آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

الكعكعة تكفي الجميع

عبد الرزاق الكوي

بفضل وسائل الاتصال أصبح العالم قرية صغيرة قربت التكنولوجيا العالم مع بعض في الكثير من النواحي الحياتية، وظل المهم وهو التقارب الإنساني بعيد المنال كل يوم يبتعد الإنسان عن أخيه الإنسان، وتتباعد الدول على الواقع أكثر اجتماعيا وإنسانيا. فالعلاقة اليوم قائمة بين الإنسان والتكنولوجيا وليس الإنسان مع اخيه الإنسان، والعائلة مع العائلة والأخ مع إخوانه، وصولا للعلاقات الدولية بين دول العالم، كان من المفترض أن يصب هذا التقدم في بناء علاقات تخدم الشأن العام وتقدم خدمات على الواقع المعاشي للإنسان بشكل عام شرقيه وغربية شمالية وجنوبية، من أجل تحسين وضع الإنسان المبتلى في هذه الحياة، والمحافظة على بيئته من الدمار بفعل الإنسان، أن تكون حضارة خير لا مصدر شر في خدمة الأجندات الإرهابية والمافيات المتعددة، وغسل الأموال والتجارة غير المشروعة التي وصلت في الاتجار بالبشر الذي لا يملك من قوت هو بالكاد يسد الرمق أو حتى ما يسد رمقه محروم منه، كل ذلك من أجل مصالح حفنة من قيادات الشركات العابرة للقارات والمتعددة الجنسيات التي تملك اليوم أكثر زمام الأمور على النطاق العالمي والتحكم باقتصاده.

فالتقدم التكنولوجي كما يخدم البشرية بشكل عام يخدم فئات بشكل خاص في توسيع مشاريعهم ومصالحهم الشخصية، تحت مظلات ودعم قوى إعلامية خارقة تخدم تلك الأجندات.

فالتقدم التكنولوجي رغم فوائده على العالم، لم يستفاد منه في خلق واقع أفضل اجتماعيا في مكافحة الفقر، ولا صحيا من أجل بيئة صحية، ولا علميا في مكافحة الأمية المنتشرة في بقاع العالم، فالبحث الدؤوب ليس عن فقير من أجل إشباعه، بل بطريقة يسلب من فم ذلك الفقير رزقه، الخطط هي كيفية الكسب بدون وازع ديني ولا إنساني ولا أخلاقي، تستخدم فيه جميع الخطط اللاإنسانية ولا القانونية ولا تحكم من قبل الهيئات الدولية، لأنها الأقوى والأخطر على وجود واستمرارية تلك الهيئات، فاليوم شركات معدودة تهيمن على الاقتصاد العالمي بلا رحمة تمتص دماء العالم لتزيده فقرا وتراجعا، يحتاج فيها العالم إلى نقلة حقيقية وصادقة من أجل انقاذ العالم من البراثن المتربصة به بأسم العلم والتقدم الاقتصادي وحقوق الإنسان وتحت الطاولة ترسم المآسي للإنسان الحائر في أمره، الباحث عن استمرار حياته تحت أبسط الحدود والإمكانيات، العالم يقاد بمعايير كاذبة لا تسعى إلى الخير، واقع أقل مافيه لا أمل منه في النواحي الإيجابية، عالم فقد اتزانه يستنزف خيراته لقلة متنفذة، هذه القوة وان خرجت من الباب تدخل من النافدة وتحمل في طيات دخولها أهداف أكثر شراسة تخدمها وسائل إعلام نافدة مدعومة بمليارات الدولارات لأن المتحصل التي يصب في جيوبهم اكبر.

فالعالم لن يتطور في تقليد أصحاب النفود في طريقة أكلهم وملبسهم وحركاتهم، أو اقتناء كمالياته بل بالتفكير في الواقع وما يخطط للعالم ليبقى أسير تلك السياسات الخطيرة والماكرة، بالفكر والتفكير بما يخطط للعالم تبقى المسؤولية فردية وجمعية، ان الجميع مستهدف في ظل تلك السياسات.

اليوم القلة من الأفراد تمتلك الكثرة من خيرات العالم، والكثرة من أفراد العالم تملك القليل من أساسياتها المعيشية والصحية، فالتقارب الحقيقي معدوم والمساواة مفقودة بل تكرس الروح الاقصائية من قبل القوي في وجه الضعيف.

فالتقدم التكنولوجي ليس سيئا فقد خدم البشرية، السيء من يستخدم التقدم العلمي والتكنولوجي لمصالح شخصية يظلم فيها الآخرون، وما خفي كان أعظم من إرهاق العالم بديون وقيود واتفاقيات تكبل العالم وتزيد من تخلفه، تحت مسميات وأهية وأيدلوجيات ذات معايير مزدوجة.

فالعالم يتطلع إلى غد أفضل والفكاك من الأسر وأن تكون العلاقات مبنية على تبادل إنساني في جميع نواحي الحياة من اقتصادية وثقافية واجتماعية تخدم بقاءه بخير وعافية بما يمتلك من إمكانيات مادية سلبت منه بعدوانية واضحة لا تقتنع الا بالكعكة بكاملها والفتات لبقية العالم لا التفكير أن الكعكعة تكفي الجميع.