آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

المنحنى التصاعدي

محمد أحمد التاروتي *

تكشف الأرقام التي نشرتها وزارة الصحة خلال الأيام الأخيرة، ارتفاع ملحوظ في اجمالي الإصابات بفيروس كورونا، بحيث تجاوزت حاجز 500 حالة يوميا، مما يعيد المخاوف بدخول الموجة الثانية، واعلان حالة الطوارئ القصوى في المنظومة الصحية، خصوصا وان الذاكرة ما تزال مملوءة بالايام الصعبة، التي عاشتها جميع الكوادر الصحية، منذ مارس عام 2019، الامر الذي فرض اتخاذ الإجراءات الصارمة، وانتهاج سياسة الاغلاقات الشاملة، بهدف السيطرة على الوضع، والحد من انتشار الوباء، مما ساهم في ضبط إيقاعات العدوى، وخروج المملكة من التحدي الكبير باقل الخسائر.

بدء عمليات التقليح، وافتتاح مئات المراكز، لاستقبال المواطنين لتلقي اللقاحات، عملية أساسية وضرورية للعودة للحياة الطبيعية مجددا، خصوصا وان اللقاحات المتوافرة قادرة على توفير المناعة، والحد من انتقال العدوى، مما يسمح بتخفيف الإجراءات الصارمة، وانتهاج سياسة الانفتاح التدريجي، لاعادة الدورة الاقتصادية، لاسيما وان الكثير من الأنشطة التجارية وجدت نفسها، في موقف لا تحسد عليه، نتيجة الإجراءات الاحترازية المتخذة ابان الموجة الأولى لجائحة كورونا.

التراخي والتهاون والاستهتار، والتخلي عن الحذر، في اتباع الإجراءات الاحترازية، وتجاهل التباعد الاجتماعي، عناصر أساسية في إعادة الأوضاع الصعبة مجددا، خصوصا وان البلدان الأوروبية تواجه تحديات حقيقية، مع دخولها الموجة الثانية، وارتفاع معدلات الإصابة فيها، بالإضافة للمخاوف من دخول الموجة الثالثة للعديد في القارة الأوروبية، وبالتالي فان الالتزام الشامل بالإجراءات الاحتزارية، يمثل السبيل للعبور الى شاطئ الأمان مجددا.

الإجراءات الصارمة التي اتخذتها المملكة، منذ اللحظات الأولى لظهور الإصابة الأولى، ساهمت في انقاذ الأرواح من الوقوع في براثن الفيروس القاتل، بحيث تجلى في السيطرة على الوضع، عبر تسخير كافة الإمكانيات، ووضع القطاع الصحي، في خدمة مصابي كورونا، الامر الذي احدث حالة من الارتياح الكبير، بمعنى اخر، فان ارتفاع اجمالي الإصابات في الآونة الأخيرة، يفرض انتهاج الاليات المناسبة، لتقليل الإصابات، من خلال اتباع الارشادات والتعليمات الصادرة من الجهات المختصة، باعتبارها السبيل الأمثل لمواصلة مشوار النجاحات، الذي حققته الدولة على مدى الأشهر الماضية.

رؤية الجثث ومشاهدة الاف المرضى، في المستشفيات بمختلف انحاء العالم، يدفع باتجاه الالتزام بالإجراءات الاحترازية، خصوصا وان الجهود العالمية تتحرك باتجاه القضاء على الجائحة بكل السبل، مما يستدعي التعاون مع تلك الجهود في سبيل العودة مجددا للحياة الطبيعية، فالاستهتار ينم عن فقدان للوعي، وعدم القدرة على تصويب البوصلة بالاتجاه الصحيح، لاسيما وان التهاون في اتباع الإجراءات الاحترازية، ساهم في فقدان الكثير من الأرواح خلال الأشهر الماضية، نظرا لقدرة الفيروس على الانتقال بسهولة بين الأجساد، مما يتسبب في السيطرة على الأجهزة الحيوية، داخل جسم الانسان، بحيث يتجلى في عدم القدرة على التنفس.

الدعوة الى الالتزام بالإجراءات الاحترازية، تهدف الى الحفاظ على الإنجازات الكبيرة، التي تحققت في السيطرة على الوباء، في مختلف مناطق المملكة، بيد ان الشعور بالأمان وانخفاض عدد الإصابات في الفترة الماضية، ليست دليلا على اختفاء الفيروس، وزوال خطر الإصابة بالمرض، نظرا لاستمرار الفيروس على تسجيل المزيد من الأرقام في العالم، فعلى سبيل المثال فان البرازيل تسجل نحو 100 الف إصابة يوميا، فيما يتجاوز عدد الموتى حاجز 3500 انسان، وبالتالي فان العودة التدريجية للحياة بالمملكة ليس مدعاة للتراخي، او التهاون في اتخاذ الإجراءات الاحترازية، فالعديد من الدول العالمة ما تزال تكابد ويلات الموجة الثانية، واستمرار الارتفاع الرهيب في اجمالي الإصابات اليومية.

تجاوز اجمالي الإصابات عن 500 إصابة يوميا، يتطلب وقفة جادة لقرع جرس الإنذار مجددا، فالبعض ما يزال يتعامل باستهتار، ويتجاهل التعاطي بمسؤولية مع الاخرين، عبر رفض اتباع الإجراءات الاحترازية، مما يتسبب في نشر العدوى، وتعريض حياة الناس للخطر، وبالتالي فان المرحلة الحرجة الحالية بحاجة الى وقفة جماعية، للخروج من تحدي الموجة الثانية، من اجل تسجيل الانتصار الكبير في اقرب وقت ممكن.

كاتب صحفي