آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 9:00 م

البيوت السعيدة تواجه كورونا مُجددا

ليلى الزاهر *
البيت في اللغة هو:

المكان الذي تبيتُ فيه، وهو من الفعل بات يبيت، أي قضى الليل فيه. والمكان الذي يعتاد الإنسان أن يقضي الليل فيه سواء نام أم لم ينم يُسمى بيتا، وهو مكان يجمع الأسرة بأفرادها.

وقد جاء في القرآن الكريم بهذا المعنى.

قال تعالى:﴿وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراًرَحِيماً سورة النساء «100»

وجاء أيضا: ﴿وَ راوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَ غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَ قالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَمَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ سورة يوسف «23»

أما المنزل: هو المكان الذي تنزل فيه بعد مسير أو رحيل، ليلا أو نهارا.

والمنزِل: ما كان فيه أكثر من بيت سواء كانت البيوت مرتبطة ببناء واحد كالعمارة السكنية والدار أو كانت البيوت متفرقة كمجمع صغير.

هذا للتفريق بين لفظ بيت ومنزل.

إنّ حب البيوت هو دليل السعادة الأسرية، والبعض ‏من الناس استطاع أن يجعل بيته بقعة مقدّسة تحجّ السعادة إليه في كلّ حين ﴿فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ.

ولن يكون البيت مأوى مريحا لك بعد ساعاتٍ من العمل الطويلة إلّا بوجود قلوب يسكنها الحبّ، وتقرأ من خلالها أجمل عناوين التضحية.

إنّ الشّعور بالسعادة البيتية أجمل هدية يُقدّمها الوالدان لأبنائهما، منذ إعداد وجبة الفطور صباحًا، والتّأهّب لجميع مهام اليوم المختلفة حتى الخلود للنوم مساءً.

لقد انصرم عام ونحن نتعلم في بيوتنا، ونتسامر بين أشجاره، أصبحت بيوتنا مدارس وأفنيتها ساحات لعبٍ، لعبنا مع أولادنا فيها، خلقنا قيمًا جوهريّة من أجل التعايش بحب وسلام واطمئنان.

مضي عامٌ، وكورونا مازال قابعا بين حدود بلادنا لايريد الخروج إلا بشق الأنفس، وفي هذه الأيام أكمل عامه الأول معنا، عادت ذكراه البائسة.

ذكرى كورونا السنوية لا تحمل سوى كلّ شيء مؤلم، لأنها تمثل دورة حياة انتابها الموت مرارا.

لابد أنه صرف الأنظار عن جزء كبير من مُهْجَ الحياة حيث لا مدارس ولا ملاعب ولاخطوات آمنة نحو المستقبل.

لكنه حتمًا سيغادر ويتركنا بسلام سوف يسقط في حربه المروعة أمام إيمان الإنسان وقدرته العقلية فقد عَلَّمهُ شَدِيدُ الْقُوى. والإنسان قادرٌ على إبرام الوعد بذلك مستعينا بالله تعالى فقد عَلَّم الْإِنْسان ما لَمْ يَعْلَم.

بيْد أنّنا لن ننكر أنّ زمن كورونا خلّف بعض القرارت العقلية الجبّارة، وأخرج خطباء فصحاء فنّدوا طرقا للنجاح في أحلك الظروف، وأثبتوا قوة الإنسان تجاه أيّ خطر يمكن أن يُداهم آفاقه وإلّا ما كانت جرعات اللقاح تقف اليوم محاربة بجسارة ضد هذا الوباء.

وإلى حين وداع كورونا علينا تعزيز مقومات البيت السعيد لتكثيف الإقامة فيه مُجددا، لن نفسد أيام بيوتنا بوجود هذا الوباء، سوف نعْمد إلى زرع بَرَكَة الله في كلّ ركْنٍ من أركانه، وننثر الجو المتجدد بالحب بين الأبناء حتى نخرج مرة أخرى بكنز ثمين ونرفع كرت الانتصار في كل حين على هذا الوباء.

تأبى الحياةُ ألّا الخروج بأبهى حلّة عند المؤمنين إيمانًا حقيقيا بأن الله تعالى سخّر الكون بأكبر مافيه لأصغر مافيه.