آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

التواصل بالعين يشير إلى منعطف جديد في الحوار

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم ليديا دنورث

21 سبتمبر 2021

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم : 267 لسنة 2021

Making Eye Contact Signals a New Turn in a Conversation

Lydia Denworth

September 21,2021

كشف علماء الأعصاب عن براعة مثيرة للاهتمام في كيف نتواصل مع بعضنا - أي عندما لا نكون على منصة زووم Zoom.


ماذا وُجد في ثنايا الحديث / الحوار [بين شخصين] الجيد؟ من المؤكد أن التلفظ بكلمات شيء صحيح - كلما كان ذلك أكثر جاذبية، كان ذلك أفضل. لكن الحديث / الحوار ينطوي أيضًا على التواصل بالعين / الاتصال بالعين / التقاء العيون [وهي عندما تلتقي عينا المتحاورين ببعضهما، eye contact] والابتسامات والصمت بين الكلمات"، كما كتبت المؤلفة السويدية أنيكا ثار Annika Thor، عندما تتناغم هذه العناصر معًا، نشعر بحوار هو الأكثر عمقًا مع شريكنا في الحديث والأكثر ارتباطًا به، كما لو كنا في حالة تزامن معه.

مثل المتحدثين / المتحورين الجيدين، أخذ باحثو علم الأعصاب في كلية دارتموث Dartmouth هذه الفكرة ونقلوها إلى أماكن جديدة. كجزء من سلسلة من دراسات في كيف يلتقي عقلان في الحياة الواقعية، أفاد الباحثون عن نتائج مذهلة عن التأثير المتبادل بين التواصل البصري «التواصل بالعين» وتزامن النشاط العصبي بين شخصين أثناء الحديث / الحوار بينهما. في ورقة بحثية نُشرت في 14 سبتمبر 2021 في وقائع الأكاديمية الطبيعية للعلوم في إمريكا Proceedings of the Natural Academy of Sciences USA «انظر [1] »، افاد الباحثون أن الانسجام مع [الانتباه ل] من تتحدث / نتحاور معه أمر جيد، لكن المراوحة بين التواصل بالعينين وانقطاعه قد يكون أفضل[1] .

لطالما كان يُنظر إلى التواصل بالعين على أنه بمثابة غراء لاصق، يربط شخصًا بشخص يتحدث / يتحاور معه. غياب التواصل بالعين يمكن أن يعني أن هناك خللًا اجتماعيًا. وبالمثل، الدراسات المتنامية للتزامن العصبي ركزت على الجوانب الإيجابية لتناغم النشاط الدماغي بين الأشخاص المتحدثين / المتحاورين.

في الدراسة الجديدة، باستخدام اتساع حدقة العين كمقياس للتزامن أثناء حديث / حوار غير منظم «ارتجالي»، وجدت باحثة علم النفس ثاليا ويتلي Thalia Wheatley وطالبة الدراسات العليا صوفي وولتجن Sophie Wohltjen أن لحظة التواصل بالعين تمثل ذروة الانتباه «الاهتمام» المشترك - وليست بداية فترة مستدامة من اطالة نظرات بين المتحدثيَنِ / المتحاورين. في الواقع، ينخفض التزامن بشكل حاد بعد النظر في عيني المحاور المقابل ويبدأ في العودة إلى النشاط فقط عندما لا ينظر كلا المتحاورين في عيني أحدهما. "التواصل بالعين لا يبعث على التزامن؛ بل يعرقله. تقول ويتلي، كبيرة مؤلفي الورقة.


رسم رسم كاريكاتوري يوضح كيف تتزامن حالة واحدة من حالات الاتصال بالعين مع تزامن اتساع حدقة العين. قبل التواصل بالعين، يزيد تزامن الاتساع الحدقي حتى يصل إلى ذروته عند بداية الاتصال العين. بمواصلة الاتصال بالعين، ينخفض التزامن حتى يبلغ الحد الأدنى منه حين ينقطع الاتصال بالعين. المصدر: صوفي وولتجن.

لماذا يكون الأمر هكذا؟ يتطلب الحديث / الحوار مع الآخرين مستوى معينًا من التزامن، لكن ويتلي ومؤلفة الدراسة الرئيسة وولتجن يتكهنان بأن قطع التواصل بالعين يدفع الحديث في النهاية إلى الأمام. ”ربما ما يقوم به هذا السلوك هو السماح لنا بقطع التزامن والعودة إلى أدمغتنا حتى نتمكن من تقديم أفكار جديدة وفريدة للحفاظ على استمرار الحديث،“ كما تقول فولتجن.

يقول الطبيب النفسي وباحث علم الأعصاب الاجتماعي ليونارد شيلباخ Leonhard Schilbach من معهد ماكس بلانك للطب النفسي في ميونيخ، الذي يدرس التفاعل الاجتماعي ولكنه لم يشارك في البحث: ”هذه دراسة رائعة“. وأثنى على تصميم التجربة لتكرار لقاءات الحوارات الطبيعية بين الأشخاص والتركيز على الحديث / الحوار الحر «الطبيعية / الارتجالية، غير المتكلفة». تفيد النتائج، كما يقول، إلى أن ”التزامن بين الأشخاص «شخصين» هو جانب مهم من التفاعلات الاجتماعية ولكنه قد لا يكون دائمًا مرغوبًا فيه.“

آخرون في هذا المجال استرعت اهتمامهم طريقة التفكير الإبداعية للباحثين عن الحديث / الحوار بين الأشخاص، والتي وصفت في الورقة البحثية المنشورة بأنها بمثابة ”منصة تلتقي فيها العقول“. ”مثل هذا الإطار المفاهيمي قد يلهم باحثين آخرين للتفكير في الحديث / الحوار بشكل مختلف ودراسته بعمق أكبر،“ كما تقول جوليانا شرودر، باحثة في علم النفس الاجتماعي في كلية هاس Haas للأعمال في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، والتي لم تشارك أيضًا في البحث.

البحث الجديد بنى على دراسة سابقة أجرتها ويتلي وباحثة علم النفس أوليڤيا كانغ Olivia Kang، التي تعمل حاليًا في جامعة هارفارد، واللتان أثبتتا أن تزامن الاتساع في حدقتي المتحاورين يعمل كمقياس للانتباه المشترك[2] . حدقاتنا تكبر وتصغر كاستجابة انعكاسية للتغيرات في الضوء ولكن أيضًا، بدرجة أقل، عندما نكون مستثاربن فسيولوجيًا. قامت كانغ وويتلي بتتبع حركات العين في المتحدثين / المتحاورين أثناء سردهم ذكريات إيجابية أو سلبية عن حياتهم. ثم قام الباحثون بتتبع حركات أعين الأشخاص الذين يستمعون إلى نفس السرديات في وقت لاحق. ووجدوا أن اتساع حدقة المستمعين متزامن مع اتساع حدقات المتحدثين / المتكلمين عندما كانت هناك ارتفاع في المستويات العاطفية «المشاعرية» في السرديات. ”نعلم أن هذا كان علامة على أن هناك انسجامًا وتوافقًا بين الناس بعضهم بعضا“ كما تقول ويتلي.

بالنسبة للورقة البحثية الحالية، أرادت وولتجن توسيع نطاق تلك النتائج السابقة بدراسة الحديث الجاري وجهًا لوجه بين متحاورين لمعرفة كيف يمكن أن يؤثر التواصل البصري «التواصل بالعين» على الاهتمام / الانتباه المشترك في الوقت الفعلي. قامت بوضع 186 طالبًا في علم النفس في كلية دارتموث، جميعهم أقرباء غرباء relative strangers «علاقة سببية تتولد بين اثنين،[3] ، في حديث بين مجموعات متكونة من شخصين وطلبت منهم التحدث لمدة 10 دقائق عن أي شيء يريدونه بينما كانت تتعقب حركات أعينهم. شاهد المشاركون أيضًا مقاطع فيديو مسجلة لحديثهم الآنف وقاموا بتقييم مستوى انهماكهم / انخراطهم في الحديث الذي يتذكرونه دقيقة بدقيقة.

”لقد توقعنا أن يعمل التواصل بالعين كصاعق كهربي «في الأصل كانت عصا صاعقة يستخدمها رعاة الماشية لإدارة مواشيهم، انظر[4] » لإعادة شخصين إلى التوافق والانسجام“ كما تقول وولتجن. إذا كان الأمر كذلك، كان من المفترض أن يؤدي بداية التواصل بالعين إلى زيادة لاحقة في تزامن اتساع الحدقات. ولكن، ما وجده الباحثون كان العكس: ذروة التزامن في بداية التواصل بالعين يتبعها انخفاض في التزامن. لكنهم وجدوا أيضًا أن المشاركين أفادوا بأنهم أكثر انخراطًا في الحديث عندما كانوا يتواصلون بالعين. ”اعتقدنا،“ ربما يلزم من ذلك أن التواصل بالعين وانقطاعه يؤدي إلى فعل شيء ما يساعد على الاستمرار في الحديث / الحوار " كما قالت وولتجن.

الدراسات السابقة بخصوص التواصل بالعين كانت خاملة passive [- المترجم: جرت بشكل طبيعي / ارتجالي وبدون تدخل الباحث] بشكل عام، كما في البحث السابق الذي أجرته ويتلي وكانغ. تصميم التجربة في الحياة الحقيقية «على أرض الواقع» الذي قامت به وولتجن كان بمثابة تذكير بأن معظم الأشخاص ينظرون بشكل طبيعي إلى بعضهم البعض ويقطعون نظرهم عن بعضهم البعض عدة مرات أثناء الحديث / الحوار. قد يبدو اطالة امرء ما نظره لشخص ما اثناء الحديث معه - أو عدم نظره اليه على الإطلاق - أمرًا غير مناسب «محرجًا». كما تأمل الباحثون أكثر فيما يمكن أن يفعله التواصل بالعين لنا، التفتوا إلى الأبحاث المنشورة المتعلقة بالإبداع. هناك أدركوا قيود الافراط في التزامن. ”إذا كان الناس يحاولون الابتكار بطريقة ما، فلا تريدهم أشخاصًا متقاربين في التفكير مع بعضهم بعض،“ كما تقول ويتلي.. ”تريد أن يقول الناس،“ ماذا لو فعلنا هذا؟ ماذا لو فعلنا ذاك؟ ”أنت بحاجة إلى أن يقدم هؤلاد رؤاهم المستقلة عن بعضهم «الفريدة» ويبنون عليها بهذه الطريقة.“

فكرة أن نظرة العين «التواصل بالعين» يمكن استخدامها لتعديل التزامن أثارت فضول الباحثين الآخرين. ”قد تكون المقاربة التجريبية الأنيقة [في هذه الورقة] مفيدًا لدراسة الحالات النفسية كميًّا، والتي قد تُوصف بأنها“ اضطرابات في التفاعل الاجتماعي، " كما قال شيلباخ Schilbach، الذي درس التحديق بالعين وعناصر أخرى من عناصر التفاعل الاجتماعي في التوحد.

تساعد النتائج أيضًا في تفسير الإحباط الذي تعاني منه منصة Zoom ومنصات مؤتمرات الفيديو الأخرى، والتي يكاد يكون من المستحيل إجراء تواصل حقيقي بالعين - أو قطع ذلك التواصل - وذلك بسبب وضع الكاميرات ونوافذ الأشخاص على الشاشة. «أثارت الورقة بعد نشرها مناقشة حية لهذه الظاهرة فقط على تويتر.»

يمكن أن تتخيل ويتلي دراسات متابعة تبحث في مجموعة متنوعة من سياقات الحوارات. كيف تلعب المعاورة الديناميكية بين إحداث التزامن وقطعه عندما يقوم أحد الوالدين بإرشاد / بتوحيه / بتعليم الطفل، على سبيل المثال؟ من المفترض، في هذه الحالة، أن يأمل أحد الوالدين في الحصول على اهتمام / انتباه الطفل الكامل وبالتالي يتحقق التزامن الكامل بينهما. من ناحية أخرى، ربما تساعد الدراسة في تفسير لماذا غالبًا ما تفضي السفرات الطويلة بالسيارة، والتي لا ينظر فيها الركاب إلى بعضهم البعض طوال الوقت، في النهاية إلى حديث / حوار معمق [حيث ينفتح كل واحد منهم على الآخر ويتحدثون عن كل شيئ في حياتهم وقد تقربهم أكثر الى بعضهم.

”قد تكون هناك نقطة قوة مثالية في الاقتران وقطع الاقتران في التواصل بالعين هذا - حيث يستمع الناس بالفعل لبعضهم البعض، لكنهم أيضًا يرفدون الحوار بأفكار جديدة“. ”قد يكون هذا الحديث. / الحوار أكثر متعة،“ كما تقول ويتلي.