آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:34 م

بيت جدي - جدِّي يتكلم معي عن النِّساء والحبّ والزَّواج!

المهندس هلال حسن الوحيد *

وكأنهم ولدوا يومَ أمس، لكن هاهم الأحفاد يكبرون وتخطّ شواربهم فوقَ وجوههم الوسيمة. خشنت أصواتهم وبدت بعضُ الشّعيرات في أذقانهم، فهل حانَ وقت تعريفهم ببعض أمورِ الرِّجال، ومنها النِّساء والحبّ والزَّواج؟

لا تفهمني خطأً، فليست هذه دعوة لقلَّة الحياء والصَّراحة الفاحشة. بل هي دعوة لمعرفة أين يضع أحفادنا أقدامهم، على الوردِ أم على الشَّوك؟ كل هذه الأشياء ليس فيها قانون يتَّبع، لهذا المعرفة أفضل من الجهل قبل الوقوع في شباكِ وشراك الشَّياطين والعلاقات المحرَّمة، ومن لا يصدِّق فليَكشف الغطاءَ قليلًا وينظر، ياما تحت السَّواهي دواهي!

أنا جئت من جيلٍ يعتبر هذا الحديث سرًّا من الأسرار متكتَّمٌ عليه ولا يذاع، وكأنه يُوحى للصبيّ والصبيَّة ساعةَ البلوغ بما عليهم أن يفعلوا، فلا حديث عن حبّ ولا علاقات غرام، ونعم للزواج المبكِّر!

يخجل الأب وتخجل الأمّ من الكلام الصَّريح، فأنا الجدّ هو ذاك الرَّجل الذي يستطيع أن يعلق الجرس ويكسر حواجزَ الصَّمت دون أن يكسر قواعدَ الحياءِ والاحترام. ولماذا لا؟ فهكذا تعلمنا الغسلَ والطَّهارة - وأكثر - من ”الشِّيبان“ في المجالس لأن آباءنا خجلوا واستحوا من تعليمنا!

من المؤكد اليوم أنَّ هذا الحديث إن لم أقله أنا لأحفادي سوف يقوله ويحكيه غيري. وبما أنني لست ضامنًا ماذا يرون ويسمعون من غيري، فلماذا لا أحكي لهم ما أراه مناسبًا لأعمَارهم وثقافتهم؟ لم يكن في وقتي نساء يدرسنَ مع الرِّجال في الجامعة، وما كنَّ - النساء - معنا من قبل في العملِ والسّوق وجنبًا الى جنب في السَّيارة، أفلا يستحق أن يواكب هذا التغيير تثقيفًا وتعليمًا يليق بالصِّغار من الأسرة قبلَ غيرها؟!

جيلي أنا الجدّ كانت فيه مشاكل، وهذا الجيل فيه مشاكل - أكبر أو أصغر - وكم تمنيت أن يكون موجودًا حين كبرت من يأخذ بيدي ويحدثني عن أشواكِ ومطبَّات الطريق ويعرفني اتجاه هبوب الرِّيح كي أتَّقيها، فلم لا أكون أنا ذاكَ الذي يتمنَّاه أحفادي؟!


أفكار هذه الحلقات تحت عنوان ”بيت جدِّي“ أعانني فيها أحفادي - على الخصوص أياد ومحمد - بأفكارهم عن صراعِ الأجيال بين الماضي والحاضر وصعوبة ومخاطر الانتقال من جيلٍ لآخر. كنَّا كلَّ يوم نطرق شأنًا من شؤونِ الحياة في رحلتنا نحو الحقلِ الصَّغير بين السَّاعة الرَّابعة والسَّادسة فجرًا من ليالي شهر رمضان المبارك 1442 هجريَّة.


 

مستشار أعلى هندسة بترول