطبيقاتها الخير والشر، الخير فيها أنها سهلة علينا الكثير من أمور الحياة، والشر فيها أنها أشغلتنا وأبعدتنا عن المحافظة على مبادئ ديننا، وأغرتنا فسرنا وراء الشهوات وما تبثه لنا المواقع الإباحية المفتوحة التي امتلأت بها جوالاتنا.

هي طفرة الكترونية جاءتنا من وراء الحدود قضت على الكثير من عاداتنا وتقاليدنا المجتمعية المحافظة على الأخلاق والعرف والدين التي ورثناها من الآباء والأجداد، للأسف صعدنا عليها وأسقطناها بأقدامنا وصرنا ننظر إلى الأسفل تائهين، نبحث عمن ينتشلنا من مستنقعات فسخ الحياء والحشمة التي رحبنا بها في بعض المنتديات والمشاركات الاجتماعية التي تقام هنا وهناك.

ختاماً حقيقتان للأبناء لا بدا أن يعرفها الآباء في هذه الحياة إحداهما مر، فإما أن يكونوا فخراً وزينة لآبائهم، وإما أن يكونوا هماً وفتنة لهم قال الله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ، فكم من الأبناء يعذبون آبائهم وكم من الآباء يبكون من أبنائهم في زمن الإنترنت، والله خير العادلين.