آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 1:42 ص

السيد الوداعي قائدٌ حكيم ومصداقٌ جَلِي للورع والتقوى

بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لرحيل العلامة السيد جواد الوداعي «طاب ثراه»

الشيخ محمد الصويلح

تمر علينا في مثل هذه الأيام الذكرى السنوية الخامسة لرحيل العالم المُحدِّث السيد جواد الوداعي «طاب ثراه» وهو أحد العلماء المُبَرَّزِين في مملكة البحرين والذين قَلّ نظيرهم في الأوساط العلمية، فقد كان مصداقاً جلياً للأخلاق الفاضلة وللسمات الحسنة وللتواضع والورع والتقوى.

ولا شك بأن الأمة بحاجة ماسة إلى قيادات علمائية عابرة للطوائف والتحزبات، تمارس دورها في الإصلاح المُجتمَعي بحكمة وعقلانية.

فقد مرت المجتمعات البشرية في منعطفات خطيرة لكنها استطاعت تجاوز تلك العقبات بجهود المصلحين والعلماء الرساليين والذين تحملوا صنوف الأذى والمعاناة في سبيل تحرير المجتمعات من الأفكار الرجعية والتي كانت سائدة في العصور الماضية.

تواضعه وعلو أخلاقه:

لقد كان السيد الراحل في غاية التواضع والبساطة فقد كان يحضر المناسبات الاجتماعية ويشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، وإذا حضر مجالس العزاء كان لا يكتفي بالحضور مرة واحدة بل كان يحضر أغلب المجالس وكأنه من أهل العزاء بل كان ينزل بنفسه للقبر حينما يريد أن يلقن ميتاً مع أن هذا الأمر يمكن أن يقوم به أحد غيره لكنه كان يأبى إلا أن يقوم به هو وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على تواضعه الكبير، ولا يفرق في ذلك العمل بين أحد من الناس بل كان الغني والفقير عنده سواء.

اعتنائه بالطلبة وتعليمهم الإلتزام والجدية في طلب العلم:

كان يعنني بزيارة طلبة العلوم الدينية كباراً وصغاراً ولا يفرق بين أحد منهم وعمل على تشجيعهم في تحصيل العلوم الدينية كما علم طلبته على الالتزام بالوقت فقد حكى لي بعض من حضر عنده بأنهم تأخروا ذات يوم عشر دقائق على الدرس فلما وصلوا وطرقوا الباب خرج لهم سماحة السيد وبيده ساعة فقال لهم يا أبنائي نحن اتفقنا بأن يكون درسنا في الساعة السابعة والآن الساعة السابعة وعشر دقائق فأنا أعتذر لكم لن أدرسكم في هذا اليوم، وأراد من هذا الفعل بأن يعلمهم على الالتزام بالوقت والجدية في طلب العلم.

دوره في إصلاح المشاكل والأزمات:

لقد لعب السيد الراحل دوراً كبيراً في الإصلاح بين أبناء المجتمع وحل مشاكلهم بل كان أهل البحرين يلجؤون له في أزماتهم وحل مشاكلهم، ولما كانت أزمة الخلاف قائمة في أوجِّها بين المرحومين الشيخ سليمان المدني والشيخ عبد الأمير الجمري، لعب السيد الراحل دوراً بارزاً في الإصلاح بينهما وتقريب وجهات النظر وهذا الأمر يشهد به جميع من واكب تلك الحقبة الزمنية.

من ورعه وتقواه:

ومن شدة ورعه وتقواه أذكر لكم هذه القصة وهي لما زاره أحد التجار في بيته ورأى بيته قديماً وبسيطاً، قدم التاجر للسيد مقترحاً بأن يقوم بإعادة بناء بيته لكن السيد رفض ذلك في البداية ثم وافق بعد اصرارٍ شديد، لكنه اشترط بأن لا يكون البناء من الحق الشرعي بل من حر ماله واشترط أن يعلن ذلك في المسجد حتى يجب الغيبة عن نفسه.

خاتمة:

في الوقت الذي يواجه فيه الدين هجمات من دعاة اللاَّدين، مستغلين بعض القضايا السلبية التي قد تصدر من بعض الأشخاص الذين ينسبون لأنفسهم ممثلية الدين والدين منهم براء ومن أفعالهم السيئة، فإن المجتمعات بحاجة ماسة لشخصيات علمائية تحمل تلك السمات الحسنة والتي اتصف بها سيدنا الراحل حيث أن ذلك سيجعل من العمل التبليغي والرسالي أكثر تأثيراً في نفوس أبناء المجتمع.