آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

حديث الروح «3»

ياسين آل خليل

مصطلح ”السلام الداخلي“، هو قدرة الفرد على الإستمتاع بكل لحظة والتفكير بعفوية دون الرجوع إلى مخاوف ملتصقة بخبرات الماضي والتأثر بأحكام الآخرين أو أفعالهم. السلام الداخلي يحمل الكثير من المعاني في حياة كل فرد..؟ أن تكون في حالة من التوازن العقلي والعاطفي، وأن تغمرك السعادة والطمانينة، لأمرٌ في غاية الاهمية، حيث أنك وصلت إلى مرحلة متقدمة من ضبط النفس جعلتك قادرًا على التخلص من مخاوفك وهمومك، ولم يعد للتوتر والأفكار السلبية وعدم الرضا سبيلًا للتسلل إلى داخلك..!

قد يجهل معظم الناس معنى الثراء الحقيقي، فَيَنفروا آحادًا وجماعات لهدف قد يحقق لهم السعادة التي أضاعوها. وهل هناك من هدف يشغل الناس هذه الأيام أكثر إغراءً من السيولة النقدية والأصول من أراضي ومباني أو معادن ثمينة كالذهب والألماس..! ماذا عن راحة البال ألا تعتقد أنها تفوق في قيمتها المعنوية جميع ما يمتلكه الناس من ثروات، أو أن لك رأي آخر..؟ دائمًا وأبدا، إذا كان حصولك على شيءٍ، يكلفك سلامك الداخلي، فاعلم أن كفة الرهان لا تميل في صالحك وأنك خاسر بكل المقاييس..!

أحد الفلاسفة الصينيين يقول ”من الأفضل أن تنتصر على ذاتك، بدلًا من الفوز بآلاف المعارك. عندها، سيكون النصر لك، ولا يمكن لأحد أن ينتزعه منك“. وفي مقولة أخرى لنفس الفيلسوف يقول فيها ”لا تندم أبدًا على كونك شخصًا طيبًا للأشخاص الخطأ. سلوكك يقول كل شيءٍ عنك، وسلوكهم يقول ما يكفي عنهم“.

هناك أشياء علينا أن نتعلمها ولو بات الوقت يمر بنا سريعا ودون أن نشعر. نحن نعلم أن الناس ليسوا جميعا يحملون أنفسا طيبة وراقية. عندما يصيبك شعور بأن شخصًا لئيما أو وقحًا يحاول استفزازك فلا تعره انتباهًا، وعندما يحاول أحدهم احباطك والتقليل من قيمتك، كن واثقا، شديدًا وحازمًا، ولا تعطي ذلك الشخص فرصة لأن ينال منك ويدمر طمأنينتك وسلامك الداخلي، الذي لا يعادله شيء في الدنيا.

«السلام الداخلي استحقاقٌ مشروع لكل فرد، إلا أن الناس بتصرفاتهم الغير مسئولة وعدم احترامهم لذواتهم، تراهم يلتصقون بكل ما يعكر صفو ذلك السلام. وبعلم أو دون علم يُصرُون على مواقفهم وإن وصل الضرر بهم إلى حد المرض، وهذا يُعتبر قمة الظلم للنفس البشرية وجلدٌ للذات دون ذنب أو خطيئة قد اقترفته.» هذا مقطع من مقالة ”سلامنا الداخلي“.

مقطع آخر مقتبس من نفس المقالة «قد ينتابك الذهول والاستغراب من استهداف الآخرين لطمْأنينتك وسلامك، لكن هذا لن يغير من الأمر شيئًا إذا لم تتوفر لديك الإرادة الصلبة والعزيمة لفك رموز تلك المعضلة ورسم الحلول والاستراتيجيات الكفيلة بوضع حد لذلك التردي والانحدار في التعاملات. هذا من شأنه أن يُرسّخ أطر المحبة والسلام في جميع زوايا وأطناب حياتك وأن تبدأ بنفسك أولًا.» يمكنك قراءة المقالة كاملة على هذا الرابط إن أحببت: https://jhna.co/39832

جميعنا نرى كيف أن العالم بأسره انقلب رأسًا على عقب، ولم تعد حياتنا هي تلك التي كنا نعرفها. التباعد الإجتماعي الذي فرضه كَوفيد-19 على المجتمعات، زاد من هوة التباعد، تبعه تداع في القيم التقليدية جراء تدهور اقتصاديات الدول، وسير الناس في عالم جديد لا يفهمونه حق الفهم. هذه الحزمة من التداعيات أدخلت الناس في متاهات وأزمات لم تألفها من قبل. هذا وغيره يدعونا الى أن نركز أكثر على تحصين أنفسنا من الداخل والعودة إلى سيرتنا الاولى، عسى أن نكون أكثر توازنًا ونضجًا ورَويّة وراحة بال..!

عندما يحتويك السلام الداخلي، فإنك لا تعير انتباهً لما يقوله الناس أو يعتقدونه عنك. سلامك الداخلي يعمل بمثابة الحصانة التي تحميك من أن تتأثر بالمشاكل والأحداث التي تجري من حولك. هدوئك العقلي يجعلك في حالة من الإتزان الداخلي الذي يساعدك في اتخاذ القرارات السليمة والحكم على الأشياء برزانة ووضوح وعقلانية. عندما تغمرك الطمأنينة والسلام تشعر أنك أقوى من أي وقت مضى، وأن لديك القدرة واللياقة على التصدي وتحمل المزيد من الضغوط الحياتية والتعامل معها بكفاءة عالية واقتدار.