آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

العراق والإصلاح السياسي

محمد المحفوظ *

الحكومة العراقية والإصلاح السياسي:

وفق المعطيات السياسية القائمة في العالم العربي، ثمة مصلحة عربية أكيدة من إصلاح وتطوير العملية السياسية في العراق.. فالعرب وبالذات دول الجوار مع العراق، لهم مصلحة سياسية مباشرة في تصويب وإصلاح العملية السياسية، بما يوفر للعراق قدرة تنفيذية وسياسية للقيام بدوره الإقليمي، بما يساهم في ضبط الأمن والاستقرار السياسي في العراق..

وعليه فإن ما يجري من صراع وتنافس حزبي بين الأطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية في العراق، يعد وفق المعطيات الواقعية وضرورات الإصلاح، من الظواهر السياسية الصحية، لإزالة ما يحول دون إصلاح العملية السياسية في العراق..

والعراق هذا البلد العربي العريق، يستحق من كل النواحي، وضعاً سياسياً أكثر قدرة للقيام بالمهام الوطنية العراقية، وأكثر وفاءاً بما يتطلع إليه الشعب العراقي..

فاستمرار الأوضاع السياسية والأمنية غير مستقرة في العراق، يضر بالعراق ودوره الإقليمي، كما يضر بالمحيط العربي، إذ يتحول العراق إلى مصدر لكل ما يعكر صفو الأمن الإقليمي.. ووفق هذه الرؤية نرى أن ما قام به السيد مقتدى الصدر من النزول إلى الشارع وفرض معادلة الإصلاح السياسي على العملية السياسية من الأنشطة الحسنة، التي لا تضر بأمن واستقرار العراق، وإنما تؤسس لمرحلة سياسية جديدة من عمر التجربة السياسية المعاصرة.. كما أن قبول أكثر الكتل السياسية بما قام به التيار الصدري من إبراز أولوية التغيير الحكومي، يعد على المستوى السياسي من الخطوات الإيجابية التي تساهم في تقليل عوامل الفشل في الأداء الحكومي للدولة العراقية.. ويبدو أن حاجة العراق إلى حكومة تكنوقراطية وغير خاضعة للمحاصصة الطائفية، من الخطوات الجوهرية التي تساهم بشكل مباشر في تعزيز خيار الإصلاح السياسي في العراق.. ونحن كعرب نتطلع إلى استقرار العراق على أسس تسمح لكل العراقيين بكل أطيافهم ومكوناتهم للمشاركة في دعم العملية السياسية وإخراج هذا البلد العربي العريق من كل الموانع التي تعطل دوره الحيوي، وتحول دون عودة العراق إلى محيطه العربي..

وعليه فإن ما يجري في العراق من مماحكات سياسية وجدل سياسي صريح لتصويب العملية السياسية وإنهاء بعض عناصر الخلل في الممارسة السياسية، هو من الظواهر الإيجابية والصحية ودليل على عمق حاجة العراق إلى الإصلاح السياسي.. لأن العراق لن يخرج من أزماته المتلاحقة والجنون الطائفي الذي دمر العراق وفتت النسيج الاجتماعي العراقي إلا بالإصلاح السياسي.. والذي يتجلى هذا الإصلاح السياسي في خطوته الأولية وهي بناء الحكومة على أسس وطنية وذات كفاءات وقدرات، قادرة على دفع الممارسة السياسية إلى الأمام وتحقيق إنجازات ملموسة يتطلع إليها الشعب العراقي..

وفي تقديرنا أن انخراط الكتل السياسية أو أغلبها في العملية السياسية الإصلاحية، سيجنب العراق الكثير من الهزات والمشاكل.. لذلك حسناً فعلت الكتل السياسية التي عبرت عن قبولها بتغيير وزرائها والخضوع لمقتضيات تعيين وزراء من التكنوقراط..

ونعتبر أن هذه الإيجابية التي أبدتها أغلب الكتل السياسية من العناصر الإيجابية التي تؤسس لضمانات حقيقية لنجاح عملية الإصلاح السياسي..

ويبدو أن نجاح الحكومة العراقية في دحر داعش من المحافظات العراقية يرتبط بشكل مباشر بقدرة الحكومة العراقية على النجاح في مشروع الإصلاح السياسي.. فالقدرة على القيام بخطوات حقيقية في نطاق الإصلاح السياسي، هو الذي سيوفر كل الإمكانية للنجاح في مشروع دحر داعش وإخراجها من المحافظات العراقية.. وإن الحكومة العراقية إذا لم تتمكن من القيام بمتطلبات الإصلاح السياسي، فإنها لن تتمكن من تحرير بعض محافظات العراق الواقعة تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية.. والتجربة السياسية في العراق، أثبتت أن بعض الأطراف السياسية تساهم في عرقلة أي خطوة جادة للإسراع في دحر داعش وبقية التنظيمات الإرهابية.. بل تعمل بعض هذه الأطراف على توظيف بعض مكاسب التنظيمات الإرهابية بما يخدم أجندتها السياسية، وإنهاء أي رهان سياسي على التنظيمات الإرهابية..

لهذا فإن أي خطوة سياسية إصلاحية تقوم بها الحكومة العراقية، هي خطوة في الاتجاه الصحيح، لأن الإصلاح السياسي وإنهاء بعض الخلل في العملية السياسية هو بداية تأهيل العراق من بعض أزماته ومشاكله..

ووفق هذه الرؤية السياسية نرى أن السيد رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي بحاجة إلى حسم بعض الأمور وعدم التردد في إصدار القرارات.. لأن تردد رئيس الوزراء في المرحلة السابقة أضاع على العراق العديد من الفرص التي تساهم في إنهاء بعض المحن التي تغذي حالة التوتر في الوضع السياسي العراقي..

فالعراق كما أنه يحتاج إلى خطة أو رؤية صحيحة للخروج من محنه وعناصر توتره، هو بحاجة إلى رئيس وزراء ذو شخصية قوية وغير مترددة في العديد من الملفات التي تهم العراق في الراهن والمستقبل..

ولا بد أن تدرك جميع الكتل السياسية العراقية، أن تراجع الحكومة العراقية عن خطواتها الإصلاحية، سيساهم في خلق فجوة عميقة تفصل الشعب العراقي عن الوضع السياسي العراقي.. ومن مصلحة جميع الأطراف العراقية أن يستمر دعم الشعب العراقي للعملية السياسية.. لأن ابتعاد الشعب العراقي عن الحكومة العراقية سيساهم في عودة كل التنظيمات الإرهابية والعنفية..

وقوة الوضع السياسي العراقي في استمرار دعم قوى الشعب العراقي للحكومة العراقية.. وعدم توقف عملية الإصلاح السياسي وتطهير الحكومة العراقية من الفاسدين، هو الذي يبقي الشعب العراقي في صف الحكومة العراقية، وأي تراجع عن خيار الإصلاح سينعكس سلباً على مستوى قناعة الشعب العراقي بالحكومة العراقية.. وهذا بطبيعة الحال سيعيد كل الأمور إلى المربع الأول، مما يجعل كل الوضع السياسي العراقي مكشوفاً على المستويين الأمني والسياسي..

وهذا يعني دخول العراق في دائرة الخطر الحقيقي.. لذلك فإن الإصلاح السياسي في العراق هو حاجة ماسة للحكومة وضرورة قصوى للشعب العراقي..

الهوية الوطنية العراقية وخطر نظام المحاصصة:

في كل الحقب والأحوال التي مرت على الشعب العراقي، ثمة اعتزاز عميق لدى كل مواطن عراقي بهويته العراقية.. قد يختلفون في السياسة والرياضة والمواقف الخارجية، إلا أن جميع العراقيين يعتزون بعراقيتهم، ويتغنون بمساحة العراق كلها بدون زيادة أو نقصان.. فالهوية العراقية عميقة لدى الإنسان العراقي، والاعتزاز بالعراق عميقاً وراسخاً لدى جميع العراقيين..

أقول أن أغلب الأنظمة السياسية التي حكمت العراق بنِسَب متفاوتة، ليست مقبولة لدى كل العراقيين، إلا أن رفضهم أو عدم قبولهم لنظام الحكم في بلادهم، لم يقلل لدى الشعب العراقي مستوى اعتزازهم بالعراق والهوية الوطنية..

وقد ينقسم الشعب العراقي في موقفه تجاه نظام الحكم، إلا أنهم جميعاً يعتزون بهويتهم الوطنية ويتسابقون مع بعضهم البعض في إبراز مدى تمسكهم بالعراق كله، ولم يسجل التاريخ أن بعضهم عبر عن رفضه للعراق وهويته الوطنية والعربية.. وأخطاء السياسة على العراقيين لم تتحول إلى رفض لهويتهم الوطنية، بل في زمن الأزمات والمشاكل الضاغطة عليهم ازدادوا تمسكاً بالعراق وعبروا عن حبهم اللامحدود للعراق تاريخاً وثقافةً ووقائع اجتماعية ووطنية.. لذلك فإن الهوية الوطنية لدى كل مكونات الشعب العراقي راسخة وعميقة، وثمة تعابير عديدة يبدعها المواطن العراقي للتعبير عن تمسكه واعتزازه بهويته الوطنية.. وفي تقديرنا أن عدم ضمور الهوية الوطنية العراقية، يعود إلى تمسك كل العراقيين بهذه الهوية، وفصل هذه الهوية عن شكل وطبيعة النظام السياسي..

فالرأي والموقف يكون من النظام السياسي دون أن يتعداه إلى الوطن وهويته الجامعة لكل العراقيين.. وحين التأمل في التجارب السياسية العديدة التي مرت على الشعب العراقي، ندرك أن الاعتزاز العميق بالهوية الوطنية العراقية ساهم في وحدة العراق، وساهم في ضمور كل النزعات التقسيمية في العراق.. ووجود مشكل كردي في العراق لا يساوي أن ثمة نزعة تقسيمية عميقة لدى المكون الكردي العراقي.. فحتى الأكراد والذين تعرضوا إلى مشاكل وأزمات عديدة من أنظمة الحكم في بغداد، إلا أنهم جميعاً يعتزون بعراقيتهم ويعبرون عن هذا الاعتزاز بوسائلهم الخاصة والاجتماعية.. وبروز هذه النزعة الانشقاقية لديهم الآن، يعود إلى عوامل سياسية وتحولات اجتماعية ساهمت في بروز هذه النزعة للحفاظ على مصالحهم ومكاسبهم القومية.. ومع نضوج هذه النزعة لديهم في هذه الحقبة من الزمن، إلا انني لا زلت على قناعة عميقة أن إصلاح أوضاع بغداد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سيساهم في تخلي المكون الكردي عن قبول الانفصال عن العراق..

وهذا بطبيعة الحال يعود إلى نظام الحكم الحالي في بغداد، هل يتمكن من بناء نظام سياسي واقتصادي وأمني أقرب إلى العدالة واستيعاب كل المكونات العراقية؟.. أحسب أن هذه المنجزات المنتظرة من النظام السياسي العراقي الحالي، هي القادرة على إماتة كل النزعات الانشقاقية لدى كل مكونات وتعبيرات العراق.. ووجود أحزاب وكتل كردية تتبنى هذا الخيار، لا يعني بأي حال من الأحوال أن الشعب الكردي العراقي تخلى عن عراقيته أو يعمل للانفصال والانشقاق عن الوحدة الوطنية العراقية.. لذلك فإننا نجد أن أغلب الشعب الكردي يعرف اللغة العربية ويعبر بها عن كل طموحاته وتطلعاته وبعضهم أبدع شعراً وأدباً وكتابةً باللغة العربية..

وعليه فإن الذي ساهم ويساهم في تخريب الهوية الوطنية العراقية، هو طبيعة وبنية الأنظمة السياسية التي حكمت العراق في العصر الحديث.. حيث أن هذه الأنظمة السياسية لم تكن على مستوى بنيتها الداخلية وإجراءاتها السياسية والأمنية والإدارية بمستوى الهوية العراقية الجامعة.. لذلك فإن أغلب الأنظمة السياسية العراقية، ساهمت بطريقة أو أخرى في إضعاف الهوية الوطنية العراقية وإنتاج مشاكل سياسية ومجتمعية تساهم في إضعاف الهوية الوطنية العراقية.. إلا أن الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه وقف بالمرصاد ضد كل محاولة لتخريب الهوية الوطنية العراقية. وتمسك الشعب العراقي إلى الآن بهويته الوطنية لا زال عميقاً ومصدر اعتزاز لدى كل المكونات..

ومن المؤكد على هذا المستوى أن نظام المحاصصة الطائفية في العراق، يساهم في تخريب الهوية الوطنية الجامعة، وإن استمرار هذا النظام قد يفضي إلى نتائج سلبية على مستوى التكوين الوطني العراقي.. لذلك فإن رفض نظام المحاصصة الطائفية في العراق، هو ينسجم مع الهوية الوطنية العراقية.. والإسراع في إنهاء هذا النظام، هو الذي سيخلص العراق من مشروع بقفازات ناعمة يستهدف تقويض الوحدة الوطنية العراقية.. ولا ريب أن أي جهد يبذل لتقويض الهوية الوطنية العراقية، هو يخدم تفجير مجتمعات دول المشرق العربي من الداخل عبر تضخيم هوياته الفرعية، بحيث لا تكون هذه الهويات الفرعية منسجمة مع بعضها، وهذه الحالة بكل متوالياتها هي الخطوة الأولى في مشروع التقسيم والتشظي الذي ينتظر كل دول المشرق العربي..

ورفض نظام المحاصصة، هو أيضاً الخطوة الأولى في مشروع إفشال كل المخططات التي تستهدف تمزيق العراق وأي بلد عربي مشرقي آخر..

وإننا نعتقد وبعمق أن الشيعة في العراق لا يربحون أي شيء من نظام المحاصصة.. كما أن السنة في العراق كمكون أصيل من مكونات الشعب العراقي لا يربح أي شيء من نظام المحاصصة..

وعلى الجميع أن يدرك هذه الحقيقة، ويعمل وفق إمكاناته وممكناته لإفشال خيار التقسيم للعراق..

ولعل الحقيقة الكبرى التي تساهم في إفشال هذه المخططات هي الهوية الوطنية الجامعة التي يعتز بها كل مواطن عراقي.. وقد صمد الجميع في التمسك بهذه الهوية الوطنية، ولن يخضعوا لكل المحاولات التي تستهدف التفريط في الوحدة الوطنية العراقية.. فلا خيار فعلي أمام العراقيين إلا التمسك بعراقيتهم والاعتزاز بها، وبناء نظام سياسي تعددي - تشاركي - ديمقراطي..

الدولة المدنية وصناعة المستقبل في العراق:

يبدو من مختلف المعطيات والحقائق الجيوسياسية، أن المنطقة لن تتمكن من الاستقرار السياسي العميق، إلا بتفكيك الدولة الاستبدادية المهيمنة على كل شيء. لأن تفكيك هذه الدولة هو الذي يفتح المجال واسعاً، للتحكم بالراهن والمستقبل.. ولقد أبانت كل الأحداث والتطورات، أن الدول الديكتاتورية هي المسؤولة عن تجويف كل الامكانات والقدرات، كما أنها هي العقبة الفعلية التي تمنع التقدم والتحرر من كل العراقيل والمعيقات التي تمنع السيطرة على أسباب التطور والتقدم. فالدولة المستبدة والمتغولة على شعبها والمهيمنة على كل مقدراته، هي المشكلة الحقيقية التي تمنع التقدم وصناعة المستقبل بما يرضى به أبناء الشعب..

لذلك فإن الخطوة الأولى في مشروع التقدم، هو تفكيك الدولة الظالمة المستبدة والمسيطرة على كل القدرات والامكانات..

وفي تقديرنا أن بناء دولة مدنية - تمثيلية - ديمقراطية في العراق، هي البداية الفعلية لامتلاك أسباب التقدم والتطور في هذا البلد، وذلك للاعتبارات التالية:

1. إن قوة الدولة وصلابتها الحقيقية، نابعة بالدرجة الأولى من التفاف الناس عليها وتمثيلها لقوى الناس المختلفة.. ويبدو من مختلف الوقائع أن الدولة المدنية التي تمثل جميع الحساسيات والاعتبارات هي القادرة على صياغة المجتمع على أسس اكثر عدالة وحرية.. وهذا ما تحتاجه مجتمعاتنا العربية والإسلامية..

ولعلنا لا نجانب الصواب حين القول: أن قدرة النخب السياسية والاجتماعية والدينية في العراق على بناء دولة مدنية، هي القادرة على إنهاء كل المشاكل التي تعاني منها الساحة العراقية..

فالدولة ليست مزرعة لنخبة أو فئة أو شريحة أو طائفة، والتعاطي مع الدولة بوصفها مزرعة، هو السبب العميق لفشل النخبة السياسية في العراق.. ولا علاج إلا بتغيير البنية السياسية والثقافية.. التغيير الذي لا يؤسس للفوضى، كما لا يعيد صناعة المعادلة القائمة بحيث تسيطر الدولة على كل المقدرات والطاقات..

2. إن الدولة المدنية في حقيقتها وجوهرها، تقف بالضد من دولة الرأي الواحد والزعيم الواحد..

وأغلب مشاكل العراق الحديثة، تعود في جوهرها إلى البعد التاريخي، حيث الدولة العراقية التي هيمنت على العراق عقود طويلة، هي دولة الزعيم الأوحد الذي يسيطر على كل شيء في الدولة.. والتحرر من شكل هذه الدولة بدون التحرر من بنيتها، يعيد إحياء ذات المشكلة مع تغير عميق في الشريحة أو الطبقة التي تتحكم بالدولة..

وهذا بطبيعة الحال، لا يؤسس إلى حالة صحية في الاجتماع السياسي العراقي..

لذلك فإن بناء الدولة المدنية في العراق، يتطلب الالتزام بقيم الحرية والتعددية، بحيث تكون الدولة لجميع المواطنين.. والوصول إلى هذا المستوى يتطلب:

1. التحرر من ثقافة الشعارات الفضفاضة، التي لا تغير من الواقع شيئاً.. والعراق لا يحتاج إلى شعارات أيدلوجية كبرى، وإنما يحتاج إلى أعمال عظيمة وكبرى في كل الحقول والمجالات..

2. بناء حقائق المشهد السياسي على أسس التنافس السياسي، وليس الطائفي أو القومي.. لذلك فثمة حاجة لبناء أحزاب سياسية وطنية بعيداً عن الانقسام الطائفي والقومي.. فالتحرر من الانقسامات الطائفية والقومية في العراق يقرب المشهد العراقي من بناء دولة، ليست مزرعة لأحد من المكونات أو القوى السياسية، ويصيغ الواقع العراقي على أسس أكثر صلابة وقدرة على الاستمرار..

3. إن المجتمعات المتنوعة والمتعددة، بحاجة إلى دولة حاضنة لجميع حقائق التنوع الموجودة في المجتمع.. وفي تقديرنا أن العراق بوصفه مجتمعاً متنوعاً، هو بحاجة إلى دولة متعالية على انقسامات المجتمع، دون الاستعلاء على المجتمع.. وهذه الدولة هي الدولة المدنية التي تنطلق من مبادئ وأسس يقبلها الجميع وفي ذات الوقت قادرة على احترام كل الحساسيات والاعتبارات.

وهذا لن يتم إلا في ظل دولة مدنية، تمثيلية، ديمقراطية وأية دولة أخرى ستكون بطريقة أو أخرى طاردة لبعض الشرائح والمكونات..

فعدالة الدولة في العراق اليوم، مرهونة مع قدرة العراقيين، على بناء دولة مدنية، محايدة تجاه عقائد كل المواطنين، ومعبرة عن احترام عميق لعقائد الجميع أيضاً..

ودون ذلك سيبقى العراق، يعاني الكثير من الويلات.. والشراكة السياسية في العراق، مرهونة إلى حد بعيد على طبيعة الدولة والنظام السياسي والإداري فيها..

ويبدو وبفعل حالة الانقسام الطائفي والقومي في العراق، ووجود تنوعات مع طموحات سياسية مختلفة، لن يستقر وضع العراق إلا بدولة لجميع العراقيين.. ولا دولة لجميع العراقيين، إلا الدولة المدنية..

والوصول إلى بناء دولة مدنية في العراق، ليس مستحيلاً وإنما هو بحاجة إلى ثقافة سياسية جديدة في العراق تعلي من شأن القيم المدنية دون الافتئات على القيم الدينية.

وبحاجة إلى حوامل بشرية، تسعى لتبني خيار الدولة المدنية بوصفها هي خشبة الخلاص لكل العراقيين..

العراق وهزيمة داعش:

على ضوء كل التطورات التي تجري في الساحة العراقية، وبالخصوص فيما يتعلق بتطورات المشهد العراقي في حربها المتواصل ضد كل التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش الإرهابية، أقول أن كل هذه التطورات تؤكد أن العراق في حربه ضد داعش يتجه صوب إنجاز انتصار مهم على هذا التنظيم الإرهابي.. وإن كل المعطيات الميدانية تؤكد أن القوات العراقية في سياق دحر هذا التنظيم الإرهابي من الأراضي العراقية.. وإن إنجاز مفهوم الدحر التام لهذه التنظيمات الإرهابية، يتطلب من المشهد العراقي التطوير من شروط عملياته السياسية والتنموية..

ونعتقد بعمق أن الحكومة العراقية قادرة على دحر هذا التنظيم الإرهابي من الأراضي العراقية، ولكن إنجاز وتحقيق مفهوم الدحر التام والنهائي لداعش وجيوبها الإرهابية، لا يمكن أن يتم بالقوة العسكرية وحدها..

ونرى أن تطوير مستوى الشراكة السياسية لكل المكونات العراقية، هو الشرط الضروري لدحر التنظيمات الإرهابية من الأراضي العراقية..

وإن بقاء العملية السياسية على النحو الحالي، يعني وجود الأرضيّة والمناخ الاجتماعي والسياسي، الذي يمد كل الخيارات الإرهابية بالكادر البشري.. وأن لا حل أمام الحكومة العراقية إلا تطوير العملية السياسية لخلق الإمكانية الفعلية للقدرة على إنجاز مفهوم الدحر لكل القوى الإرهابية التي تقتل وتفجر في العراق..

ومدخل إنجاز وتطوير العملية السياسية في العراق، هو العمل على تحقيق مفهوم المصالحة السياسية في العراق كله.. لأن العراق بدون مصالحة سياسية واجتماعية عميقة بين مكوناته وتعبيراته، سيكون مؤاتياً لتعبئة بعض الجمهور العراقي ضد الحكومة العراقية وخياراتها السياسية والأمنية وبالخصوص الداخلية.. ولا حل أمام كل مكونات الشعب العراقي، إلا الانخراط في سياق المصالحة الوطنية التي تنهي معادلة الغالب والمغلوب في الساحة العراقية.. وإن الحكومة العراقية، لا تتشكل على قاعدة الغالب والمغلوب؛ وإنما تتشكل على قاعدة أن كل الشعب العراقي بصرف النظر عن الانتماءات الدينية والسياسية هو الغالب، وإن الحكومة العراقية ينبغي أن تتشكل على هذه القاعدة. وإن استمرار القاعدة الآنفة الذكر، يعني استمرار الأزمة العراقية العميقة التي يعيشها كل العراق.. فالعراق ليس مزرعة للتوزيع على الفئات المظلومة في زمن الطاغية صدام حسين.. وإنما لكل العراقيين. ولا يمكن تحقيق هذه الحقيقة إلا بمصالحة وطنية عميقة، لتهيئة جميع الظروف للبدء في تنمية كل العراق والانتهاء من عصر الطاغية صدام حسين الذي قسم بين العراقيين.. وإن تأخير مشروع المصالحة الوطنية يعني استمرار الحرب والاقتتال في العراق.. ونرى أن زمن أن يحكم العراق من قبل فئة واحدة انتهى، ولا يمكن أن يحكم هذا البلد العربي الأصيل من قبل مكون أو تعبير سياسي واحد.. العراق بحاجة إلى جميع الأفرقاء، ولا يمكن أن يحكم إلا بشراكة جميع الأطراف والمكونات..

ولن يتحقق هذا إلا بالمصالحة السياسية بين جميع المكونات والتعبيرات.. في العراق انتهى زمن من يراهن على داعش أو الأعمال الإرهابية لتصحيح الاعوجاج السياسي في العراق.. فالرهان على أي تنظيم إرهابي، يعني استمرار الحرب والاقتتال في العراق.. ولا حل أمام جميع العراقيين إلا بتبني مشروع سياسي عابر للمكونات الطائفية، يأخذ على عاتقه إخراج مكونات الشعب العراقي من حالة الاقتتال التي تزيد من أزمات ومآزق الشعب العراقي.. وإن الخطوات السياسية في هذا السياق مسنودة بعمل عسكري وأمني ضد داعش، هو الطريق لإنهاء أزمات العراق المتلاحقة.. وإن الهزيمة العراقية لداعش، لن تتحقق إلا بالكلام الآنف الذكر.. ودون ذلك سيبقى العراق يعاني الويلات والأزمات.. فالعراق لجميع العراقيين، وهذا الكلام ليس شعاراً أجوفاً أو مضللاً، وإنما هو الحقيقة الفعلية لإنهاء ملف القتل والتدمير لكل العراق..

والنخب السياسية الحاكمة في العراق اليوم، بحاجة إلى الإسراع في إنجاز ملف المصالحة السياسية بين جميع المكونات.. المصالحة التي تنهي حالة التكاذب المتبادل الذي يجري في العراق اليوم.. ونقول لكل النخب السياسية والاجتماعية في العراق، أن من يريد العراق لطائفته أو حزبه أو جماعته الخاصة، فإن هذه الإرادة ليست مناسبة لمشروع المصالحة الوطنية.. وإن بعض أزمات العراق الحالية وبالذات السياسية، تعود إلى هذه العقلية التي عمقت حالة الانقسام السياسي والطائفي والقومي في العراق.. ولا استقرار سياسي عميق إلا بالخروج من هذه العقلية المسؤولة عن الكثير من أزمات ومآزق العراق الحالي..

وإن الانتصار الحقيقي على داعش وأتباعها في الواقع السياسي العراقي، لن يتحقق إلا بإنهاء منطق الغالب والمغلوب في المشهد العراقي.. وإن المصالحة السياسية والوطنية في العراق، هي التي تنهي منطق الغالب والمغلوب، وإن النجاح في مشروع الاستقرار والتنمية، مرهون بمدى قدرة كل العراقيين على إنجاز مفهوم المصالحة الوطنية، بحيث يكون الدستور مادةً وروحاً، هو الذي يحكم العمل السياسي الإداري، حتى يتجاوز العراق محنه وأزماته الحالية، وينطلق في مشروع العمران والتنمية والبناء السياسي السليم..

العراق والمستقبل السياسي:

يواجه العراق مجموعة من التحديات والصعوبات، التي ستحدد إلى حد بعيد طبيعة المستقبل السياسي للدولة العراقية في طورها المعاصر..

فإذا تمكنت القوى السياسية التي تدير دفة الأمور في العراق، من مواجهة هذه التحديات بفعالية مستديمة، فإنها ستتمكن من إنهاء خطر هذه التحديات وبناء مستقبل سياسي مختلف عن الأوضاع الراهنة التي يعيشها الشعب العراقي..

أما إذا لم تحسن القوى السياسية من بلورة صيغ وأطر التعامل مع هذه التحديات، فإن العراق سينتقل من أزمة إلى أخرى أكثر خطورة وصعوبة على راهن العراق ومستقبله..

ولعل من أبرز التحديات التي تواجه العراق هي التحديات التالية:

1. تحدي الإرهاب والمجموعات الإرهابية، التي تمكنت من السيطرة على بعض المدن والقرى العراقية، كما تمكنت من السيطرة في بعض الفترات على بعض المنشآت النفطية وسيولة نقدية ضخمة، وأضحت مجموعات إرهابية متمكنة وقادرة على مواجهة الدولة والجيش العراقي..

ولا ريب أن استمرار سيطرة هذه التنظيمات الإرهابية على بعض المدن والقرى العراقية، سيمكنها من الاقتدار المادي والعسكري والبشري.. وصعوبة هذا التحدي نابع من قدرته على تفجير بعض المعارك السياسية في العملية السياسية..

بمعنى أن ثمة خلاف عميق وجوهري بين أطراف العملية السياسية حول سبل وطريقة التعامل العسكري والميداني مع هذه المجموعات الإرهابية. هذا الخلاف السياسي والمتشعب، هو الذي يعرقل قدرة الحكومة العراقية على إنهاء خطر هذه المجموعات الإرهابية..

ومن المؤكد أن التفجيرات الإرهابية التي تقوم بها هذه المجموعات في مدن وأقضية العراق المختلفة، تلقي بظلها الثقيل على الواقع السياسي، وتزيد من إحن الشعب العراقي على بعضه، وتؤدي إلى زيادة الفجوة بين تعبيرات العراق ومكوناته المختلفة..

ولا ريب أن هذه الفجوة تزداد مع غياب حالة عدم الثقة السياسية والشعبية في الخيارات السياسية والأمنية المتبعة لمواجهة خطر الاٍرهاب ومجموعات القتل والتفجير..

2. وبفعل إخفاق العملية السياسية ودخولها في نفق بعض الشلل السياسي، أضحى المستقبل السياسي للعراق الموحد مهدداً على أكثر من صعيد ومستوى..

فالأكراد في العراق يبذلون كل جهودهم لترسيخ كيانهم المستقل، ومشاركتهم السياسية في العملية السياسية في العراق، هي بالدرجة الأولى من أجل تعظيم مكاسبهم السياسية والعسكرية والإدارية والأمنية، بحيث توفرت الآن في المناطق الكردية كل البنية التحتية لكيان سياسي مستقل..

وهذا الكيان قادر على تعطيل كل خطوة سياسية فعالة لتطوير النظام السياسي الجديد في العراق..

واختلاف قيادات وزعامات السنية السياسية في العراق، يجعل من الفضاء السياسي السني تحت سيطرة المجموعات الإرهابية التي تدفع الأمور صوب المزيد من الفوضى السياسية والأمنية..

وكذلك اختلاف قيادات وزعامات الشيعية السياسية في العراق، يعرقل إمكانية نجاح الحكومة العراقية في بناء واقع سياسي جديد، يتجاوز حالة الانقسام العميق الذي يعيشه الواقع العراقي اليوم..

3. العراق ومحيطه العربي:

لعلنا لا نحتاج إلى مؤنة زائدة إلى بيان أن العراق الجديد، لا يمكنه الاستقرار السياسي العميق بدون علاقة سياسية عميقة مع محيطه العربي..

وبصرف النظر عن طبيعة الخلافات والتباينات الموجودة حالياً بين الطرفين، إلا أنه لا يمكن تصور العراق في حالة عداء مستمرة مع المحيط العربي.. ويبدو أنه ثمة تبادل في إلقاء التهم بين الجانبين.. وهذه التهم لا تنتهي مع تأثيراتها السلبية، بدون مناخ سياسي جديد لتجاوز كل المشاكل والإحن لبناء علاقات سياسية واقتصادية جديدة بين العراق والمحيط العربي..

وهذه المسؤولية ليست ملقاة على العراق وحده، وإنما حتى الدول العربية الأساسية، تتحمل مسؤولية تجاوز تأثيرات ما بعد سقوط نظام صدام حسين، والبدء بتدشين علاقات جديدة مع العراق..

والعراق بدوره يتحمل مسؤولية العمل من أجل تجسير علاقته الحيوية مع محيطه العربي.. أحسب أن هذه التحديات لا يمكن مواجهتها عراقياً بفعالية بدون إصلاح العملية السياسية وشروطها في العراق.. وأعتقد أن المطلوب للإصلاح السياسي في العراق، هو تطوير نظام الشراكة السياسية بين مكونات العراق..

فالعراق لن يحكم بمكون واحد مهما كانت قدرة وقوة هذا المكون..

فالعراق الجديد هو عراق اتحادي، تعددي، تشاركي، وبدون هذه القيم سيبقى العراق مهدداً في وحدته وقدراته السياسية..

فتطوير نظام الشراكة السياسية في العراق، هو الذي يخرج العراق من محنه وأزماته، كما أنه يؤدي إلى مناخ جديد بين العرب والعراق..

وكل التحديات الكبرى التي تواجه وحدة العراق واستقراره السياسي العميق، لا يمكن مواجهتها والتغلب عليها، بدون إصلاح العملية السياسية في العراق.. هذا الإصلاح الذي يتجلى في تطوير نظام الشراكة ومنظومة المراقبة والمحاسبة في العراق..

وجماع القول: أن العراق بأسره يعيش لحظة حساسة، ولا يمكن إنهاء مفاعيل هذه اللحظة إلا بتطوير نظام الشراكة بين مكونات وتعبيرات الشعب العراقي..

تحرير الموصل والمستقبل السياسي للعراق:

من المؤكد القول: أن طبيعة التطورات والأحداث العسكرية والميدانية لمعركة الموصل في العراق، تدفعنا إلى الاعتقاد، أن الأمور والمعطيات تتجه صوب تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي.. وأن الجيش العراقي قادر على تحرير وطرد تنظيم داعش من مدينة الموصل.. طرح هذا الموضوع بطبيعة الحال شكل التسوية السياسية بين مكونات المشهد العراقي، وطبيعة المشهد السياسي النهائي الذي ينتظر الشعب العراقي..

ويبدو أن بطئ العمليات العسكرية لتحرير الموصل، يعود إلى عدم اتفاق العراقيين على ما بعد تحرير الموصل..

ونود في هذا المقال أن نوضح رؤيتنا للمشهد السياسي المستقبلي للعراق من خلال النقاط التالية:

1. من يعتقد أن العراق يحكم من مكون واحد أو طيف سياسي واحد هو واهم ويدفع الأمور باتجاه تنمية أشكال الاستبداد السياسي في العراق..

تعلمنا معطيات المشهد السياسي في العراق، أن هذا البلد العربي العريق، لا يحكم إلا بشراكة سياسية متساوية بين جميع أطيافه ومكوناته.. وإن استقرار الوضع السياسي في العراق، مرهون ببناء نظام سياسي تشاركي تعددي بين جميع مكوناته وأطيافه. ودون ذلك سيبقى العراق يعاني من محنه الإرهابية والسياسية.. فالعراق لجميع العراقيين، ومن يبحث عن أشكال الاستفراد بالعراق، هو يؤسس لأزمة قادمة للعراق تصيب أهله جميعاً..

فالعراق ليس شيعياً أو سنياً أو كردياً، وإنما هو لجميع أبنائه بمختلف ألوانهم وميولاتهم..

واستقرار العراق العميق، يعود إلى قدرة المشهد العراقي على بناء نظام سياسي تعددي، يحترم فيه الإنسان العراقي بصرف النظر عن دينه أو طائفته.. ولن يتمكن العراقيون من بناء نظام سياسي يحترم مطلق الإنسان، إلا بالنظام التشاركي، الذي لا غلبة فيه لأحد على أحد..

والإرهاب المدمر الذي عاش تجربته العراق خلال الفترة الماضية، لن يتمكن الشعب العراقي من الانتهاء والتحرر منه، إلا بنظام سياسي عادل لجميع الطوائف والمكونات..

والدستور العراقي الحالي، لا يتحدث عن دولة دينية للعراق سواء كانت شيعية أو سنية..

وإنما يتحدث عن دولة مدنية لكل العراقيين.. ولأول مرة في تاريخ العراق، يتبنى دستور مدني للعراق بموافقة ورضى المرجعية الدينية في العراق..

ويبدو أن الاتجاهات الرئيسية للدستور العراقي، هو الذي يضمن استقرار العراق، ويحمي كل العراقيين.. فالعراق لجميع العراقيين. ودون ذلك يعني الحرب والاقتتال الداخلي للعراقيين..

وعليه فإن التنظيمات الإرهابية، التي تقتل وتفجر العراقيين، هي العدو المركزي الذي ينبغي لكل العراقيين مواجهتهم والوقوف ضدهم.. لكي يضمن الجميع أن يكون العراق للجميع بصرف النظر عن الدين والطائفة والعرق..

2. كل الأطراف السياسية في العراق، التي تستند حقيقة في الوصول إلى مشروعها السياسي على دعم الكيانات الإرهابية التي تقتل وتفجر في العراق هي ضد العراقيين جميعاً.. ولا يمكن لهذا الطرف وأمثاله أن يبني استقلال العراق أو صيانة وحدته الوطنية.. لذلك فإن الشراكة السياسية لن تتأسس في العراق بدعم الإرهاب في العراق..

إن من يدعم الإرهاب في العراق، هو يؤسس لخراب العراق، ولن تستقر أحوال العراق إلا بالموقف الموحد للعراقيين ضد كل الجماعات الإرهابية التي تعبث في العراق فساداً وتخريباً..

ويبدو لي أن الشرط الوحيد على السماح لدخول العملية السياسية، هو اتخاذ موقف صريح وواضح ضد الإرهاب وعملياته في العراق كله..

3. لعلنا لا نأتِ بجديد حين القول: أن من مهمات الحكومة العراقية الحالية العمل علو تعزيز المواطنة العراقية.. فالأوضاع السياسية والاجتماعية لن تستقر في العراق، إلا بدعم المواطنة العراقية..

ويبدو أن الوضع السياسي في العراق مقصر على هذا الصعيد.. فلن يتمكن العراقيون من الوقوف ضد تدخل الأجانب في العراق، إلا بتعزيز المواطنة العراقية.

وإن تأجيل هذا المشروع يضر بواقع الحالة السياسية للعراقيين.. لا نريد العراق ساحة مفتوحة لجميع الإرادات السياسية.. نريده للعراقيين بمختلف ميولاتهم وأفكارهم..

ولن يتمكن العراقيون من صيانة ترابهم الوطني واستقلالهم السياسي، إلا بتعزيز مواطنتهم المشتركة..

هذه المواطنة المشتركة، هي القادرة وحدها على منع أي عابث بأمن واستقرار العراقيين..

والإنسان العراقي الذي يعتز بمواطنته العراقية، هو الوحيد القادر على هزيمة الإرهاب وبناء كل مستلزمات الشخصية العراقية التي تحمي وطنها واستقلاله السياسي..

لذلك ثمة حاجة عراقية في هذه الفترة على القيام ببناء مبادرات سياسية لصوغ الواقع العراقي على أسس منسجمة مع أبجديات الدستور العراقي الذي يتطلع إلى بناء دولة مدنية للعراقيين جميعاً..

كاتب وباحث سعودي «سيهات».