آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

قانون وقانون آخر

ليلى الزاهر *

نعرف جيدا أن القانون تهذيب للقيم الأخلاقية للشعوب وهو معيار الحرية وحارسها. ويختلف ذلك المعيار عند قياس العلاقات الاجتماعية والأسرية التي تضبطها العواطف وتحيا بالمشاعر؛ فلا قانون يعاقب المخالفات الإنسانية مثلما يعاقب المخالفات المرورية، ولا يوجد قانون يجرّم وضع الأم في دار المسنين في حال كون أولادها بخير، وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية لا بأس بها، ولا سلطة لقانون على زوج يعامل زوجته بدونيّة قاهرة ويؤذي مشاعرها بين الحين والآخر، لا يرقبه إلا الله تعالى.

وقيمة القانون ليس لأنه قانون في حد ذاته بل لأنه مؤسسة متكاملة تُعطي كلّ ذي حق حقه.

وإذا كان القانون عاجزا عن احتواء القضايا الإنسانية المتعلقة بالضمير الإنسانيّ فلن تُصبح الحياة ورقة رابحة للجميع بل سوف تضيع قيمتها؛ غير أن الأمل الذي يمنحه الله تعالى للإنسان يستند على أعظم قانون سماوي شرعه الله تعالى.

وماتلك الساعات المفرحة التي يقضيها المؤمن بعد مرارة الألم سوى قانون إلهي اقتصّ من بعض الناس دون حضورهم لمحاكم قضائية.

وعلى نحو ملموس فإننا نرى من يستر أخيه ولا يبالغ بفضح عيوبه أمام الآخرين يُلقي الله تعالى عليه رداء الستر في الدنيا والآخرة، وحسب قانون الله تعالى فإن الظالم سوف يبكي ماجنت يداه إذا دارت عليه الدوائر يقول الله تعالى:

﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «سورة النمل، آية 52»

من جهة أخرى يحذرنا الله تعالى من القسوة ويُشيد بالرحمة بين الناس وخاصة لمن هم تحت أيدينا مصداقًا لقوله ﷺ: «ما نزعت الرحمة إلّا من شقي» وبحسب قانون الله تعالى لا يرحم الله من لايرحم الناس.

وحقيقة الأمر أن الضمائر الخبيثة الهاربة من القانون الإنساني تجد القانون الإلهي بالمرصاد يقف دونها، ويمكر بها والله خير الماكرين.

يقول المفكر سوفو كليس:

«إن قوانين الطبيعة قائمة على الحق والعدل، أما قوانين الإنسان فقائمة على الخداع والظلم»

وكثيرة هي القضايا التي كلفني أصحابها بكتابة أحداثها التي تحكي ضياع الحقوق وظلم الإنسان لأخيه الإنسان والذي امتدّ لسنوات طويلة وانتهى بطرق إعجازية مهّدها القصاص الإلهي بقانون لا يحيد عن العدل ولا يحابي أحدًا فظلّ قلمي عاجزًا عن تفسير مجرياتها وتفاصيلها، ختاما بنهايتها.

جميل أن يُحصّن الإنسان نفسه بالعدل مع نفسه ومع الآخرين فعندما يُشرق سيف العدل لن يعرف طريق غمده.