آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 6:02 م

التوحد: طيف في طريقه إلى التقسيم

عدنان أحمد الحاجي *

13 سبتمبر 2021

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم: 263 لسنة 2021

Autism: a spectrum on the path to segmentation

13 September 2021

التوحد هو اضطراب متعدد الأوجه لا يمكن تحديده بعَرَضٍ واحدٍ أو تفسيره بسبب بيولوجي واحد. ولذلك، يشار إليه بعبارة اضطراب طيف التوحد «ASD». يعاني المشخصون باضطراب طيف التوحد من مجموعة عريضة من المشاكل، والتي يمكن وصفها عادةً باضطرابات ضعف التواصل والتفاعل الاجتماعي بالإضافة إلى السلوك المقيد والمتكرر.

في محاولة لتحسين فحص التوحد وعلاجه على المدى الطويل، يسعى الباحثون إلى اكتساب معرفة أفضل بالآليات العصبية البيولوجية المتورطة في عدم التجانس «التباين» الشديد هذا [بين المشخصين وبعضهم وفي المشخص نفسه، كما فهمناه من [1] ]، وبشكل أكثر تحديدًا أثناء تطور ونمو الدماغ وتشكيل الشبكات العصبية الكبيرة.

ماري شاير Marie Schaer برفسورة في قسم الطب النفسي بجامعة جنيڤ «UNIGE» وعضوة في المركز الوطني للاختصاص في البحوث «NCCR» في الصحة العقلية / النفسية، NCCR-Synapsy. في ورقة بحثية نُشرت في مجلة Communication Biology «انظر [2] »، أثبت البحث الذي أجري في مختبرها أن بعض حالات الدماغ الأساسية، ولا سيما دينامياتها، متضررة في الأطفال في سن ما قبل المدرسة المشخصين بالتوحد.

أداة فحص متوافقة مع الطفل

لجأ فريق البحث إلى جهاز تخطيط كهربية الدماغ «EEG» لمحاولة معرفة الضرر العصبي البيولوجي ومعرفة كيف يمكن اكتشافه في مرحلة مبكرة باستخدام مجموعة أدوات تحليل دماغ تتوافق مع أطفال صغار مشخصين بالتوحد. ”وضع غطاء مجهز بأقطاب كهربائية على رأس الأطفال الصغار“، هذا ما قالته أوريلي بوشيه Aurélie Bochet، طالبة الدكتوراه في قسم الطب النفسي بجامعة UNIGE والمؤلفة الأولى المشاركة للدراسة مع هولغر سبردين Holger Sperdin. ”إدارة هذا النوع من الفحص أسهل عمومًا من وضع الطفل للفحص، على سبيل المثال، في جهاز الرنين المغناطيسي، وهو بالنسبة له أمر مخيف ومثير للقلق بالفعل“.


طفل بغطاء رأس مجهز بأقطاب لقياس كهربية الدماغ بحهاز تخطيط كهربية الدماغ EEG

الضرر الذي يلحق بديناميات حالات الدماغ

يُظهر الدماغ أثناء الراحة الحد الأدنى من مستوى النشاط العصبي، وبالتالي يعكس وظائفه الأساسية، كالبصر «الرؤية» أو الأفكار. تُظهر الأوراق البحثية العلمية المنشورة في العلوم العصبية أن الدماغ في حالة الراحة لا يبقى في حالة واحدة، بل ينتقل «يتغير» من حالة إلى أخرى. هذه الحالات المختلفة، الحالات المكروية / الدقيقة microstates، تبقى مستقرة فقط لمدة مائة مللي ثانية [المللي ثانية الواحدة تساوي واحد على مليون من الثانية]. ديناميات هذه السلسلة من الحالات العابرة قيست من قبل باحثي علم الأعصاب لتقييم تأثيرات باثلوجيا pathology معينة في الدماغ في الشبكات العصبية الكبيرة.


طوبوغرافيات الحالات الدقيقة الخمس التي تم التعرف عليها في المجموعات الشاملة عبر جميع المشاركين في التقسيم «N = 113»، ومجموعة المشخصين ب ASD اضطرابات طيف التوحد «N = 66»، ومجموعة «TD» التي ليس لديهم توحد «N = 47».

في دراسة جامعة جنيڤ، استخدمت هذه الطريقة لتسجيل ديناميات الحالات الدماغية لـ 113 طفلًا في سن ما قبل المدرسة، أكثر من نصفهم مشخص بالتوحد. تعرف الباحثون على خمس حالات سائدة، كما توضح بوشيه Bochet: ”لقد قارنا ديناميات هذه الحالات الخمس للأطفال المشخصين بالتوحد والأطفال الذين ليس لديهم توحد «الطبيعين» وذلك بقياس ثلاثة متغيرات variables رئيسة: الفترة الزمنية للحالات وعدد المرات التي تظهر فيها وحجمها.“ إحدى الحالات الخمس التي تم التعرف عليها تظهر بشكل متكرر وتبقى لفترة أطول عند الأطفال المشخصين بالتوحد. بالإضافة إلى ذلك، الترتيب الذي تظهر به الحالات المتنوعة تختلف لدى الأطفال المشخصين بالتوحد.

أخيرًا، أثبت فريق البحث بنجاح وجود اختلافات في ديناميات حالات الدماغ حتى بين مجموعة الأطفال المشخصين بالتوحد أنفسهم، وهذه الاختلافات مقترنة بالأعراض المختلفة التي لوحظت سريريًا. ”بنحو ملموس، تمكنا من مساوقة عَرَضٍ معين مع بيانات معينة في مخطط كهربية الدماغ“. ”لذا، فإن ما رصدناه على المستوى السريري من خلال الاستبيانات أو التقييمات السلوكية متساوق «متلازم» فعليًا بأضرار بيولوجية عصبية neurobiological محددة في الدماغ“ كما تضيف البروفسورة شاير.

تقسيم «تجزئة» طيف التوحد واعدة

تمثل دراسة جامعة جنيڤ خطوة مهمة إلى الأمام في فهمنا لاضطراب طيف التوحد لأنها أخيرًا زودت باحثي علم الأعصاب بالوسائل اللازمة لتقسيم عدم التجانس «التباين» الكبير لأعراض التوحد بمؤشرات موثوقة.

الحجم الاستثنائي للمجموعة المشتركة في الدراسة يجعل هذه الدراسة فريدة من نوعها. بقي الفريق عدة سنوات يعمل على وضعها معًا واستيعابها بدعم من المؤسسة الوطنية السويسرية للعلوم وNCCR-Synapsy، مع مؤسسة بول للتوحد Fondation Pôle Autisme. حجم العينة الكبير لا يعني فقط أنه من الممكن الحصول على نتائج موثوقة جدًا، بل زودتنا أيضًا بمؤشرات قيمة للحد الأدنى لعدد المطلوبين للفحص للتعرف على الاختلافات التي تصف طيف التوحد. الحسابات التي أجراها اللاعبون الرئيسيون المشاركون في الدراسة أثبتوا أنه ستكون هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 20 إلى 25 فردًا لتحديد كل هوية سريرية لتكون قادرة على تمثيل الطيف الكامل لاضطرابات التوحد وكشف الاختلافات بينهم وبين أولائك الذين ليس لديهم توحد.

البروفيسورة شاير متحمسة جدًا لمستقبل البحوث والعلاج: ”سيؤدي هذا التقسيم «التحزئة» إلى تحسين تشخيص وتوصيف الخصائص «البروفيلات» المختلفة للأطفال. كما أنه سيساعد في تقييم تأثير العلاجات الحالية والمستقبلية بمؤشرات موثوقة، وعلى وجه التحديد لتوجيه تطوير علاجات نحو الشبكات العصبية المعنية بطيف التوحد“.


​الشكل «© UNIGE / SCHAER»: حالات الدماغ الخمس الأساسية التي فحصت أثناء الدراسة باستخدام تسجيلات تخطيط كهربية الدماغ لدى أطفال ما قبل المدرسة. تُعرف باسم الحالات المكروية microstate، ويمكن تمثيلها بخرائط نشاط الدماغ ABCDE، والتي يمكن رؤيتها في الشريط السفلي من الرسم البياني. الترتيب الذي تظهر به وديناميات الحالة B متأثرة لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد مقارنة بالأطفال الطبيعيين من نفس العمر.

مصادر من داخل وخارج النص

[1] - تأخذ اللاحتمية indeterminacy والغموض uncertainty في اضطراب التوحد شكلين - شكل بين الأشخاص يفيد بوجود اختلافات أساسية بين المشخصين بالتوحد، والشكل الثاني يتمثل في الشخص المشخص بالتوحد نفسه حيث لا يوجد عامل واحد قادر على تفسير جميع سمات التوحد. " ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان

https://www.tandfonline.com/doi/full/10,1080/09505431,2016.1238886

[2] - https://www.nature.com/articles/s42003-021-02494-3

المصدر الرئيس

https://nccr-synapsy.ch/news/13411/