آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 9:06 م

الخير في التنمية

عبد الرزاق الكوي

تعرف الأمم المتحدة التنمية بأنها «التخطيط المنظم الهادف لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والذي يعتمد على مبادرة المجتمع المحلي والمشاركة النشطة للأفراد داخل المجتمع».

فالتنمية والإهتمام بتطوير الإقتصاد هي الأمل بغدٍ أفضل ومستقبل أكثر اشراقا وحياة كريمة تستحقها البشرية، المستقبل يخطط له بالاهتمام بالنواحي التنموية التي تصب في تطور الإقتصاد ورفع درجة حياة الفرد وانعكاسه على المجتمع والدولة، وهذا ما يحتاجه إنسان ومجتمع ودول العالم بشكل عام والعالم الثالث بشكل خاص، مواكبة الركب والسير بخطوات ثابته والتكيف مع المستجدات على النطاق العالمي الذي يخطو خطوات سريعة وتصحيحية من أجل نماء الفرد والمجتمع والدولة كأمر ضروري وملح بالبحث والاستفادة من تجارب الآخرين واستلهام خطط تطويرية تناسب وضعها المحلي وإمكانياتها المحدودة، وكثير من الدول على المستوى العالمي انطلقت من الصفر وأصبحت اليوم صاحبة مكانة عالمية واقتصاد قوي ومضرب مثل بقوة الإرادة وبكل موثوقية ومصداقية على المستوى الدولي، تقود العالم نحو تحالفات وعدم الانكفاء على الذات، وعمل جاد وتعاون دولي من منطلق التعاون المشترك الذي يصب في مصلحة الجميع، فالتنمية اليوم اصبحت ضرورة جماعية.

التنمية ليست أمراً مستعصيا أو أمراً خارج نطاق قدرة الإنسان كل ما تحتاجه التنمية خطط مدروسة لكل بلد وظروفه وإمكانياته والعمل في ظل هذه الظروف والإمكانيات بإرادة وثقة بالنفس وإيجاد الخطط المدروسة وأخد زمام الأمور تحت إشراف كفاءات متخصصة ومخلصة تكون نتيجتها الخير على المستوى الفردي والمجتمع والدولة.

التفكير في التنمية يمضي قدما على المستوى العالي منذ زمن بعيد وهو مشروع لاينتظر أحد الجميع في تسابق محموم من أجل النماء والعالم اليوم قرية صغيرة بفضل تكنولوجيا الاتصالات والانفتاح على بعضهم، وهذا مما يشكل حالة إيجابية بالاستفادة من الخبرات العالمية الناهضة والانفكاك من قيود الماضي وواملاءاته، فعالم اليوم ترسمه قوى ناهضة في المجالات التنموية وتطوير الإقتصاد وقبول الآخر كشريك بل وتقديم الاستشارات والمساعدات والدعم اللامحدود لكثير من الدول المحتاجة.

فالمجال مفتوح والقدوة موجودة والطاقات البشرية لا تنقص العالم الثالث، المهم تكاتف الجهود والرغبة الصادقة من خطوة شجاعة تنقل المجتمع من التخلف والتبعية الى عالم المشاركة الفعالة في صنع قراراته بنفسه ويصبح لهذا العالم صوت في المحافل الدولية ورسم سياساته المستقلة.

من معوقات التنمية وبناء اقتصاد واعد الفساد المستشري في جسد العالم الثالث، والذي ينخر البنية التحتية ويولد عدم الثقة من أبناء مجتمعه ومن العالم في مصداقية وموثوقية الإعتماد عليه كشريك يمكن الإعتماد عليه ويثقوا في توجهاته، هذا الموقف يزيد الأمر سوءا ويرسخ التبعية للغير، ويبقى رهينة سياسات خارجية لا تريد الخير له بل سلب خيراته، مما يولد مزيد من الفقر والبطالة والمجاعة والظروف الصحية البائسة، أن تصل متأخرا خيرا من أن لاتصل، الانفكاك من القيود ومعالجة الأسباب وحل مسألة المديونيات التي تنهك كاهل بلدان العالم الثالث، دول ليس لها بنى اقتصادية كافحت وأصرت على النجاح فكانت النتيجة الازدهار وتدفق الخيرات، خططت تلك الدول ووضعت الرجل المناسب في المكان المناسب، وضربت بيدا من حديد على أيدي الفاسدين، ووثقت في أفراد مجتمعها انه قادر على العطاء وأخد زمام الأمور فما كان حلم أصبح حقيقة، هذا ما يحتاجه العالم الثالث، اليوم ثلثي العالم من الفقراء، ومعظم هؤلاء الفقراء من العالم الثالث.

فالشغل الشاغل للعالم هو التنمية بدأ بالفرد وانتهاءا بالدول، اصبحت هاجس يومي وضرورة حياتية تعتبر من الأولويات بعمل دؤوب وحزمة مشروعات وعمل شراكات مع دول صديقة وليس مهيمنة، يعطي العالم الثالث بارقة أمل ان بإستطاعته مشاركة العالم في مسيرة التنمية، فالعالم تجمعه المصالح الاقتصادية والعجلة لن تتوقف والقطار انطلق ولن ينتظر العالم احد الكسول، من اجل الالتحاق بالركب يحتاج الى زاد بالنظر بالمتطلبات التنموية من زيادة مخصصات ووضع دراسات استراتيجية قريبة المدى ومستقبلية، وجذب الاستثمارات من قبل دول صديقة التي تفتح أذرعها لبناء شراكات ومصالح تخدم الجميع.

لن نكون متشائمين اذا لم يتحرك العالم الثالث ستوجد خانة هي العالم الرابع، بمزيد من التراجع في جميع النواحي الحياتية، فالوضع لا يجب السكوت عنه بل يحتاج السعي لانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان.

ان يرتقي هذا العالم الى مكانة أسمى بعيدا عن المحسوبيات وتوزيع الولاءات وتحكم الميليشيات والتحزبات ومواجهة التحديات المصيرية.