آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

في يومِ المعلم: إن شاء الله ما نسيتم المعلمين والمعلمات!

قبلَ أن نغتبطَ بذكرى المعلمين ونشكرهم، نغتبط بذكرى أول وأعظم معلِّم ونشكره، ألا وهو النبيّ محمد، صلوا عليه وآله ﴿كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون .

كان يوم أمس، الخامس من شهرِ أكتوبر، يوم المعلم العالمي، ولن يفوتني تذكر وشكر عدّة أجيالٍ من المعلمين نحتوا بجهدهم شخصيَّة كل تلميذٍ وطالبٍ للعلم. سيظل شكرنا لهم متواصلًا مدى الحياة. هؤلاء المعلمين والمدرسين - ذكورًا وإناثًا - يحق لهم أن ينتظروا منا الشّكر والتَّقدير، وعدم نكرانِ الجميل. قمنا لهم في الماضي حيث كانت العصا حاضرةً في أيديهم، كانوا قساة - بلطف - ونقوم لهم اليومَ حيث اختفت العصا، ولم تغب المكانة والهيبة. طيَّبَ اللهُ ثرى من ماتَ منهم، وأطالَ في أعمارِ من بقي.

في سنواتِ دراستنا الأولى انتظمنا في المدارسِ الابتدائيّة دون تحضير، في رياض أطفال وغيرها، فكان الخوف من المدرسةِ والمدرّس رفيقًا لنا، وارتعاش اليدين عند الإمساكِ بالطباشير البيضاء سمةً لازمةً لأكثَرنا. فما كان من المعلمين إلا إسناد أيادينا المرتعشة، وتَطمين قلوبنا المرتعبة.

كم بودي اليوم أن أقبِّل جبينَ وأيادي من بقيَ منهم على قيدِ الحياة، حيث جاءوا آنذاكَ من مختلفِ البلدان العربيَّة والاجنبيَّة، قبل أن يصبح المعلمون من أبناءِ الوطن. وكم أتمنى أن ننشرَ ثقافةَ احترام المعلم، ونوصلها إلى فلذاتِ أكبادنا لنعرفهم بدور المعلم، كي لا يضعف ذلك الدور ولا تقل مكانة المعلم، مهما كان.

أجزم، لولا فضل المعلم علينا - كلنا - لما كتبتُ أنا ولا قرأتَ أنت. من منَّا لا يذكر معلمًا أو أكثر فتحَ له بابًا أو دلَّه على بابٍ أنارَ له آفاقَ مستقبله؟ اليومَ نقومُ لهم، ونقول لهم: شكرًا لكم - كلكم - على ما علمتمونا وأدبتمونَا، وكنتم أفضلَ آباءٍ لنا. أنا لن أنسى أبدًا ما حييت، ذلك المعلم الذي حضرَ منزلنا دونَ طلبٍ من أحد - فقط ليرجو من أهلي إعادتي للمدرسة - حين تخلفتُ عنها دون عذرٍ في سنواتِ الطفولة. لقد كان بحق الشعلةَ التي احتجتها لكي أواصلَ التعليم، فله الشّكر من أعماقِ قلبي.

تخيّلوا معي أجرَ المعلمين من الله: ”عن النبيّ صلى الله عليهِ وآله أنه إذا قالَ المعلمُ للصبيّ: قل: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال الصبيّ: بسم الله الرحمن الرحيم، كتبَ اللهُ براءةً للصبي، وبراءةً لأبويه، وبراءةً للمعلم“. فكيف بمن علمونا الحياةَ كلها في صفوفِ المدرسة، حين كان التعليم صعبًا وشاقًّا؟!

هل يوجد شكّ في قلوبكم أن المعلمَ إذا خانَ الأمانة، علينا أن نصلي صلاةَ الأمواتِ على مستقبل الأجيال، وإذا صارَ أمينًا انفتحت لنا كلّ الآمالِ بزواهِر الأمنيات، واشتعلت نيرانُ الإبداعِ في الأجيال؟ حقيقة، لا يوجد أوضح منها، حيث العلم يصنع الحياةَ والجهل يصنع الموت!

مستشار أعلى هندسة بترول