آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

المرحوم أبو زكي الخلف... الإنسان المبارك

رضي منصور العسيف *

رأيته في أحد المتاجر الغذائية...
رجل يجلس على الكرسي المتحرك... تدفعه إحدى السيدات...
دققت النظر...
هل هذا هو الأستاذ أبو زكي خلف؟!
تقدمت وسلمت عليه... كيف حالك أبو زكي...
أجابني بصوت منخفض... حياك الله...
سألته هل عرفتني؟!
نظر إلي وأجابني: نعم أنت... رضي
من شدة فرحتي صرخت بصوت عال... أحسنت...
وصرت أتحدث إليه وأدعو له بالصحة والعافية...
ودعته وكنت سعيداً بهذا اللقاء...
كانت هذه الحادثة قبل وفاته بشهر تقريباً...

نعم هو المرحوم المعلم والمربي الفاضل الحاج محمد منصور آل خلف الذي عرفته منطقة الشويكة بأبي زكي خلف الذي رحل عن هذه الدنيا في يوم الثلاثاء 2 محرم 1443 ه

في هذه المقالة المتخصرة سأتحدث عن بعض الصفات والأخلاقيات الحميدة التي رأيتها في المرحوم:

الإنسان النافع

لم يكن المرحوم أبو زكي شخصية عادية، بل كان صاحب بصمة في مجتمعه، كانت له بركات في مجتمعه، فهو الإنسان النافع كما ورد الإمام الصادق - في قوله تعالى: «وجعلني مباركا أينما كنت» قال: نفاعا [1] .

«نافعا» يخلق له بصمة خير أينما اتجه، يبادر بعمل الخير ويباركه ويدعمه أيضاً.

«نافعا» تفوح منه رائحة الحب لمجتمعه، تفوح منه رائحة الخير لمجتمعه.

عمل بلا ضجيج

قال الإمام علي - في وصف المتقين -: إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته. وعنه - في صفة المؤمن -: كثير صمته، مشغول وقته [2] .

المرحوم أبا زكي كان يعمل بصمت شديد وشديد «لا تسمع له همساً»

صمت التخطيط والإنتاج.
صمت تحمل المسئولية.
صمت الشجاعة في التوجيه والتحفيز لعمل الخير.

جليس الخير

روي عن الإمام علي أنه قال: ”جليس الخير نعمة“ [3] .

إن مجالسة المرحوم أبا زكي كانت:

مجالسة الحلماء التي تزيد الإنسان حلما، وهي مجالسة الحكماء، لما فيها من حياة للعقول، وشفاء للنفوس.

نعم عندما تجلس مع المرحوم فأنت تجلس مجالسة الأبرار الذين إذا فعلت خيرا حمدوك، وإن أخطأت لم يعنفوك.

هنيئاً لمن كانت له جلسات مع المرحوم ومنه تعلم تلك الصفات الحميدة.

ديوانية الخير

قال الإمام علي : فعل الخير ذخيرة باقية وثمرة زاكية. وعنه : عليكم بأعمال الخير فتبادروها، ولا يكن غيركم أحق بها منكم [4] .

كانت ديوانية المرحوم أبا زكي ديوانية فاعلة، منتجة.

كانت ديوانية خيرية لا يصدر منها إلا كل نافع ومفيد للمجتمع.

وبحق أقول: أن ديوانية المرحوم أبو زكي كانت ضمير المجتمع، تفكر في مشاكله، تتابع أخباره، تسعى جاهدة لسد الثغرات، وتقدم الإعانات والمساعدات بمختلف مسمياتها، «مساعدات رمضانية، صدقات، مساعدة زواج» [5] .

العامل المخلص

قال الإمام الصادق : العمل الخالص: الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل [6] .

أقامت لجنة التكريم بمنطقة الشويكة حفلاً تكريمياً للجنة الصندوق الخيري بالشويكة، وتحدث أحد الأعضاء مع المرحوم أبو زكي وطلب منه الحضور للتكريم إلا أن المرحوم رفض وقال: نحن لم نعمل هذه الاعمال لكي يكرمنا الناس... نحن ننتظر التكريم من رب العالمين.. فكان نموذجاً مطبقاً لقوله تعالى: ”إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا“ سورة الإنسان آية [9] 

المحب لأهل البيت

قال رسول الله ﷺ: ”حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا“ [7] 

كان شديد الحرص لحضور مجالس أهل البيت حتى آخر حياته... كان يحضر الحسينية... يخطو خطوات ثقيلة... يتقدم خطوة خطوة... حتى يدخل الحسينية... يجلس ويستمع..

كما كان مواظباً على زيارة مراقد أهل البيت ومنهم السيدة زينب وقد التقيت به في إحدى الزيارات للسيدة زينب ورأيت منه تلك الاخلاقيات وذلك الترحيب الجميل.

أحبه الناس

قال الإمام علي : ثلاث يوجبن المحبة: حسن الخلق، وحسن الرفق، والتواضع.

وقال الإمام الباقر : ”البشر الحسن وطلاقة الوجه مكسبة للمحبة وقربة من الله“ [8] 

هذه هي بعض الأخلاقيات تتجلى في شخصية المرحوم، ولهذا أحبه الناس جميعاً، ولولا ظروف جائحة كورونا لرأينا ذلك التشييع المهيب ولراينا مجلس الفاتحة المزدحم بمحبيه.

رحمه الله رحمة الأبرار وحشره الله من النبي محمد وآهله الأطهار.

[1]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 256
[2]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 2 - الصفحة 1666
[3]  ميزان الحكمة 2:60، [4]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 838
[5]  يمكن الرجوع لمقال الأستاذ عبد الإله التاروتي بعنوان: أبو زكي الخلف..المعلم الذي أسس صندوق الشويكة واقدم الديوانيات.
[6]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 758
[7]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 158
[8]  ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 496
كاتب وأخصائي تغذية- القطيف