آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:17 م

لم يعد البحر الأحمر محيطًا صغيرًا في العمر

عدنان أحمد الحاجي *

تكشف التكوينات الدفينة عن 13 مليون سنة من عملية اتساع في قاع البحر

23 أبريل 2021

  المترجم: عدنان أحمد الحاجي

قدم له عادل عبد الله البشراوي، باحث في الانسان القديم

المقالة رقم 124 لسنة 2021

Red Sea is no longer a Baby Ocean

Hidden structures reveal 13 million years of seafloor spreading

23 April 2021

مقدمة عادل عبد الله البشراوي

حمدا لله على توافر التكنولوجيا..

ليس من قبيل الصدفة أن يتوصل باحث أو متعلم إلىحقيقة علمية جديدة، فالأمر يتطلب قدرًا من الإستفادة منحصيلة معرفية راكمتها عقول الدارسين منذ بدءالحضارات، ومن ثم البناء عليها.

علماء اليوم يحظون بأدوات عديدة لمساعدتهم في المضيقدمًا نحو الحصول على حقائق جديدة، بل وممارسة مناهجالتخطئة والتجريب للتحقق من صحتها. الأمر فقط يحتاجإلى قدر من استيعاب الكم المعرفي والتقني الذي بلغتهالبشرية.

بين أهم هذه الأدوات هي برامج المحاكاة، فهي توفرللباحث نافذة على آليات عمل الطبيعة. وفيما يخص حركاتالأرض التكتونية، فهذه البرامج تمكن الباحث من رؤية شبهحية، مهما كان افتراضه لمعدل تباعد وتقارب هذه الصفائحوكيف كان وضعها في السابق، وأيضا كيف ستكون فيالمستقبل. وبذا فهي توفر قدرات استشرافية لتوقع الشكلالذي سوف يتم من خلاله توزيع أراضي اليابسة.

وعليه يطرح علماء حركات الأرض التكتونية سببًا واضحًالتشكل البحر الأحمر، فهم يعزون حدوث ذلك إلى ظاهرةأخرى أوسع مساحة وأشد تأثيرا، وهي ما بات يعرفبالصدع الإفريقي العظيم Great African rift valley.

هذه الظاهرة التي بدأت في التشكل في الملايين القليلة منالسنين اللاحقة لاصطدام صفائح قارة إفريقيا بصفائحأوراسيا «آسيا وأوروبا» قرابة ال 55 مليون سنة سنةالماضية، وبعدما تحررت من تجمع القارة العظمى الجنوبيةالقديمة المسماة غوندوانا Gondwana التي كانتتجمعها مع أراضي أمريكا الجنوبية وشبه القارة الهنديةوأستراليا إلى ماقبل 180 مليون سنة.

فبعد اصطدام ومن ثم التحام صفيحتي إفريقيا وأوراسياالكبرى بحوالي الخمسة عشر مليون سنة، أي قرابة ال 35 مليون سنة السابقة، بدأت المساحات الجغرافية وخصوصًامنها التي تشكل حواف التصاق الصفيحتين العربيةوالإفريقية، وفيما يسمى بالدرع العربي النوبي الذي يقسمهاليوم امتداد البحر الأحمر، بظهور بوادر فتق في الحوافيبدأ من سواحل الشام على البحر المتوسط، أي سواحلالجمهورية السورية اليوم، ويستمر جنوبا شاقًا امتداده عبرالبحر الأحمر وعازلًا أراضي القرن الإفريقي عن فضاءإفريقيا، ومنتهيًا إلى سواحلها في تنزانيا.

هذا الشق، هو المعني بمصطلح الصدع الإفريقي العظيم، وهو الذي فيما بعد، وتحديدا حينما بلغ الحد الكافي منالإتساع، ليكون حوضًا ملأته مياه المحيط الهندي، وليصبحالبحر الأحمر كما هو ظاهر في جغرافيا عصرنا الحاضر، وليشكل أخاديد عازلة للقرن الإفريقي عن باقي أراضيإفريقيا.

وحسبما بينته الدراسات كهذه الدراسة المترجمة أدناه، والتي ماهي سوى واحدة من مئات، إن لم نقل الآلاف، والمحتوية على اختبارات لعمر الصخور ومخزونها القديملمتجهات حقل الأرض المغناطيسي، وطبيعة التربة، معالإستعانة بنظام تحديد المواقع العالمي GPS، جميعهاوفرت بيانات كافية لتصميم برامج محاكاة متطورة، وأثبتتاستمرارية لتوسع الصدع، وهو مايعني بالنتيجة استمراريةلتوسع البحر الأحمر.

لا يستطيع أحد ادعاء علم الغيب، ولكن جمع البياناتوإخضاعها لمناهج البحث العلمي كفيل بأن يفتح لنا أبوابامن المعرفة تقربنا من معرفة الأشياء كيف كانت، وإلى أينتسير

البحث المترجم

البحر الأحمر ليس فقط أحد أهم الطرق البحرية للتجارة العالمية الحديثة. بل أيضًا ساحة من ساحات الدراسات الثرية والجذابة لباحثي الجيولوجيا التي لا تزال صعبة على الفهم. أسئلة مثيرة للجدل تشمل عمر البحر الأحمر وما إذا كان يمثل حالة خاصة في تكوين الحوض المحيطي[1] أو ما إذا كان قد تطور بشكل مشابه لأحواض المحيطات الكبيرة الأخرى. نشر باحثون من ألمانيا والمملكة العربية السعودية وأيسلندا نموذجًا تكتونيًا جديدًا للبحر الأحمر في المجلة الدولية نتشر كوميونيكاشينز Nature Communications. هذه الدراسة[2]  تقترح أن البحر الأحمر ليس فقط محيطًا من المحيطات المألوفة، ولكنه أيضًا أكثر عتقًا مما كان يعتقد من قبل.

يبلغ طول البحر الأحمز 2250 كيلومترًا، لكنه بعرض يبلغ 355 كيلومترًا فقط في أوسع نقطاطه - على خريطة العالم، البحر الأحمر بالكاد يشبه محيطًا. لكن هذا مضلل. حوض محيطي جديد، وإن لا يزال ضيقًا، يتشكل بالفعل بين إفريقيا وشبه الجزيرة العربية. ما مدى حداثة هذا البحر وما إذا كان يمكن مقارنته في الحقيقة بالمحيطات الأخرى الحديثة نسبيًا في تاريخ الأرض لا يزال محل نزاع في علوم الأرض لعقود. تكمن المشكلة في أن القشرة المحيطية التي تشكلت حديثًا على طول الصدع الضيق الممتد بين الشمال والجنوب مدفونة الى حد بعيد تحت غطاء سميك من الملح والرواسب. وهذا ما يعقد التحقيقات المباشرة في عمره.

في المجلة الدولية نتشر كوميونيكاشينز Nature Communications «انظر[2] »، نشر باحثون من مركز جيومار هيلمهولتز GEOMAR Helmholtz لأبحاث المحيطات كايل Kiel وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في ثول «المملكة العربية السعودية» وجامعة أيسلندا الآن دراسة قدموا فيهل براهين جيدة على أن البحر الأحمر عتيق تمامًا ومر بتطور محيطي كلاسيكي تقريبًا. ”باستخدام مجموعة من الطرق التحليلية المختلفة، يمكننا أن نثبت لأول مرة أن التكوينات structures في البحر الأحمر هي تكوينات منسجمة مع حوض محيط فتي young ولكنه متطور بالفعل بشكل تام.“ يقول الدكتور نيكو أوغستين Nico Augustin من جيومار GEOMAR، المؤلف الرئيس للدراسة.

بالإضافة إلى المعلومات المستمدة من خرائط قاع البحر عالية الدقة والتحليلات الكيميائية لعينات الصخور، استخدم الفريق بشكل أساسي بيانات الجاذبية والزلازل لتطوير نموذج تكتوني جديد لحوض البحر الأحمر. ساعدت شذوذات الجاذبية[3]  بالفعل في اكتشاف تكوينات structures دفينة في قاع البحر، مثل محاور الصدع[4]  والفوالق / الصدوع التحويلية «[5]  و[6] » وجبال أعماق البحار في مناطق أخرى، على سبيل المثال في خليج المكسيك أو بحر لابرادور Labrador «فرع من المحيط الأطلسي» أو بحر أندامان Andaman في جنوب شرقي خليج البنغال

قارن مؤلفو الدراسة الحالية أنماط الجاذبية لمحور البحر الأحمر مع حيود ridges منتصف المحيط[7]  المماثلة ووجدوا أوجه تشابه أكثر من أوجه اختلافات بينها. على سبيل المثال، فقد تعرفوا على شذوذات جاذبية إيجابية[3]  ممتدة بشكل عمودي على طول محور الصدع، والتي سببتها التباينات في سمك القشرة الأرضية الممتدة على طول المحور. هذه ”التي تسمى“ بمسالك التجزئة خارج المحور off-axis segmentation trails" هي سمات منسجمة جدًا مع سمات القشرة المحيطية التي تنشأ من مناطق أكثر نشاطًا وسمكًا وبالتالي أثقل على طول المحور. ومع ذلك، فإن هذه الملاحظة جديدة بالنسبة للبحر الأحمر، كما يقول الدكتور نيكو أوجستين.

خرائط قياس الأعماق بالإضافة إلى بيانات الزلازل تدعم أيضًا فكرة وجود واد متصدع متواصل «غير منقطع» تقريبًا في جميع أنحاء حوض البحر الأحمر. وقد تم تأكيد ذلك أيضًا عن طريق التحليلات الجيوكيميائية لعينات الصخور من المناطق القليلة غير المغطاة بكتل الملح. ”جميع العينات التي لدينا من صدع البحر الأحمر لها بصمات جيوكيميائية لقشرة محيطية طبيعية“، كما يقول الدكتور فاركوجي ڤان دير زوان Froukje van der Zwan، المؤلف المشارك للدراسة.

بهذا التحليل الجديد لبيانات الجاذبية والزلازل، حصر الفريق بداية توسع المحيط في البحر الأحمر إلي حوالي 13 مليون سنة. يقول الدكتور أوغستين: ”هذا أكثر من ضعف العمر المقبول عمومًا“. هذا يعني أن البحر الأحمر لم يعد محيطًا صغيرًا «في العمر»، ولكنه فتي له تكوينات مشابه لجنوب المحيط الأطلسي الموجود منذ حوالي 120 مليون سنة.

يقول المؤلف الرئيسي إن النموذج المقدم الآن لا يزال قيد المناقشة في المجتمع العلمي، ”لكنه التفسير الأكثر بساطة لما لاحظناه في البحر الأحمر. العديد من التفاصيل في المناطق المغطاة بالملح والرواسب والتي كان يصعب تفسيرها في الماضي أصبحت منطقية فجأةً في نموذجنا“. في حين كان النموذج قادرًا على الإجابة عن بعض الأسئلة بشأن البحر الأحمر، فإن النموذج يثير أيضًا العديد من الأسئلة الجديدة التي تبعث على المزيد من الدراسة في البحر الأحمر من منظور علمي جديد تمامًا.

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  - https://ar.wikipedia.org/wiki/حوض_محيطي

[2]  - https://www.nature.com/articles/s41467-021-22586-2

[3]  - ”شذوذ الجاذبية هو الفرق بين قيمة التسارع الملاحظ للسقوط الحر أو «الجاذبية على سطح الأرض» والقيمة المتوقعة من نموذج النطاق الجذبي للكرة الأرضية، يتم تمثيل هذا الفرق على منحنى يسمى منحنى شذوذ الجاذبية والذي ينتج عن طريق طرح قيمة الجاذبية المتوقعة لمنطقة على سطح الأرض من قيمة الجاذبية الملاحظة.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/شذوذ_الجاذبية

[4] - ”الصَّدع «Rift» ‏ في علم الجيولوجيا، هو مساحة مستقيمة تتحرَّك عندها القشرة الأرضية والغلاف الصَّخريباتجاهين مُتعَاكسين، وهي مثال على الحركات التكتونيَّة البنَّاءة.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/صدع_ «جيولوجيا»

[5] - ”الفالق أو الصدع هو كسر في صخور القشرة الأرضية مصحوبة بحركة انزلاق للكتل المتاخمة من طبقات الصخور الموجودة على جانبيه سواء كان في الاتجاه الرأسي أو الأفقي، ويحدث هذا نتيجة للضغط الشديد أو الشد الذي تسببه حركات القشرة الأرضية سواء كان تأثير هذه القوى رأسيًا أم أفقيًا.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/فالق

[6] - ”الصدع التحويلي أو الحد التحويلي «Transform fault» ‏، هو صدع ينشأ عندما تنزلق الأجزاء المزاحة عن بعضها في صفيحتين. ومعظم هذه الصدوع مخفية في أعماق المحيط، حيث تعوض الحدود المتباينة في التعرجات القصيرة الناتجة عن انتشار قاع البحر، والأكثر شهرة هي تلك الموجودة على الأرض على هوامش الصفائح التكتونية.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/صدع_تحويلي

[7]  - ”ظهر المحيط أو أعراف منتصف المحيط «بالإنجليزية: Mid-Oceanic Ridges» ‏ أو حافة وسط المحيط وتعرف أحياناً بحيود منتصف المحيط وهي عبارة عن سلسلة جبال مرتفعة في قاع المحيط وفي منتصفه وتمتد بطوله وترتفع حوالي ثلاثة كيلومترات عن قاع المحيط ويصل عرضها إلى أكثر من 2000 كم. كما يوجد الوادي المتصدع «بالإنجليزية: Rift Valley» ‏ نتيجة تأثير قوى شد أفقية عمودية على محور الحيد التي تتسبب في حدوث الزلازل عن مركز الحيد وبطوله..“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/ظهر_المحيط

المصدر الرئيس

https://www.geomar.de/en/news/article/das-rote-meer-kein-baby-ozean-mehr