لماذا التعلم، لا المكافآت، هو مفتاح السعادة - بحسب دراسة جديدة
بقلم باستيان بلاين باحث مشارك في علم الأعصاب المعرفي، جامعة كوليدج لندن، وروب روتليدج أستاذ مساعد في علم النفس، جامعة ييل
1 فبراير 2021
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 41 لسنة 2021
Happiness: why learning، not rewards، may be the key - new research
Bastien Blain Research associate in Cognitive Neuroscience، UCL
Robb Rutledge Assistant Professor in Psychology، Yale University
February 1,2021
هوسنا بالسعادة ليس شيئًا حديثًا كما قد يبدو. الفلاسفة من أرسطو إلى جيريمي بينثام Jeremy Bentham «انظر 1» جادلوا بأن العافية الشخصية / الذاتية «2» أمر بالغ الأهمية. حتى أن بنثام اقترح أن ”أعظم سعادة لأكبر عدد من الناس هي مقياس الصواب والخطأ“ «1». هذه المقاربة تثري تشريعات العديد من الدول بالمعرفة التي تنشر مقاييس الناس للعافية «3».
لكن ثبت أن هدف زيادة السعادة المجتمعية صعب التحقيق. يعود ذلك جزئيًا إلى صعوبة تحديد العوامل الأكثر صلة بالسعادة. على سبيل المثال، يعتقد الكثير من الناس أنهم سيكونون أكثر سعادة لو كان لديهم المزيد من المال فقط، ولكن المناسبات / الأحداث كالفوز في اليانصيب أو الحصول على زيادة كبيرة في الراتب غالبًا ما يكون لها تأثيرات مؤقتة فقط على السعادة «4». ولكن، دراستنا التي نُشرت مؤخرًا في دورية eLife تشير إلى أن التعلم [التعلم هو اكتساب معرفة أو مهارة] قد يلعب دورًا أكثر أهمية ودوامًا «5».
تشير دراسة أخرى صدرت حديثًا إلى أن العامل الرئيسي الذي يدفع نحو السعادة عندما يتعلق الأمر بالمكافآت «تعريف المكافأة في 6 و7» ليس في الواقع هو عامل المكافآت بحد ذاتها، بل مدى توافق المكافأة مع التوقعات «8». الحصول على زيادة في الراتب سيجعلك تشعر بالسعادة فقط لو كانت هذه الزيادة أكبر مما كنت تتوقعه. هذا الاختلاف بين المكافأة المتوقعة والفعلية يُشار إليه بخطأ في توقع المكافأة «انظر التعريف في 9».
تلعب الأخطاء في التنبؤ بالمكافأة دورًا رئيسيًا في التعلم / الاكتساب «اكتساب معرفة أو مهارة» «10». هذا لأنها تحفز الناس على تكرار سلوكيات تؤدي إلى مكافآت كبيرة بشكل غير متوقع. يمكن استخدام هذه الأخطاء في التنبؤ بالمكافأة أيضًا لتحديثهم رؤيتهم للعالم / رؤيتهم الكونية [هذه الرؤية يقوم من خلالها كل شخص بتفسير العالم المحيط به والتفاعل مع مكوناته، بحسب ما ورد في 11]، والتي قد تكون مجزية في حد ذاتها. على سبيل المثال، إذا حصلت على زيادة في الراتب أكبر مما كنت تتوقع لأنك بذلت جهدًا كبيرًا في التفاوض مع صاحب العمل، فسوف تدرك أن هذه المقاربة مفيدة ويجب عليك الالتزام بها. وقد تشعر أيضًا أنك اكتسبتها / تعلمتها.
فهل يمكن أن تكون الأخطاء في التنبؤ بالمكافأة مقترنة بالسعادة ليس بسبب المكافآت، ولكن لأن هذه الأخطاء تساعدنا على فهم العالم «11» بشكل أفضل قليلاً من ذي قبل؟
التجربة
في دراستنا الأخيرة، اختبرنا هذه الفكرة. لقد صممنا مهمة يكون فيها احتمال الحصول على مكافأة غير مرتبط بحجمها، مما يمكننا من فصل دوري التعلم والمكافأة في تحديد السعادة.
كان على خمسة وسبعين مشاركًا لعب لعبة تتضمن تحديد أي من السيارتين ستفوز في السباق دون معرفة مسبقة عنهما. في الحالة ”المستقرة“، إحدى السيارتين كان لديها دائمًا فرصة للفوز بنسبة 80٪. في الحالة ”المتقلبة“، إحدى السيارتين لديها فرصة للفوز بنسبة 80٪ في أول 20 محاولة. السيارة الأخرى لديها فرصة 80٪ للفوز في ال 20 محاولة التالية. لم يُخبر المتطوعون بهذه الاحتمالات مسبقًا ولكن كان عليهم اكتشافها عن طريق التجربة والخطأ أثناء لعبهم اللعبة.
في كل محاولة، عُرضت على المتطوعين المكافأة التي سيحصلون عليها لو فارت السيارة التي اختاروها. خُصصت الجوائز المرتقبة بشكل عشوائي لكل سيارة من السيارتين. اتخاذ خيارات جيدة يتطلب اعتبار كل من المكافآت المرتقبة واحتمال الفوز بها «من الواضح أن كل واحد يريد أن يفوز بمكافأة ضخمة في كثير من الأحيان». لكن حجم المكافآت لم يكن مفيدًا في معرفة السيارة التي من المرجح أن تفوز في المستقبل.
بعد كل بضع محاولات، طُلب من المتطوعين تحريك مؤشر الكومبيوتر cursor إلى مستوى السعادة التي يشعرون بها في ذلك الحين. ليس من المستغرب أن يكون المتطوعون أكثر سعادة بعد الفوز منه بعد الخسارة. في المتوسط، كانوا أيضًا أقل سعادة في الحالة المتقلبة مقارنة بالحالة المستقرة. كان ذلك صحيحًا بشكل خاص بالنسبة للمتطوعين الذين أفادوا بأن لديهم أعراض اكتئاب.
كانت المفاجأة الكبرى أن السعادة لا تعتمد إطلاقاً على حجم المكافآت. ولكن السعادة اللحظية اعتمدت على ما إذا كانت المخرجات أفضل مما كان متوقعًا - حتى أن أداء السيارتين كان أفضل مما كان يظنه المشاركون. هذا ساعد المشاركين على تحديث معتقداتهم في حين تجاهلوا المعلومات عن حجم المكافآت. بعبارة أخرى، كانت عملية تعلم كيف جرت / عملت اللعبة هي التي جعلت الناس يشعرون بالسعادة وليس مقدار المكافأة التي فازوا بها.
فوائد التعلم
تشير هذه النتائج إلى أن الطريقة التي نعرف بها العالم من حولنا «11» يمكن أن تكون أكثر أهمية بالنسبة لما نشعر به مما نشعر به من المكافآت التي نحصل عليها مباشرة. من المنطقي أن نفكر في أن التعلم [اكتساب معرفة أو مهارة] غالبًا ما يُعتبر مجزيًا في حد ذاته - سواء أكان تعلم لغة أو تعلم حقائق تاريخية أو تعلم سودوكو أو تعلم لعبة كمبيوتر. أي أن الناس يبحثون عن فرص تعلم ويستمتعون باكتسابها حتى لو لم ينتج عنها مكاسب مادية بشكل جلي. هذا مدعوم بحقيقة أنه لا أحد يستمتع بلعب ألعاب سهلة للغاية أو بألعاب غير قابلة للحل، والتي في كلتا الحالتين توفر القليل من فرص التعلم. ولكن نستمتع بلعب ألعاب صعبة يمكننا أن نتعلم كيف نتقنها «12».
لذلك، قد يكون العثور على فرص طبيعية للتعلم مهمًا للعافية «13». في الواقع، تُظهر الأبحاث أن الدافع للقيام بنشاط مجزي في حد ذاته، كحل مسألة / مشكلة، قد يُقوَض [يبطل مفعوله] بالفعل عندما تُقدم مكافأة «أجرة، مثلًا». في العالم الحقيقي، غالبًا ما تكون المكافآت مبهمة ونادرة، ولكن الخبر السار هو أن التعلم قد يكون مع ذلك قادرًا على الرفع من مستوى السعادة.
دراستنا أثارت أيضًا أسئلة مهمة عن لماذا بعض الناس أسوأ في التعامل مع الأوضاع المبهمة [التي لا يمكن معرفتها بدقة أو التنبؤ بها أو الاعتماد عليها] من غيرهم، كالمصابين بالاكتئاب. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم لماذا قد يكون هذا هو الحال.
لتحقيق هذه الغاية، قمنا بتطوير تطبيق على الهاتف الذكي «The Happiness Project، انظر 14» يمكن لأي شخص تنزيله مجانًا للمساهمة في الدراسة العلمية التي تجري على السعادة.
صورة من برنامج اللعبة
يتضمن مشروع المواطن العلمي الضخم ألعابًا يتعلم منها ويتخذ قرارات ويفيد عن مدى شعوره بالسعادة أثناء لعبه بها. تساعدنا الاستطلاعات المجهولة المصدر على فهم الاختلافات بين الناس وقد تساعد في شرح ما يجري في الحالات الشائعة كالقلق والاكتئاب. لا يزال هناك الكثير نحتاج أن نتعلمه عن السعادة - ويمكن للجميع المساهمة في هذا المشروع.
