آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

آية قرآنية تلهمك

المهندس أمير الصالح *

والدتي أطال الله في عمرها وبارك الله فيها واسبل ثياب الصحة عليها، كانت ومازالت تردد على مسامعي عدة جمل منذ طفولتي إلى جانب دعاؤها لي بدوام التوفيق والنجاح. وكان أول تلكم الجُمل: الله الله في صلاتك، الله الله في كتاب الله الكريم «القرآن»، الله الله في دراستك، الله الله في حسن الكلام وحسن الخلق مع الناس. كبرت وتزوجت واستقليت بمنزلي في مدينة تجارية صناعية ورزقت باولاد. وكبرت أمي ومازالت تردد على مسامعي عندما اتصل بها هاتفيا ذات الكلمات مع زيادة جملة واحدة: الله الله في أولادك.

كان لذلك الحرص من والدتي كما أيضا والدي الأثر الكبير في نفسي فجزاهما الله خير الجزاء وأثابهما أحسن الثواب. وما زلت بحمد الله مواظب على صلواتي وقراءة كتاب الله الكريم والبعد عن أهل السوء وانتقاء الأصدقاء الطيبين ممن يعينونني على تخطي فخاخ مغريات الحياة. وأتذكر حرص والدتي على قراءتها لآية الكرسي عندما نذهب للنوم وعندما نتوجه لأداء الاختبارات النصف سنوية والنهائية من كل عام دراسي. ومازال يصدح في أذني صوت تلاوة جدتي الملقبة بالحبيبة رحمها الله وصوت تلاوة أمي طوال أيام السنة، ولا سيما في شهر رجب وشعبان ورمضان المبارك. فكانت صورة التلاوة للقرآن مقرونة في ذهني بأحب الناس إلى قلبي، أمي وجدتي.

كبرت وتلقفت خواطر عدة من القرآن الكريم فلا زلت أتذكر أحد المشايخ في أحد المساجد القديمة بالحي قوله لكل وضع في حياتنا سورة أو آية يمكننا قراءتها للتضرع إلى الله بكلام الله لزحزحة الآلام والتطلع إلى وضع أفضل بإذن الله العلي القدير. ومما أتذكر ايضا بعض الملصقات التي تقارن بين الحال المناسب من السور لالتماس روح الفرج من الله بكلام الله، واورد منها:

‏مستصعب الأمر: قراءة سورة الشرح

‏لشفاء المريض: قراءة سورة يس

‏الخشية من الفقر: قراءة سورة الواقعة

‏للبحث عن شيء في حالة ضياعه: قراءة سورة الضحى.

واتذكر في أحد دروس الحج خطب شيخ القافلة التي التحقت بها واستعرض لي توجيهات السلوك في ضبط إيقاع الحياة نحو راحة البال وزيادة مستوى السعادة مستخلصة من آيات الله الكريم:

ضبط القرآن مشيتنا في قوله ﴿ولاتمشِ في الأرض مرحا.

‏ضبط القرآن صوتنا بقوله ﴿واغضض من صوتك.

‏ضبط القرآن نظراتنا بقوله ﴿ولا تمدنَّ عينيك.

‏ضبط القرآن سمعنا بقوله ﴿ولا تجسسوا.

‏ضبط القرآن طعامنا بقوله ﴿ولا تسرفوا.

‏ضبط القرآن ألفاظنا بقوله ﴿وقولوا للناس حسنا.

‏ضبط القرآن مجالسنا بقوله ﴿ولا يغتب بعضكم بعضا﴿. واخيرا وليس اخرا، الآية الكريمة

﴿ان الله كان على كل شيءٍ حسيبا ‏ تستحضر المحاسبة الذاتية في داخل الانسان ليرتدع من الفلتان.

وحديثا كنت أستمع لبرنامج في تطبيق كلوب هاوس الاجتماعي بعنوان ”قل لنا آية بتريح قلبك“. يستعرض كل مشارك من حول العالم في البرنامج، الآية التي تلمس قلبه بناء على تجاربه أو حالته النفسية عند مواجه مصاعب الحياة والآية القرآنية الملهمة له للخروج من أزماته أو تثبيت استقامته. وكانت بعض المداخلات على الشكل التالي:

- لزرع الثقة أو لاسترداد الثقة كنت أقرأ ﴿قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا

- ﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاستحضار النية الصالحة في كل الأعمال.

- ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد تستشعر بإن الله هو الأقرب إليك وأنك لست وحيدا في غربتك أو ابتعاثك أو مرضك أو سفرك.

- ﴿و ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون يرفع روح الأمل في استنقاذ النفس من الزلات بكثرة الاستغفار وحب النبي محمد ﷺ.

- ﴿و ان ليس للإنسان الا ما سعى.... وان سعيه سوف يُرى تحث الإنسان على السعي بنية صحيحة وتركيز عال ومثابرة وتلمس النتيجة المرجوة من الله الواحد الاحد

- «لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا» يستحضر الإنسان عند قراءتها شحذ الهمة والتطلع إلى رحمة الله.

- ﴿الم نشرح لك صدرك... الآية ملهمة للكثير من الناس في التفوق على تحديات الدنيا.

في عالم اليوم يتلمس كل منا روح الأمل من خلال كلمة يسمعها عبر TEDex أو مقطع فيديو لمتحدث ملهم أو حديث بودكاست لصاحب تجربة غزيرة تعنيك قد خاضها قبلك في حياته من هنا أو هناك ومن جميع أنحاء العالم. ويتمنى المستمع إن يسمع ما يدعمه لتعزيز الثقة بنفسه ويرفع معنوياته أو استنساخ قصة نجاح أو اقتفاء اثر يهدي للأفضل من الحلول. استشعار كلام الله وعظمة الخالق عند قراءة القرآن الكريم لا سيما للآيات الملامسة لحالة الإنسان أوقات الضعف والحيرة ونقص المعلومات يفجر طاقات الأمل لدى ذلك القارئ المستشعر لروح القرآن الكريم في قلبه. ونحن على عتبات شهر رمضان المبارك، أخبرني أخي القارئ أي من الآيات الكريمة تلامس قلبك عند قراءتها وهل أثرت ذلك الموضوع مع محيطك؟؟