آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

الجامعات وضرورة تحديث أنظمة القبول والتسجيل

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

الأسبوع المنصرم، كنت في حديث مع صديق عزيز، أسأله عن ابنه وإذا ما لقي قبولاً في إحدى الجامعات السعودية.

بعد أن سرد لي شيئا من جهود الابن والعائلة التي جاءت خواتيمها سعيدة، تحدث لي بمزيد من التقدير والاحترام عن عميد القبول والتسجيل ب ”جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل“ بمدينة الدمام، والانطباع الإيجابي الذي خرج به بعد مقابلته.

القصة ببساطة، أن الأب تقدم بخطاب شرح فيه المؤهلات العلمية لابنه، ورغبته في الحصول على مقعد جامعي، وتم التواصل مع ”العميد“ الذي لم يكن متكبراً أو صلفاً أو مغلقاً بابه أمام المراجعين، بل على العكس من ذلك، ساعد الطالب وفق الأنظمة والقوانين، ومنحه الفرصة التي يستحقها، دون أن يسلبها من شخص آخر، وفي ذات الوقت جعل من منصبه بوابة لتحقيق طموحات الشباب السعودي، لا كرسياً للفخر والوجاهة الزائفة!

إن إعمال ”روح القانون“ والتعامل الواعي مع عائلات الطالبات والطلاب، وتفهم رغباتهم العارمة في إيجاد أرضية علمية صلبة يبدأ من خلالها الأبناء مستقبلهم الأكاديمي، والمساعدة في دفع هذه الخطوات نحو الأمام، بما لا يُخل بالنظام الجامعي، هو ما على عمادات القبول والتسجيل في الأكاديميات المختلفة في السعودية العمل عليه.

الطالبات والطلاب في مرحلة الثانوية العامة يقع عليهم ضغط كبير جدا، من العائلة والأصدقاء والمعلمين والبيئة المحيطة، وهو حملٌ ثقيل أكبر من قدرتهم على الاحتمال، خصوصاً مع وجود التنافس العالي بين خريجي الثانويات، ومحدودية المقاعد الجامعية والابتعاث الخارجي، رغم وجود فرص متاحة حتى الساعة للدراسة في جامعات مرموقة خارج المملكة، إلا أن الوصول إليها ليس بالأمر المتحقق للجميع، بسبب تفاوت القدرات.

من هنا، هذه الأجواء الضاغطة، قد تجعل البعض يتراجع في مستواه الدراسي، رغم امتلاكهم كل مؤهلات الذكاء والقدرة على التطور، وقد يتأخر البعض بنسبٍ بسيطة جداً عن النسب المطلوبة، ما يدفع بهم للوقوف في طابور طويل جداً من الانتظار الذي قد ينهكهم ويجعلهم يفقدون سنة من أعمارهم!

وعليه، يجب أن تكون الأنظمة التي تضعها عمادات القبول والتسجيل مراعية لجميع هذه الظروف البشرية الطبيعية، لأن هؤلاء الطلبة هم أفراد من قوة وضعف، يتعرضون لمختلف التقلبات في الحياة، ولا يجوز أن يُحرم بعضهم من فرصة في صناعة مستقبل علمي جدير به، بسبب فترة وهنٍ مر بها، إلا في حال كان هو مستهتراً أو بالفعل غير مؤهل علمياً؛ وحتى غير المؤهل يجب العمل على مساعدته وإعادة تأهيله وتدريبه في معاهد وكليات محددة!

في ذات السياق، وعلى الضفة الأخرى، هنالك من يصارعُ الموج دون أن يغرق، ويحقق نسباً عالية، إلا أن بعض اشتراطات القبول العتيقة، أو غير المنطقية، أو التي لا تتواكب و”رؤية السعودية 2030“، تدفع بهؤلاء الطلاب خارج المركب الأكاديمي، ما يصيبهم بالإحباط والاكتئاب، والبعض قد يذهب في طرقٍ ملتوية أو يتبنى رؤية سوداوية أو عنيفة غاضبة تجاه المجتمع، لأنه فقد فرصته في تحقيق حلمه الذي من حقه أن يسعى للحصول عليه؛ ولذا، يجب التنبه إلى المفاعيل السلبية الخطرة اجتماعياً ونفسياً التي تنشأ نتيجة هذه التشريعات ”غير العادلة“.

الأنظمة ليست قواعد متخشبة، وليست مقولات مقدسة، ولا هي أسسٌ لا يجوز أن تُمس، بل على المشرعين في الجامعات مراجعة القوانين والتحقق من حداثتها ومدى ملاءمتها للمتغيرات في المجتمع وسوق العمل، وإذا ما كانت تحقق مبدأ ”تكافؤ الفرص“ أم لا، لمعالجة أي خلل.

الجمود يعني الموات، والتطوير في الأنظمة سينعكس إيجابيا على مستوى التعليم، وهو ما تحتاجه كثير من الجامعات لتكون على نفس المستوى من الطموح الذي تبتغيه القيادة في المملكة، بأن تصبح هذه الصروح الأكاديمية بيئات عالية الكفاءة، ومستقطبة للمواهب، وداعمة لعملية التحديث والإصلاح التي تشهدها السعودية.