آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 4:33 م

دكان آدم

حسين نوح المشامع

الدكان كان أهم ما يملكه آدم في حياته، أهم من أولاده، وأهم من بناته، وأهم من نسائه، بل هو أهم عنده حتى من نفسه،فكأنه الجائزة الكبرى والعظيمة التي خرج بها من الدنيا.

ولقد كان ذلك واضحاً عندما اضطر إلى تأجيره بعد هبوط الدخل، بسبب كثرة المتاجر الحديثة والمجمعات الكبيرة،حيث بدأت الأسواق التقليدية بالأنهيار والتلاشي شيئاً فشيئاً، بعد بروز الجديد والحديث.

كان يكن لدكانه منزلة نفسية خاصة رفيعة، فلقد صعب عليه التنازل عن إدارته حتى لأبنائه، فضلا عن تأجيره لغريب، فلقد كان يشعر بأنه رفيق درب، وزميل عمل، وعشرة عمر طويلة، ومصدر خير وبركة.

لذا كان تعامله وعلاقته مع بناته وزوجاته مبني على مدى التفاني في الخدمة والمساعدة المتصلة بالدكان، أما أولاده فكان التعامل والعلاقة الحسنة معهم مبنية على مدى المواظبة والاستمرار على الحضور في الدكان.

حتى في أيام الأعياد لا يبتعد عنه كثيراُ، وإن حصل وذهب لزيارة بعض أصدقاءه القلة، فإن الشوق والحنين يجذبه إليه، كم تتجذب الأنوار الساطعة الحشرات الطائرة، فتأتي إليها حتى وإن كان في ذلك هلاكها، ليبقى حتى منتصف الليل، وأولاده يعانون الأبتعاد عن الناس وعن الأقارب وعن الأصدقاء حتى في أيام الأعياد،كأنما هو تسليته الوحيدة في الدنيا.

وبسبب العلاقة التي تجاوزت الحدود المادية، إلى الارتباط الروحي والوجداني، فلقد اضطر إلى شراءه بمليون ريال، بدل من بيعه بخمسمائة، عندما خيره مالك العمارة الجديد بين الشراء أو البيع.