آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

ممارسة التضليل

محمد أحمد التاروتي *

يتخذ البعض المركز الاجتماعي وسيلة، لممارسة التضليل في مختلف القضايا، من خلال تسخير الإمكانيات المتاحة لتزييف الحقائق، عبر استخدام وسيلة خلط ”الحق بالباطل“، حيث يعمد هؤلاء للاستفادة من بعض المعلومات الصحيحة، في حرف الحقائق، وقلب الأمور رأسا على عقب، فتارة لأغراض شخصية بحتة، وتارة لتنفيذ اجندات أخرى، الامر الذي يتمثل في استغلال جميع الظروف، في سبيل ممارسة التضليل بابشع صوره.

شعار حماية المجتمع، وتقديم النصيحة المجانية، احدى الوسائل المتخذة لممارسة التضليل، عبر الترويج لشعارات البحث عن الاليات المناسبة، للتقليل من المشاكل التي يواجهها المجتمع، مما يدفعه للاستجابة الطوعية للدعوات ”الصادقة“، التي يطلقها المضللون بين فترة وأخرى، الامر الذي يسهم في وقوع بعض الفئات في مصيدة، تلك الممارسات التضليلية، خصوصا وان تباين الوعي الاجتماعي يلعب دورا أساسيا، في وقوع بعض الفئات فريسة سهلة، في مصيدة ”التضليل“، لاسيما وان نجاح التضليل مرتبط بالقدرة الفائقة في خلط ”السمن بالعسل“، من خلال تغليف الدعوات ببعض الشعارات البراقة، فيما تخفي تلك الدعوات السم القاتل في داخلها.

المراوغة والعمل على التلاعب بالمفردات، وامتلاك المهارة الكلامية، عناصر أساسية في نجاح التضليل على الاطار الاجتماعي، فالعملية مرتبط بالقدرة على تسخير جميع الاحداث في المصلحة الخاصة، الامر الذي يفسر انخراط هذه الفئة في العديد من القضايا، ومحاولة ابداء الآراء فيها، سواء بشكل طوعي او قسري، فاذا كانت الأبواب مفتوحة فان عملية الدخول ليست صعبة، فيما تحاول هذه الفئة اختراق الحواجز، للانخراط في المشاكل الاجتماعي بالقوة، انطلاقا من قناعات بضرورة استكمال ممارسة التضليل على الاطار العام، نظرا لأهمية حرف التفكير الاجتماعي، وعدم الاستسلام للعوائق، والحواجز المادية والمعنوية.

تزيين الحلول وعدم البوح بالعواقب المستقبلية، احدى الالاعيب المتبعة للسيطرة على الأطراف الأخرى، خصوصا وان الشفافية والوضوح في الطرح، لا يخدم عملية التضليل، مما يفرض استخدام ”الخداع“ لاستقطاب بعض العناصر، او الهيمنة على القرار الجمعي، خصوصا وان اكتشاف الأهداف الحقيقية ينسف جميع الخطط من أساسها، مما يستدعي انتهاج وسيلة التزيين، ورسم الصورة المغايرة، لاحداث حالة من الابهار، والانسياق الطوعي، والركض وراء تلك الخطط الملتوية ”فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَٰنُ قَالَ يََٰٓٔادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍۢ لَّا يَبْلَىٰ“، وبالتالي فان الأسلوب المخادع يمثل الطريقة المناسبة، للتأثير على الطرف الاخر، بهدف إخراجه الواقع الاجتماعي من السياق السليم، والدخول في الافخاخ المدمرة، على الصعيد الشخصي أحيانا والاجتماعي أحيانا.

استخدام الرموز المؤثرة احدى الوسائل، لوضع التضليل على المسار المرسوم، خصوصا وان تلك الرموز تمتلك ”كاريزما“ جاذبة، لدى بعض الفئات الاجتماعية، مما يساعد في تسريع التضليل على الاطار الاجتماعي، من خلال دفع تلك الرموز على استخدام بعض الممارسات، بهدف استقطاب بعض الفئات الاجتماعية، فتارة تكون تلك الرموز واعية، لتحركات التضليلية عبر المشاركة الفعلية، في تلك الممارسات على الاطار الاجتماعي، وتارة أخرى تقع فريسة سهلة في مشروع التضليل، من خلال استخدام بعض الأساليب الملتوية، لاستقطابها لانخراط في لعبة التضليل، بمعنى اخر، فان الرموز المؤثرة هدف استراتيجي لدى فريق التضليل، لاختصار الزمن، واختراق شريحة اجتماعية واسعة، نظرا لقدرة تلك الرموز على تنفيذ المخططات التضليلية، في مختلف الشرائح الاجتماعية.

التضليل لعبة خطيرة على الصعيد الاجتماعي، باعتبارها وسيلة لاختطاف المجتمع، باتجاه مسارات خاطئة، مما يقود لحالة من الارباك، وعدم الاستقرار الداخلي، جراء التجاذبات المصاحبة لعملية التضليل، الامر الذي يحدث ضياعا في التعرف على الاتجاه الصائب، بحيث يقود الى التخبط الشامل، وعدم القدرة على تصويب الفكر بالطريقة السليمة، جراء هيمنة التضليل على التفكير الاجتماعي، وبالتالي فان التضليل يخلق تبعات اجتماعية خطيرة، على الصعيد الشخصي والجمعي، خصوصا وان خلط ”الغث بالسمين“ يعرقل عملية التعرف على الطريق الصحيح، حيث ينظر البعض الى ظاهر الأمور، فيما يصعب عليهم سبر اغوارها، الامر الذي يوقع بعض الشرائح في فخ التضليل، بطريقة مباشرة او غير مباشرة.

كاتب صحفي