آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

سماعون للكذب

محمد أحمد التاروتي *

يمارس البعض لعبة تخريب البيوت وتلويث السمعة، من خلال اختلاق الاكاذيب عبر استخدام الكثير من الاساليب، بهدف تحقيق الغايات ”المريضة“ من جانب، وتحطيم الاطراف الأخرى من جانب اخر، خصوصا وان وجود تلك العناصر يشكل تهديدا حقيقيا، مما يفرض التحرك الجاد لتلويث سمعتها لدى اصحاب القرار اولا، تشويه الصورة المثالية المرسومة لدى البيئة الاجتماعية ثانيا، لاسيما وان رسم صورة مشوهة لدى اصحاب القرار، يسرع من تحطيمها ماديا ومعنويا، كما ان تلطيخ السمعة اجتماعيا يدفع للانزواء، ومحاولة البحث عن بيئات اخرى، نظرا لعدم القدرة على العيش في اوضاع غير صحية.

امتلاك الادوات المادية للوصول الى اصحاب القرار، يشكل محفزا للدخول في لعبة ”الكذب“، خصوصا وان سهولة التواصل مع اصحاب النفوذ، وامتلاك المهارات اللازمة لايصال المعلومات الكاذبة، يولد حالة من النفور بين اصحاب القرار والاطراف المستهدفة، لاسيما وان منع التواصل المباشر مع تلك الاطراف يعزز من ”مصداقية“ الاكاذيب، مما يدفع لاتخاذ خطوات اجرائية ضارة، الامر الذي يصب في مصلحة فريق ”الكذب“، بحيث يتجلى في اتخاذ خطوات تدميرية، انطلاقا من قناعات بوجود ضوء اخضر من اصحاب القرار، وبالتالي فان اساءة استغلال الموقع يلعب دورا حيويا، في عملية نسج ”الاكاذيب“، وازالة الاطراف المنافسة من الطريق، والعمل على الاستحواذ بالقرار.

لا يتورع فريق ”الاكاذيب“ من استخدام الاساليب ”الدنيئة“، لازاحة الاطراف المنافسة، فتارة من خلال رصد جميع التحركات، ومحاولة التقاط بعض الأخطاء، وتارة اخرى بواسطة استخدام الاطراف الاخرى، من اجل تحقيق الغايات المرسومة، فالعملية ليست مرهونة بممارسات محددة، ولكنها تتجاوز الاساليب المألوفة لتشمل بعض الطرق الملتوية، انطلاقا من مبادئ غير اخلاقية تعتمد اسلوب ”الغاية تبرر الوسيلة“، الامر الذي يخرج المنافسة عن الاطار المشروع، ويدخلها في باب التجني والافتراء، لاسيما وان عدم القدرة على المنافسة بالطرق المشروعة، يحرك النفوس المريضة لاستخدام الاساليب غير الاخلاقية.

وجود اطراف ”تسمع“ للكذب، واتخاذ الخطوات العقابية بشكل سريع، يحفز على الاستمرار في انتهاج الأكاذيب، والاضرار بالاطراف الاخرى، خصوصا وان غياب الرغبة في سماع مختلف الاطراف، يجعل من عملية الصمود صعبة للغاية، لاسيما وان الاطراف المتضررة لا تجد استجابة، او وسيلة للوصول الى اصحاب القرار، نظرا للطوق المنصوب حولها من قبل الاطراف المستفيدة من تحطيم المنافسين، وبالتالي فان فريق ”الاكاذيب“ يتحرك للاستفادة من ثغرة التصديق غير المستند للحقائق، او القائم على الاستمتاع لمختلف الاطراف، باعتباره من الاسس الاخلاقية المتعارف عليها لدى الجميع، فيما بعض اصحاب القرار يضعون الثقة التامة في اطراف لا تستحقها، مما يدفع الاخيرة للترويج للاكاذيب للقضاء على الاطراف المنافسة.

عملية مقاومة الاكاذيب تتطلب الوصول الى اصحاب القرار، لكشف الحقائق وازالة الغشاوة عن العيون، بيد ان عملية الوصول الى اصحاب القرار، تتطلب الكثير من الجهد، لاسيما وان محاولات كشف الحقيقة تواجه بمقاومة شديدة من اصحاب ”الاكاذيب“، باعتبارها تحركات قادرة على وضع الامور في النصاب السليم، مما يفرض ايجاد الاليات المناسبة، لفضح مختلف الاساليب ”الدنيئة“، الهادفة لاسقاط المنافسة، واخراجه من الساحة، وبالتالي فان المقاومة قادرة على وضع حد لتنامي، ونجاح هذه المساعي غير الاخلاقية، نظرا لخطورتها على بروز العناصر الكفوءة، وتصدر الاطراف الفاشلة المشهد الاجتماعي.

خطورة نشر الاكاذيب على الاطراف المنافسة، تكمن في سيطرة الثقافة الفاسدة على اصحاب القرار، مما يحول دون اصلاح الأمور، واستمرارية الاوضاع غير الصحية في البيئة الاجتماعية، جراء تمسك فريق ”الاكاذيب“ بالمكاسب، والامساك بزمام الامور، فيما تترك الاطراف الكفوءة بعيدة عن المشاركة الفاعلة، في تصحيح الاوضاع المعوجة، وبالتالي فان الاكاذيب قادرة على تصوير الامور بخلاف الواقع، مما يقود لتفاقم الامور في الاتجاه السلبي، وخروج الاوضاع عن السيطرة في بعض الاحيان.

كاتب صحفي