آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

البلاء قانون قدريّ!

ليلى الزاهر *

ذاق الإمام موسى بن جعفر مرّ الآلام وتجرع غصصَ الموت في سجن هارون الرشيد والتاريخ يرسم لنا صورة الإمام وهو يُنقل من حبسٍ لآخر وقد أفنى التعب جسده وأصبح وهو ساجد لربه كثوب مطروح على الأرض، لقد تحمّل مرارة كأس البلاء إلى حد الثمالة، فالتسليم لأمر الله كان أحد قواعد عقيدته القدريّة.

إننا في زمن ضاقت فيه صدورنا حزنًا وتشوّهت فيه معالم الأفراح، وأضحى مبسمنا يتقلب بين «عظمالله أجوركم» وبين «البقاء لله» لكننا نُدرك أن لقاء الله يحمل للمؤمن الراحة من عناء الدنيا، ويكتب لنا الأجر والثواب عندما نصافح الصبر تسليما بأقدار الله تعالى.

‏إنّ الموتَ حاصد لايعرف القيلولة فبعضهم يخرج من منزله دون عودة، وبعضهم يتعلق بأستار الأمل في عودة من يُحب سليما معافى وبين هذا وذاك بتُّ أهرب من مشاهد الرحيل وتذوب أناملي من لحظات الوداع.

أتعلم أيّها الموت أنني أنفقتُ الكثير من الألم حول رحيلها لأنني أبصرتُك وأنت تسلخها من أحضان بناتها وأولادها؟!

لقد رحلتْ نضارة أيامهم.

إننا في أوقات حرجة لكثرة عواصف الموت التي اجتاحت حياتنا ولكن لن يغيب عن عقولنا أن «البقاء لله» تعني أن خطواتك محسوبة، ونبضك معدود، وأيامك لابد أن تنفد ساعة ما. فعش حياتك بصدق، وأزهر وإن جافاك النوم، مازلتَ على قيد الأمل، قيد العطاء، استبشر خيرًا بقضاء الله وقدره، مازال لعمرك بقية وإن ترصدتك المنون.

إننا في كلّ يوم نشعر بسحْر الحياة مادام برفقتنا أحباب، يتقاسمون معنا الحزن والفرح، ويُفسرون حروف الألم حرفًا حرفًا؛ إنهم رُسل الله لنا يحملون لنا وشاح الرحمة الإلهية.

إنّ رحمة الله تعالى بنا مثل ظلّ شجرةٍ نستظلّ تحتها من عناء الحياة، وكذلك هم رفقة الحياة وأحبابنا الذين يتسللون من ثغور الألم ويشطبون الأسى من قلوبنا، ويُخففون آثار أحكام المنايا.

كما يقول الشاعر:

‏حُكم المنية في البريّة جارٍ

‏ماهذه الدنيا بدار قرارِ

‏رحم الله أموات جميع المؤمنين والمؤمنات في شتى بقاع الأرض.