آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

مستويات الأنسولين العالية أثناء مرحلة الطفولة وعلاقتها باحتمال المعاناة من مشاكل الصحة العقلية في مرحلة الشباب

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم سارة كولينز

13 يناير 2021

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة  :  رقم 19 لسنة 2021

High insulin levels during childhood a risk for mental health problems later in life، study suggests

Sarah Collins

13 Jan 2021

الباحثون، بقيادة جامعة كامبريدج، استخدموا عينة فيها أكثر من عشرة آلاف شخص لدراسة احتمال ارتباط مستويات الأنسولين ومؤشر كتلة الجسم «BMI» في مرحلة الطفولة بالاكتئاب والذهان في مرحلة الشباب.

ووجدوا أن مستويات الأنسولين المرتفعة باستمرار منذ مرحلة الطفولة الوسطى [عمر 6 - 12 سنة، بحسب[1]  ] كانت مرتبطة بفرصة أكبر للإصابة بالذهان في مرحلة البلوغ. بالإضافة إلى ذلك، وجدوا أن الزيادة في مؤشر كتلة الجسم في بداية فترة البلوغ كانت مرتبطة بفرصة أكبر للإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ «بلوغ النضج البدني والفكري الكامل وذلك ما بين عمر 20 و21 سنة، بحسب [2] »، خاصة لدى الفتيات. النتائج كانت متسقة بعد الأخذ في الاعتبار «احصائيًا» مجموعة من العوامل المحتملة الأخرى.

تشير النتائج، التي نُشرت في مجلة الجمعية الطبية للطب النفسي JAMA Psychiatry «انظر [3] »، إلى أن العلامات المبكرة لظهور مشاكل الصحة البدنية قد تكون موجودة قبل وقت طويل من ظهور أعراض الذهان أو الاكتئاب، وتُثبت أن العلاقة بين المرض البدني والعقلي أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا.

ومع ذلك، يحذر الباحثون من أن عوامل احتمال الاصابة هذه من بين العديد من العوامل، هي عوامل جينية وبيئية، وأن النتائج التي توصلوا اليها لا تؤدي الى الاعتقاد بأنه يمكن للمرء أن يتنبأ باحتمالية إصابة البالغين باضطرابات عقلية من خلال تدابير الصحة البدنية وحدها.

يوصي الباحثون بضرورة قيام المتخصصين في الرعاية الصحية بإجراء تقييمات بدنية رصينة للشباب الذين تظهر عليهم أعراض الذهان أو الاكتئاب، بحيث يمكن تشخيص وعلاج العلامات المبكرة للأمراض البدنية مبكرًا. لقد ثبت جيدًا أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب والذهان يمكن أن يكون لديهم معدل ​​عمر يصل إلى 20 عامًا أقل من أعمار عامة المجتمع، ويرجع ذلك في الغالب إلى أن مشاكل الصحة البدنية كالسكري والسمنة سائدة بشكل أكثر لدى البالغين الذين يعانون من هذه الاضطرابات العقلية.

بينما من المعروف بالفعل أن الذهان والاكتئاب في مرحلة البلوغ مرتبطان بمعدلات مرض السكري والسمنة أعلى بكثير من عامة المجتمع، هذه العلاقات غالبًا ما تُعزى إلى أعراض الاضطراب العقلي نفسه.

”الافتراض العام في السابق أن بعض الناس الذين يعانون من الذهان والاكتئاب قد يكونون أكثر احتمالًا لأن يكون لديهم سوء تغذية ويمارسون مستويات منخفضة من التمارين البدنية، لذلك أي مشكلة من مشاكل الصحة البدنية الوخيمة هي نتيجة من نتائج الاضطراب العقلي أو نتيجة من نتائج الدواء المستخدم لعلاجه،“ كما قال المؤلف الأول الدكتور بنيامين بيري Benjamin Perry من قسم الطب النفسي في جامعة كامبردج. "في الجوهر، بحسب الحكمة السائدة received wisdom [وهي معلومة عامة متداولة ولكن قد لا تكون صحيحة] أن الاضطراب العقلي يأتي أولًا. ولكن وجدنا أن هذا ليس بالضرورة هي الحالة، وقد تكون العكس بالنسبة لبعض الأشخاص، مما يشير إلى أن مشاكل الصحة البدنية التي يمكن اكتشافها في مرحلة الطفولة قد تكون من عوامل احتمال الاصابة بالذهان والاكتئاب للبالغين / الكبار.

"باستخدام البيانات من دراسة أڤون الطولية التي أجريت على أولياء الأمور والأطفال Avon Longitudinal Study of Parents and Children «اختصارًا ALSPAC»، وهي دراسة طويلة الأمد على مجموعة من الأتراب «لهم نفس تاريخ الولادة» ممثلة للمجموعة السكانية في غرب انجلترا، وجد بيري Perry وزملاؤه أن اضطراب مستويات الانسولين يمكن أن يُكتشف في مرحلة الطفولة، قبل وقت طويل من بداية الذهان، مما يشير إلى أن بعض الناس الذين يعانون من الذهان قد يكون لهم استعداد خلقي للاصابة بالسكري.

استخدم الباحثون طريقة إحصائية لتجميع الأفراد بناءً على المسارات المتشابهة لتغير مستويات الأنسولين ومؤشر كتلة الجسم من عمر سنة واحدة حتى عمر 24 سنة، وفحصوا مدى ارتباط المجموعات المختلفة باحتمال اصابتهم بالاكتئاب والذهان في مرحلة البلوغ. لدى حوالي 75٪ من المشاركين في الدراسة [المجموعة الأولى] مستويات إنسولين طبيعية، وما بين 15٪ و18٪ من المشاركين [المجموعة الثانية] زادت مستويات الأنسولين تدريجيًا خلال مرحلة البلوغ، ولدى حوالي 3٪ من المشاركين [المجموعة الثالثة] مستويات أنسولين مرتفعة نسبيًا. هذه المجموعة الثالثة لديها احتمال أكبر للإصابة بالذهان في مرحلة البلوغ مقارنة بالمجموعة الثانية.

لم يجد الباحثون أن المجموعة التي كان مؤشر كتلة الجسم لديها مرتفعًا بشكل ثابت خلال مرحلة الطفولة والمراهقة أن لديها احتمالًا متزايدًا بشكل ملحوظ للإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ، ولكن اقترحوا أن النتائج التي توصلوا إليها تعني أن بعض العوامل حول سن البلوغ والتي قد تؤدي إلى زيادة مؤشر كتلة الجسم قد تكون عوامل احتمال هامة للإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ. لم يتمكن الباحثون من التعرف على هذه العوامل في دراستهم بعد، وستكون هناك حاجة للبحث في المستقبل في التعرف عليها. قد تكون هذه العوامل أهدافًا مهمة لتقليل من احتمال الإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ.

”هذه النتائج تمثل تذكيرًا مهمًا بأن جميع الشباب الذين يعانون من مشاكل صحة عقلية يجب أن يُجرى لهم تقييم كامل وشامل لصحتهم البدنية جنبًا إلى جنب مع صحتهم العقلية“، كما قال بيري. "التدخل المبكر هو أفضل طريقة للتقليل من فجوة الوفيات [وهي اختلاف في معدلات الوفيات بين مجموعات مختلفة من الناس كالفجوة الواسعة بين الأغنياء والفقراء] التي يواجهها للأسف الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية كالاكتئاب والذهان.

ستكون الخطوة التالية هي معرفة لماذا مستويات الأنسولين المرتفعة باستمرار من مرحلة الطفولة تزيد من احتمال الإصابة بالذهان في مرحلة البلوغ، ولماذا الارتفاعات في مؤشر كتلة الجسم في سن البلوغ تزيد من احتمال الإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ. انجاز هذه الخطوة قد يمهد الطريق لتدابير وقائية أفضل وإمكانية تحقيق أهداف علاجية جديدة ".